المحتوى الرئيسى

الشعب الفلسطيني يريد إعلان الدولة بقلم:د. أيمن أبو نـاهيــة

05/01 18:47

الشعب الفلسطيني يريد إعلان الدولة د. أيمن أبو نـاهيــة أستاذ الاجتماع والعلوم السياسية - غزة الشعب الفلسطيني عازم على إعلان دولته المستقلة وهو حق طبيعي لا جدال فيه، فقد اقر هذا الحق في أول قرار أممي رقم 181 بشان فلسطين لعام 1948 وتم تأكيده في عدة قرارات أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وبقيت جميعها حبرا على ورق منذ عشرات السنين؟ ماذا عن قرار رقم 194 الخاص بحق العودة أو التعويض الذي صدر في ديسمبر من عام 1948 أي قبل ستين عاما الذي ربما يكون حبره قد تلاشى وورقه قد تمزق؟ وماذا عن قرار 242 الصادر في نوفمبر من عام 1967عن مجلس الدولي نفسه، أي قبل أربعين عاما ونص على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي تم احتلالها في حرب هزيمة حزيران 67 ولاقى نفس المصير؟ والعديد من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بصدد قضايا عالمية عديدة ولا زالت هذه القرارات تراوح مكانها بسبب رفض دولة الاحتلال الإسرائيلية الغير مبرر للإقرار بهذا الحق كذلك رفضها حتى للاتفاقيات التي أبرمتها مع الجانب الفلسطيني على رأسها اتفاقية أوسلو لعام 1993. والآن يتطلع الشعب الفلسطيني مثله مثل باقي شعوب العالم إلى حقه في إنشاء دولته المستقلة على أرضه كي يعيش بأمن وسلامة مع بلدان الجوار. فقد ناشد الشعب الفلسطيني بقيادته دول العالم والمنظمات الدولية بما فيها مجلس الأمن الدولي الاعتراف بحقه في تقرير مصيره وإنشاء دولته الفلسطينية وها هو اليوم يطالب بحقه الشرعي لإعلان دولة فلسطينية المستقلة ضمن حدود عام 1967 من طرف واحد، أي من الطرف الفلسطيني بدون انتظار موافقة الطرف الإسرائيلي، بعد أن تغاضى عن حقه الذي اقره المجتمع الدولي لتقسيم فلسطين بين العرب واليهود في عام 1948، وبعد أن قدم نموذج عظيم لالتزامه بالاتفاقيات التي وقعها مع الطرف الإسرائيلي على مدار العشرين سنة الماضية من المفاوضات رغم المضايقات الاستفزازية والقوانين الاحتلالية الخانقة وبناء المستوطنات و الحواجز العسكرية وعمليات التهويد والقتل والدمار والاعتقالات والمداهمات اليومية وصبره على مماطلة الحكومات الإسرائيلية في تنفيذ ما تم الاتفاق والتوقيع عليه بالانسحاب من المدن والمناطق الفلسطينية. كل هذا كان له جواب واحد من قبل الطرف الإسرائيلي وهو إفشال مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة، لكن إصرار الشعب الفلسطيني بقيادته على حقه في إنشاء دولته ولو من طرف واحد حتى وان فهم هذا الحق في بعض الأحيان على شكل التهديد للطرف الإسرائيلي في حالة استمراره في المماطلة المصاحبة بتصعيد بناء المستوطنات الجديدة تحت مسمى ( النمو الطبيعي )، متناسيا أن هذا النمو غير شرعي ومخالف للقانون الدولي الإنساني لأنه قائم على أراضي فلسطينية أو تم تجريد الفلسطينيين من أراضيهم وإنشاء عليها مستوطنات، كان على دولة الاحتلال بدلا من ذلك ولإثبات حسن نيتها وصدقها للعملية السلمية تنفيذ ما التزمت و وقعت عليه من اتفاقيات مع الجانب الفلسطيني حتى تقام الدولة الفلسطينية المستقلة نهاية عام 2005 حسب اتفاقية أوسلو عام 1993. لكننا اليوم أمام واقع احتلالي عنيد يرفض قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، لان دولة الاحتلال الإسرائيلية تتحكم في كافة أمور الفلسطينيين بقفل قطاع غزة برا وبحرا وجوا، وتكاد لا تتوقف توغلاته يوما واحدا في كافة مدن وقرى الضفة الغربية من اعتقالات إلى تصفيات جسدية إلى تهويد إلى مصادرة الأراضي والممتلكات والسيطرة على المياه إلى تضيق الخناق على التجار والمزارعين الفلسطينيين ومنعهم تصدير منتجاتهم وحرمان العمال من العمل إلى بناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري والحواجز العسكرية التي لا عد لها ولا حصر. ناهيك عن عدم استجابة دولة الاحتلال لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بل أصدروا تهديدات علنية وعنيفة للجانب الفلسطيني إن هو أقدم على هذه الخطوة أي إعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد بقطع التحويلات المالية التي تعود للسلطة الفلسطينية بموجب الاتفاقات الموقعة بين الطرفين المتعلقة بالتعرفة الجمركية وأكثر من هذا بأن الجيش الإسرائيلي سيعيد احتلال مناطق خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية. المهم الآن كيف سنتعامل مع هذا الواقع، أو ببسيط العبارة ما هي المشاكل وما هي الحلول التي يجب الأخذ بها؟ والحقيقة هناك جملة من الأمور التي أود طرحها في هذا السياق وهي: المشكلة الأولى أجدها فينا نحن كفلسطينيين نحن منقسمون على أنفسنا وكلمتنا للأسف غير موحدة وهذا بحد ذاته مشكلة تؤثر تأثير مباشر على قضيتنا ومشروع الدولة الفلسطينية المستقلة، لذا يجب علينا قبل كل شيء أن نتوحد ونتصالح وننهي الانقسام بأي شكل كان فاليد الواحدة لا تستطيع التصفيف لوحدها ففي توحدنا قوة وفي تفرقنا ضعف لنا ولقضيتنا العادلة فبدلا من أن نكون أصحاب الحق نصبح أما المجتمع الدولي منقسمين لهذا الحق وهذا من شأنه يسقط عنا ما شرعه لنا القانون الدولي الإنساني كشعب موحد وصاحب قضية عادلة، ولنا في التاريخ عبرة بان الشعوب لم تنال استقلالها إلا بعد توحدها، إذن علينا أن ننهي الانقسام ونتوحد في مطالبنا وحقنا في إنشاء دولتنا وإلا ستتداعى علينا الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها. المشكلة الثانية أجدها في التقصير العربي لنصرة القضية الفلسطينية بما أن فلسطين الآن هي أرض محتلة وان الفلسطينيين لم يصلوا بعد لمرحلة دولة محتلة كما هو حال العراق الآن وكما كان حال الدول العربية أثناء حقبة الاستعمار لها حدودها المعترف بها والسبب في ذلك هو تآمر العرب على القضية الفلسطينية، مثلا قام العرب بعد النكبة مباشرة بتجاهل نتائج مؤتمر غزة وإعلان حكومة عموم فلسطين في ذلك المؤتمر عام 1948 الذي ضم قيادات ونخب فلسطين ورؤساء بلديات ومجالس محلية وقروية ورؤساء اللجان القومية والأحزاب والغرف التجارية والهيئات الشعبية والنقابات وعدد من الزعماء المحليين وأعلن استقلال فلسطين ودستور فلسطين. واليوم التاريخ يعيد نفسه العرب لم يدعموا فكرة قيام الدولة الفلسطينية وليس لديهم استعداد بإلزام دولة الاحتلال وحلفائها الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعمل على قيام دولته المستقلة ولو أرادوا ذلك لصمموا على فعل هذا في أوائل السبعينات حين لم يلتزموا طويلا بقطع النفط كوسيلة ضغط على دولة الاحتلال والغرب للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. كما أن الأنظمة العربية غير جادة في إصلاح ذات البين وإنهاء الانقسام الفلسطيني، خزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة وها هي الثورات التي تطاردهم وتفضحهم الآن ما هي إلا عقاب لهم في الدنيا. أما المشكلة الثالثة أجدها في المجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين تجاه القضية الفلسطينية وهذا معروف كما ذكرت منذ بداية القرارات الأولى التي صدرت عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي بقيت حبر على ورق (حكم بعدم التنفيذ) وان كان هناك بعض المطالبات من هنا وهناك إلا أنها سرعان ما تتباطأ وتتلاشى مع مرور الزمن بسبب عدم جديتها أو أنها تكون على شكل دعابة لا مصداقية لها وتعطي دولة الاحتلال مزيد من الوقت للاستمرار في سياستها التهويدية والاحتلالية وتكريس الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تحول دون إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، والسبب في هذا ارجع واكرر فينا نحن الفلسطينيين والعرب ويجب أن نلوم أنفسنا قبل أن نلوم الغير، فلو انهينا انقسامنا الداخلي وتوحدنا نحن الفلسطينيين أصحاب القضية وان نستغل حدث التغيير الحاصل للأنظمة العربية السابقة المتآمرة كي تؤازرنا وتدعم قضيتنا ونضالنا بالوقوف جميعا يد واحدة أمام التعنت الإسرائيلي وسياسة الكيل بمكيالين سنحصل أجلا أم عاجلا على اعتراف بحقنا الطبيعي في إنشاء دولتنا المستقلة. لكن ما حدث أمس الأربعاء من تقدم في ملف المصالحة بين فتح وحماس في القاهرة هو في حد ذاته خطوة في الاتجاه الصحيح وكنا ننتظر هذه اللحظة بفارغ من الصبر منذ أربعة سنوات من الانقسام المرير ونتمنى أن يكلل هذا الاتفاق بالنجاح وتعود المياه إلى مجاريها وتعود اللحمة الوطنية، فكما قلت في مقال سابق، انه لا بد من اتخاذ هذه الخطوة بالتنازل قليلا عن بعض المطالب من كلا الطرفين التي تحول دون إتمام هذا الاتفاق، والحقيقة أننا لمسنا بداية الأمر هذا في تصريحات الرئيس أبو مازن حين ذهب إلى ابعد الحدود وتغاض عن كل العقبات بعزمه الذهاب إلى غزة لإنهاء الانقسام ونيته الأكيدة بالمصالحة كي يثبت للجميع أن المصلحة الوطنية أسمى من أي اعتبار آخر ويكون بذلك قد قطع ثلثي الطريق لإتمام جهود المصالحة وهذا بالفعل قد مهد للثلث الآخر أمس أمام الطرفين في القاهرة للاتفاق المبدئي على إنهاء الانقسام والذي أهم ما نص عليه هو تشكيل حكومة وطنية انتقالية وبعد عام تجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية في جميع الأراضي الفلسطينية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل