المحتوى الرئيسى

العَمَل الهِبَاب في حَركَات الشَّبَاب ..!

05/01 03:06

أحمد عبد الرحمن العرفج بَين فَترة وأُخرى تَأتيني رَسائل مِن أخوَات وقَريبات، يُطالبنني فِيها أن أكتب شَيئاً عَن بَعض الشَّباب، ومَا يُعانون مِن ازدواجيّة بَين الشَّكل والمَضمون، بحيثُ تَجد الوَاحد مِنهم شَكليًّا يَتمتَّع بأرقَى مَظاهر الحَدَاثة، ولكنَّه في دَاخله وفي مُحتوياته مُتمسِّك بكُلِّ قِيَم البَدَاوة والقَدَامة..! وفي ظَنِّي -الذي لا يُؤدِّي إلى الإثم- أنَّ هَذه لَيست ظَاهرة تَخصُّ شَباب مَنطقة بعَينها، وإنَّما هي ظَاهرة تَجدها في كُلِّ الأنحَاء السّعوديّة، لذلك سنَتَّجه إلى التَّعميم، ونُطلِّق التَّخصيص..! تَقول إحداهنَّ: تَصوَّر يا أحمد أنَّ أكثَر الشَّباب يَستخدمون أفضَل وآخر موضَات العطُور الفرنسيّة، ويَركبون أفخم السيّارات الألمانيّة والأمريكيّة واليابانيّة، ويَقتنون أجمَل وأغلَى المَاركَات والمَلَابس الغربيّة، مِثل الجِينز والتي شيرت والقبّعة، وجِزم البيبري، ولكن عِندَما تَتحدَّث إليهم، أو تُناقشهم، تَفوح رَائحة البَداوَة والتَّقليديّة مِن أصوَاتهم..! وتُواصل هَذه الأُخت الحَديث قَائلة: تَصوَّر أنَّ أحد هَؤلاء الشَّباب يَستحي أن يَذكر اسم أُمّه لأحد، كَما أنَّه ضد عَمل المَرأة، وضد أن تَكون لَها شَخصيّة وكَينونَة، ويَقمع كُلّ أُنثى حَوله، أو تَقع تَحت سيطرته، في حين أنَّه قَد يُعجب بـ»إنجلينا جولي»، و»مادونا» و»هيلاري كلينتون»، وبقوّة شَخصيّاتهم واستقلاليّتهم..! ثُمَّ أضافت قَائلة: لقد رَأيتُ شَاباً يَلبس كُلّ مَلابس الحَدَاثة، مِن خَاتم برَّاق، وسَاعة سويسريّة تَلمع، وتي شيرت يصرع، وسيّارة «تلقّ» -أي تَسطع-، وحِذَاء أمريكي يَرفع، ومَع كُلّ هذه الإكسسوَارَات والمُوديلات والمَاركات يَقول: إنَّ المَرأة لَها ثَلاث خَرجَات، الأُولى مِن بَطن أُمِّها إلى الدُّنيا، والثَّانية مِن بَيت أبيها إلى بَيت زَوجها، والثَّالثة مِن بَيت زَوجها إلى القبر..! ثُمَّ زَادت هَذه الأُخت قَائلة: تَصوَّر أنَّ هَذا الرَّجُل يَتحدَّث الإنجليزيّة والفرنسيّة والإسبانيّة، ومَع ذَلك عِندَما يَتحدَّث عَن المرأة يَقول: الأُنثى -الله يكرمك- لَيس لَها إلَّا البيت، حيثُ تَكنس وتُرضع صغارها، وتُعِدّ الطَّعام، وتَغسل المَلابس..! حَسناً.. مَاذا بَقي..؟! بَقي القَول: إنَّ صَدمة الحَضارة –مَع الأسف- جَاءتنا ونَحنُ أغنياء ومَشغولون بالطَّفرة، لذلك لَم يَكن لَدينا وَقت لمُحاسبة قَناعاتنا، ومُراجعة أفكارنا، بل إنَّنا تَمتّعنا بهَذه الثَّروة، وبَدأنا نُسوّقها عَلى أنَّها خَير القَناعَات، وأفضل المُنتجات، وخَير مَا يُمثِّل هَذا التَّناقُض هو أنَّك تُشاهد قَصراً فَخماً كُلّه مِن الرُّخام والسيراميك، ويَغصُّ بالأثاث السّويسري، ومَع ذَلك تَجد في دَاخله خيمة مِن الشَّعر، بدَاخلها مَكان لشبّ النَّار، وأدوات الدلّة والشَّاي، لتَبدو الصورة وَاضحة، حين تُفرّق بين النّمو والتَّنمية، ولقد صَدق نَزار قَبّاني عِندَما قَال في إحدى قَصائده: خُلَاصَةُ القَضِيَّةِ تُوجَزُ فِي عِبَارَة لَقَدْ لَبِسْنَا قِشْرَ الحَضَارَة والرّوحُ جَاهِلِيَّة! *نقلا عن "المدينة" السعودية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل