المحتوى الرئيسى

نحو "جامعة للشباب الثوري العربي"!بقلم:جواد البشيتي

05/01 18:42

نحو "جامعة للشباب الثوري العربي"! جواد البشيتي الحراك الشبابي ـ الشعبي العربي، والمنظَّم بما يكفي لجعله واسعاً، متَّسِعاً لاتِّجاهات وميول وانتماءات ووجهات نظر مختلفة، يتواضع أصحابها جميعاً على جملة من المطالب والشعارات الشعبية العامَّة، والمنظَّم، أيضاً، في طرائق وأساليب ووسائل لم تَعْتَدْها، ولا تتقنها، الأحزاب السياسية؛ لكونها تتنافى وطريقتها المعتادة والمألوفة والقديمة في خوض الصراع، ما زال (أي هذا الحراك) ديمقراطياً، يخلو، أو يكاد أنْ يخلو، من المطالب والشعارات القومية العربية، ولم يتخطَّ بَعْد، في تنظيمه، حدود الدولة العربية التي تشهده، وإنْ رأيْنا كثيراً من "التفاعل الرُّوحي" بين الثورات الشعبية الديمقراطية العربية، وكثيراً من التأثُّر الشعبي الثوري العربي بالمثالين الثوريين التونسي والمصري. من قبل، أي قبل ثورتي تونس ومصر، رأيْنا كثيراً من "الحراك الشعبي"، القومي أو الديني (الإسلامي) الاتِّجاه؛ قليله كان عفوياً، وأكثره نظَّمَتْهُ الأحزاب، أو بعض أنظمة الحكم العربية، بما تملكه من قوى ووسائل للحشد الشعبي، على هيئة مسيرات شعبية؛ ولقد استأثرت "فلسطين" بحصَّة الأسد من "الحراك الشعبي القومي"؛ أمَّا الديني أو الإسلامي الطابع منه فكان من قبيل الدفاع عن الكرامة والمشاعر الدينية الإسلامية؛ وبدا أنَّ "الديمقراطية"، بمطالبها وشعاراتها التي تملأ الشارع العربي الآن، ليست بالقضية التي تجتذب إليها عقول وقلوب المواطنين العرب واهتماماتهم؛ وكأنْ لا صوت يعلو صوت "المعركة القومية"، التي كانت معارك عدة، الأُمُّ منها "معركة فلسطين". لقد ساد "الحراك الشعبي القومي" زمناً طويلاً، أو عشرات السنين؛ والآن نرى السيادة لـ "الحراك الشعبي الديمقراطي"؛ وكأنَّ الشعوب العربية اكتشفت أمرين في منتهى الأهمية، الأوَّل هو أنَّ نيلها حقوقها الديمقراطية، وتحرُّرها النهائي من الاستبداد والدكتاتورية والرؤساء الأبديين المورِّثين أبناءهم الحكم، هما "مهمَّة الساعة"، والثاني هو أنَّ "المجتمع الحر الديمقراطي" أكفأ، وأكفأ كثيراً، من غيره في الصراع القومي، وفي السعي إلى نيل حقوقه القومية، والانتصار لقضاياه القومية. وأحسبُ أنَّ شعوبنا التي غلَّبت الآن "حراكها الديمقراطي" على "حراكها القومي" ستكتشف عمَّا قريب، ومع إنجازها مهمَّات الثورة الديمقراطية التي كانت ثورة تونس الشرارة لها، أنَّ حراكها الشعبي المقبل (الثالث) هو الذي يندمج فيه، ويتَّحِد، "القومي" مع "الديمقراطي"، من المطالب والشعارات والقضايا. إنَّ ما يشبه "جامعة عربية جديدة"، تُمثِّل الشعوب العربية، ويتوفَّر الشباب الثوري العربي على تأسيسها وتطويرها، هو ما تشتدُّ إليه حاجة الأمَّة العربية الآن، أو من الآن وصاعداً، فالضغط الثوري (الديمقراطي والقومي) لـ "الشارع العربي" يجب أنْ يستمر، ويُنظَّم، وأنْ يشمل مستقبلاً، أو عمَّا قريب، الإقليم العربي كله. وهذا إنَّما يعني أنْ تتولَّى هذه الهيئة الشعبية العربية الجديدة، والتي تضم ممثَّلي الشباب الثوري في البلاد العربية كافة، تنظيم الحراك الشعبي المتزامِن، على المستوى القومي، في الطرائق والأساليب والوسائل نفسها، فإنَّ تَوافُق أعضاء هذه الهيئة على مطلب قومي ما يمكن، ويجب، أنْ يُتَرْجَم عملياً بالدعوة إلى الاعتصام المتزامِن للشباب الثوري العربي في العواصم (والمدن) العربية كافة، أو في قسم كبير منها، مع جعل هذا الاعتصام مُبْتدءاً لضغط شعبي مستمر ومتعاظم ومنظَّم حتى تُلبِّي الحكومات والدول هذا المطلب؛ فإنَّ هذا "الاختراع الثوري العربي الجديد"، والذي كانت له مساهمة كبرى في انتصار الثورتين التونسية والمصرية، على وجه الخصوص، لن تُسْتَنْفَد أهميته الثورية بإطاحة نظام الحكم العربي الاستبدادي هذا أو ذاك أو ذلك، ويجب الاستمساك به، وتطويره؛ لأنَّ الأُمَّة لديها من الأسباب والدواعي التاريخية للثورة ما يجعلها في حاجة إلى ثورة تَلِد ثورة، أو إلى "ثورة دائمة"، تختلف أهدافاً وغايات ومطالب وشعارات وطرائق..، باختلاف درجاتها وأطوارها، فالأُمَّة الحُرَّة الديمقراطية، التي تتَّحِد شعوبها ودولها في "اتِّحاد عربي"، تظلُّ هي الغاية العظمى التي حان لها أنْ تَظْهَر بعد طول كمون، وأنْ يتوفَّر الشباب العربي الثوري على كَسْوِ عظام هذه الغاية لحماً، ومزيداً من اللحم. حان لهؤلاء الشباب أن يلتقوا ويجتمعوا ويتحاوروا، وأنْ ينسِّقوا جهودهم ومساعيهم، وأنْ ينتظموا في الطريقة نفسها، أي بما يجعلهم إطاراً واسعاً، يتَّسِع لكل المختلفين؛ لكن المُتَّفِقين على جملة من المطالب والشعارات الشعبية العامة، وأنْ يتصاعدوا في التنسيق والتنظيم، وصولاً إلى ما يشبه "جامعة عربية جديدة"، لها من الخواص والسمات ما يجعلها جنيناً لاتِّحاد عربي، يشبه قليلاً أو كثيراً، "الاتحاد الأوروبي"، فهذه الأُمَّة لا خلاص لها، ولا لأيِّ شعب من شعوبها، أو دولة من دولها، إلاَّ بالديمقراطية، والاتِّحاد. ولا شكَّ في أنَّ ثورتي تونس ومصر، وغيرهما من الثورات العربية، قد حرَّرت كثيراً من "طاقة الوحدة القومية" لدى الشعوب العربية، والتي ظلَّت حبيسة زمناً طويلاً في زنازين أنظمة الحكم الدكتاتورية العربية، وزنازين العصبيات المُفْسِدة (لا بل المعادية) للانتماء القومي العربي، فتأكَّد وثَبُت أنَّ مزيداً من الديمقراطية يُولِّد، عربياً، مزيداً من الرُّوح القومية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل