المحتوى الرئيسى

مجد خلف يكتب: وحدة الهمّ !

05/01 10:16

فى الفترة الأخيرة بدا واضحا لكل ذى عقل، أن مقومات وحدة العرب قد زادت مقوما هاما كان العرب غافلين عن وجوده، كانت هذه المقومات ــ كما تعلمنا ــ هى وحدة اللغة ووحدة التاريخ ووحدة المصير ووحدة الدين والوحدة الجغرافية، والآن زاد عليها وحدة الهم، فقد اتضح أن هم الشعوب العربية واحد، ومعاناتها واحدة، فالحكام على اختلاف أنظمتهم السياسية وعلى تنافر طباعهم، توحدوا على صفة الديكتاتورية وتوحدت شعوبهم عبر نصف قرن على الخضوع والصمت، وهذا التوحد عند طرفى الحكم؛ حكاما ومحكومين؛ شكل الوحدة الحقيقية لدول الوطن العربى من محيط القهر إلى خليج الظلم، من مراكش الصمت إلى يمن الخضوع، من عراق الاستكانة إلى مصر وسودان الرضا بالمقسوم والتقسيم، إلى سوريا العجز والصمود النظرى! كلما وليت وجهك إلى عاصمة عربية وجدت ظلما عمره؛ ويا للغرابة؛ من عمر الدولة العبرية! فهل ثمة علاقة بين هذا الخضوع الغريب للشعوب وبين قيام هذه الدولة العنصرية( الديموقراطية) فى خاصرة الوطن العربى؟ إذا سألت أى مواطن من الثلائمائة مليون عربى عن رأيه فى قيام إسرائيل على أرض فلسطين، فسيكون الرد حتما أنه يتمنى زوالها، من أصغر عاقل إلى أكبر معمر، الكل يتمنى أن يرى اليوم الذى تزول فيه دولة الظلم، وعبر ثلاث وستين سنة تحولت كل الدول العربية إلى دول الظلم عماد نظمها السياسية، والرضى بالتقسيم هو أساس قيام هذه الأنظمة، وترسيم الحدود بالمسطرة والقلم مع زرع بعض الدمامل على هذه الحدود المرسومة هو الذى فرق دولة العرب وشق لسانها إلى ألسنة متعددة لا يكاد يفهم بعضها بعضا، إذا تحدث كل بلهجته، ولا غرابة فقد تعلمنا أن اليهود يتبنون لتحقيق مآربهم مبدأ فرق تسد، فكان أن سعت القوى الدولية الاستعمارية إلى تخريب أرض وإرث الدولة العثمانية، فاتفق عام 1916 الفرنسى فرانسوا بيكو والبريطانى مارك سايكس على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، بعد تهاوى سيطرة الإمبراطورية العثمانية فى الحرب العالمية الأولى، فمثلا سوريا استقلت ورسمت حدودها 1946 وفصل عنها لبنان الذى استقل ككيان مستقل عام 1943، وفى نفس العام ضمت الأقاليم السورية الشمالية ( الإسكندرونة) إلى تركيا، ووضعت كلها تحت الانتداب الفرنسى، أما الأردن فاستقل ككيان مستقل عام 1946، وفلسطين جلا البريطانيون عنها يوم 14 مايو عام 1948 وأعلن قيام إسرائيل على أرض فلسطين فى اليوم التالى فيما عرف بيوم النكبة. وهكذا كانت تدار الأمور منذ قيام ( المفرقة العربية) عام 1945 ، إذ يشكل مجلس قمتها مجموعة من الحكام لا هم لهم إلا الاحتفاظ بمقاعد حكمهم، ويبقون ملتصقين فى كراسيهم حتى يتوفاهم الموت، ولم يرد أى منهم عبر ستين عاما إلى أرذل العمر، وأصبح رئيسا أو أميرا سابقا بمحض إرادته، فكأن أنظمة الحكم فى الدول العربية التى تجمعها المفرقة كانت زواجا كاثوليكيا غير قابل للطلاق! وفى الوقت الذى كانت تزهو فيه حكومات إسرائيل المتعاقبة بأن إسرائيل هى واحة الديموقراطية فى المنطقة، كان الحكام العرب الأبديون يمارسون أبشع صنوف القهر على أبناء شعوبهم، وكأنهم يستمدون سلطاتهم من السماء ليحكموا بها أهل الأرض، ضاربين عرض الحائط بكل مقومات الوحدة العربية، فلا عملة موحدة ولا اتفاقيات توظيف واستخدام عمالة، ولا سوق عربية مشتركة ولا وحدة دفاع عربى مشترك ولا وحدة هدف ولا وحدة عدو ولا وحدة جغرافية، وإنما برعوا جميعهم فى توحيد الشعوب العربية فى بوتقة هم واحد. و لكن لأن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، فقد عرفت الشعوب طريقها، فاندلعت الثورات متزامنة فى عدة بلدان عربية فى تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا والحبل على الجرار، كلها تنادى بصوت واحد: (الشعب يريد إسقاط النظام)، وقد يتبادر إلى أذهان البعض تدخل الأجندات الخارجية والمؤامرت الدولية فى سبب تزامن اندلاع هذه الثورات فى وقت واحد، وقد يكون هذا صحيحا بدرجات متباينة، ولكن يبقى السبب الأساسى فى هذا التزامن العجيب هو (وحدة الهم)، وما فرقه الاستعمار أوائل القرن العشرين بتعيين الحكام الموالين لينفذوا مخططاته، سيوحده إن شاء الله هم الشعوب العربية فى أوائل القرن الحادى والعشرين، وستزول بإذن الله دولة الهم الأكبر لكل دول المنطقة (إسرائيل).

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل