المحتوى الرئيسى

وفاء أحمد التلاوى تكتب: أطفال أسوأ حظا

05/01 22:27

الطفولة مرحلة مهمة جدا فى حياة أولادنا، ينبغى أن يعيشها أطفالنا كما ينبغى لهم من سعادة وهناء وجرى ومرح، حتى لو كانت حياة الأسرة التى يعيشون فيها بسيطة لا تملك إلا القليل كى تسد حاجاتهم الأولية. وهذا هو دور الأب والأم فى تنشئة أولادهم بعيدا عن أى تعقيدات أو مشاكل منذ الصغر، و لكننا الآن نجد أن أطفالنا يعيشون مشاكل الكبار، حتى إنك إذا نظرت إلى أعين بعض الأطفال تجد أن نظرتهم اختلفت كثيرا عما مضى، فتجد الطفل يفتقد السعادة ويبحث عنها حتى ولو عند أسرة أخرى، يجد بها الرعاية والحب، فلقد أصبح الطفل مختلفا، تشعر وكأنه أصبح أكبر فى السن مما هو عليه، يفتقد إلى الحب والحنان والرعاية الصادقة فى أسرته، ويتعامل مع باقى أفراد أسرته من إخوة بالندية، لأنه إذا لم يفعل ذلك يجد نفسه ضائعا فى وسطهم، لا يحصل إلا على القليل فى كل شىء، فيصبح طفلا أنانيا يريد أن يحصل على كل شىء، ويأخذ كل شىء لنفسه، وأنه لا يجد من يساعده فى أسرته وذلك لانشغال جميع أفراد الأسرة بمشاكلهم، ولا يشعرون به ولا بمشاكله التى يعانى منها. فالإخوة الكبار مشغولون بجهاز الكمبيوتر الذى يقضون أوقاتهم كلها أمامه، وليس عندهم الوقت لكى يعطونه لإخوتهم الصغار، ولو القليل من الدقائق، ولقد سألت بعض الشباب هل يقومون برعاية إخوتهم الصغار ويلبون لهم ما يطلبونه منهم أو يقصون عليهم بعض القصص الجميلة التى تنمى خيالهم؟ فكانت الإجابة لا طبعا، لأنهم ليس عندهم الوقت الذى يضيعونه معهم، وكذلك طبعا الأب والأم اللذان انشغلا بعمليهما كى يحضرا المال لهم لتلبية طلباتهم الحياتية من مأكل و مشرب وغيره. و نسوا أهم دور لهم وهو تربية النشء تربية دينية سليمة والاهتمام بهم من الناحية النفسية والأخلاقية كى يخرجوا للمجتمع شخصية سوية وليست مريضة يعانى منها المجتمع والأهل، فإن السنوات الثلاث الأولى فى حياة الطفل تمثل أهمية كبرى فى حياته وتشكل دورا كبيرا فى تكوين شخصيته، فيجب على الأسرة كلها أن تحيطه بالحب والحنان وعدم الإهمال وأن نناقش مشاكلنا الأسرية بعيدا عنهم حتى لا تختلف القيم عندهم، فالأب يقول شيئا والأم تقول عكس هذا الشىء، فكيف يعرف الصواب من الخطأ، و أيهما على صواب؟. و عندما يكبر قليلا و يدخل المدرسة نجد المدرسين يثقلون عليه بالواجبات المدرسية وحمل الكتب الكثيرة وخصوصا اليوم الذى يسبق يوم الإجازة، فمن حق الطفل أن يكون هذا اليوم إجازة حقيقية من جميع الواجبات المدرسية وليس العكس، كى يخرج مع والديه وأسرته فى نزهة صغيرة تخفف عنه تعب الأسبوع وتساعده على استقبال الأسبوع القادم بحب وسعادة، و هذا الدور يقع على عاتق المدرسين، مع الاهتمام (الحقيقى) بالأنشطة المدرسية المختلفة للترفيه عن الطفل. ويجب على الأم أن تقص على طفلها ليلا القصص الجميلة التى تساعده على نمو عقله وتنمى خياله الواسع وتزيد من قدراته العقلية وتفتحه وتحببه على عمل الخير وطاعة الله، فإن معظم أطفالنا اليوم لا يجدون هذه الرعاية، ولا يجدون أمامهم إلا الخلافات اليومية بين الأب والأم أو خلافات إخوتهم الكبار أمامهم، فكيف لهذا الطفل أن ينشأ رجلا سويا يعتمد عليه ويربى جيلا بعده، (ففاقد الشىء لا يعطيه). ونجد صورة أخرى لبعض الأطفال ممن اضطرتهم الظروف الأسرية الصعبة إلى العمل وهم أطفال، يحملون الهم وكأنهم رجال قبل الأوان، يلتزمون بمواعيد العمل ويرجعون إلى منازلهم مجهدين ومتعبين، يفتقدون طفولتهم ولكن لا أحد يشعر بهم، ويطلق الناس عليهم أسماء أخرى غير أسمائهم مثل (بليا صبى الميكانيكى) وأسماء أخرى تظل معهم حتى يكبروا. وهناك من هم أسوأ منهم حظا لا يجدون عملا، فيأكلون من صناديق القمامة، ولا يجدون من يعطف عليهم ويطعمهم وهؤلاء ينامون فى الشارع ويفترشون الأرض ويتعلمون من الشارع أخلاقهم ويشربون السجائر والمخدرات ويحرمون حتى من النفس النظيف، فكيف حالهم عندما يكبرون؟ وهم لم يعيشوا طفولتهم وكيف يخرجون للمجتمع بهذه الطفولة المشردة والمعذبة وبكل هذا العداء للمجتمع الذى أهملهم ولم يعتن بهم منذ الصغر، وهذا دور الدولة أن تحرص على تنشئتهم تنشئة جيدة، فهم رجال المستقبل وحماة الغد وهم ثروتنا الحقيقية التى يجب أن نحافظ عليها وهم من سوف نعتمد عليهم فى جميع أعمالنا، وهم أيضا من يعلمون أولادنا الخير أو الشر فى المستقبل. فيجب أن نحظى بأطفال أسوياء لا يعانون فى طفولتهم من الظلم سواء كان من الأهل أوالمجتمع وخصوصا فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد وحتى يكون الغد أفضل من اليوم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل