المحتوى الرئيسى

فض الجموع بخطب مسيلة للدموع بقلم:م.طارق القرم

04/29 20:23

فض الجموع بخطب مسيلة للدموع =================== لا يختلف إثنان على أن الوضع الأمني في أي بلد هو الشغل الشاغل لكل من يهمه مصلحة هذا البلد .. وأن نعمة الأمن والأمان تسبق الرغيف منذ قديم الزمان .. ولا يشعر بتلك النعمة إلا من فقدها و مرت عليه ساعات الرعب في أحلك صورها كأنها سنوات . ومصر في الشهور الأخيرة خرجت من عنق زجاجة الظلم و الإستبداد و القهر والفساد إلى فناء واسع استنشقت فيه هواء الديمقراطية و سطعت عليها شمس الحرية بعد طول غياب. وللأسف الشديد .. قايض النظام السابق المصريين على أمنهم وسلامتهم نظير بقائهم على عرش الحكم وأشعرونا بأن مغادرتهم للكرسي سيعقبها سرقات و جرائم و نهب و سلب وحرائق و إغتصاب و سرَّحوا سدنتهم ومرتزقتهم ليضربوا من الشعب كل بنان ويشعرونا بحاجتنا الملحة للتشبث بالأمن والأمان حتى ولو ذقنا الذل والهوان . ولقد كانت وزارة الداخلية في العهد السابق تسير على سياسة تجفيف المنابع و درء الشبهات لأي خطر قد يهدد أمن الدولة .. (أعتذر) .. أقصد يهدد أمن "الحاكم" . فامتلأت السجون بالحابل والنابل و عذبوا الجميع وأرهبوا الشيخ و الرضيع و لم يكن يهم أحداً منهم آنذاك شيئٌ آخر سوى أمن السلطة وبالتالي أمن البلاد من وجهة نظرهم . وأعتقد أننا في هذه الأيام نعيش نقيضاً أراه أيضاً غير مقبول من جراء فتح الأبواب على مصراعيها لتعود الشرطة إلى الساحة مرة أخرى على استحياء بعودٍ مشوبٍ بالترقب والقلق على من تسول له نفسه منهم للتعامل بعنف مع أي من أفراد الشعب . لأن الشعب لن يرضى بالظلم بعد ذلك ولم يعد يتجرع سموم الرمي في السجون والإعدام و المحاكم العسكرية بعد اليوم .. والجميع يعرف هذا وأولهم الشرفاء الذين استلموا راية تسيير الأعمال والمجلس العسكري الذي صالح الشعب في جميع المناسبات منذ أن تبادلوا الورود جميعاً وسمحوا بكتابة رغبات الشعب في إسقاط النظام على الدبابات منذ فجر الثورة في يناير 2011 . وحتى يومنا هذا ونحن نجد الجيش والشعب يداً واحدة وسعدنا كثيراً بهذا . ثم جاءت الداخلية الجديدة تحت إمرة وزراة بها كوكبة من أكفأ الإستشاريين في تاريخ حكومات مصر من حيث الأمانة و الحرفية في طرح المشكلات و طريقة حلها ولكنهم للأسف دخلوا جميعاً في عنق زجاجة أخرى لم تكن في الحسبان ليتعاملوا مع الملايين من البسطاء الطيبين من فئات الشعب الكادحة التي عانت الأمرين من لسعات سياط الداخلية السابقة و الوزارات المتعاقبة على مر العصور وفي نفس الوقت اصطدموا بمجموعة من الإنتهازيين و الوصوليين ممن سلبناهم منافع كثيرة عند مغادرة النظام الفاسد ومجموعة ثالثة من الذين ضاقوا ذرعاً بالصمت الرهيب و يريدون أن يعبروا عن آرائهم و غضبهم بكل أنواع الطرق الشرعية وغير الشرعية للحصول على مطالب من حقهم يستعجلون الحكومة في تأمينها بأسرع وقت. أتخيل أننا الآن نتوسل إلى كل من يتجاوز إشارة المرور ونتحاور معه ونحاول أن نثقفه ونعلمه .. أتخيل الشرطي يقول له (هذه المرة ستمر على خير ولكن المرة القادمة قد تقتل رجلاً يعبر الشارع وقد تلاقي عقاباً لن يرضيك) . وأصبح ضابط المرور يتعامل مع الناس بابتسامة عريضة و ضابط الأمن يرجو المعتصمين على قضبان القطارات لكي يفسحوا الطريق لها لتمرر التموين والغذاء إلى شعب الصعيد الذي عانى من إعتصامهم عدة أيام . ولم تعد فكرة فض الإعتصامات (وأقصد المضر منها أو غير السلمي) بالقنابل المسيلة للدموع التي تذكرنا بالفساد والعهد القديم واستبدلناها بالخطب المسيلة للدموع في إطار الإستجداء و استدرار العطف والشفقة بإرسال الحكماء الذين يلقون عليهم الخطب ليغادروا المكان بلهجة الإستعطاف المبالغ فيها . وقد يسألني سائل .. ماذا تريد أن تقول بالضبط ؟ أتود أن نعود للزمن (العادلي) الذي انتهينا منه وطرحناه أرضاً و سعدنا برحيله بأسلحته المسلطة على رقاب جميع أفراد الشعب . وهنا أقولها بصوت عالٍ .. لا وألف لا .. ولكن يجب أن يكون صوت القضاء فوق صوت الجميع كما وعدتنا الحكومة الجديدة ولتعيدوا هيبة الدولة مرة أخرى بمكانتها الحقيقية التي لا فصال فيها ولا مزايدة عليها . ويجب على الحكومة أن تعيد سياسة العقاب الرادع فوراً بحبس أو إعدام كل جماعة من المجرمين أو البلطجية قد تسول لهم أنفسهم أن يهددوا أمن أطفالنا وبناتنا و أسرنا بدون شائبة خوف أو قلق من أي نوع من إمتعاض يأتي من هنا أو إعتراض يخرج من هناك في أصواتٍ قد تخرج لتنادي بإحترام الأفراد والحوار معهم دون الرجوع لإستخدام سياط النظام الفاسد . وهنا تأتي المعادلة الصعبة التي يجب أن يفهمها الجميع ويأتي دور المثقفين و الإعلام لينشروها بين عامة الشعب وبسطائهم وهي أن الإسلام وجميع الديانات السماوية احترمت الحوار والإحتواء والشورى بين الجميع ومساواة الحاكم بالمحكوم وأرست دعائم الديمقراطية والحرية والتعبير عن الرأي في أبهى صورها و لكن في نفس الوقت نادت جميع الديانات بردع الفساد بكل صوره . ونجد آيات في القرآن تضرب بيد من حديد على من يحاولون أن يعثوا في الأرض فساداً أو تسول لهم أنفسهم بترويع المواطنين بأي نوع من الإفساد في الأرض من سرقة و سلب و نهب وتناولت تلك الآيات الأمر بمنتهى الحزم والحسم في قوله تعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (المائدة:33) وتستمع لبعض هواة التمييع وهم يقولون (ما هذه الآية المخيفة التي تنشر الرعب بين الناس) وهم ينسون تماماً أنها نزلت في مجرمين يخطفون ويغتصبون و يحرقون المحال التجارية والبيوت محاربين الله ورسوله لأن الله أوجد الإنسان في هذه الدنيا للخلافة والإعمار في الأرض وأن من ينشرون الفساد بجميع أنواعه يستحقون أعنف الجزاء وأشد العقاب . والعجيب أن هؤلاء الذين يعترضون على اليد الحديدية سيطالبون بمزيد من الردع عندما يمس الإفساد أطفالهم وبيوتهم وأهليهم .. و أقول .. دعوا الحكومة تتعامل مع هؤلاء (بعد أحكام القضاء العادل) بيد من حديد لأنهم يستحقون أشد من ذلك . وليس معنى أن زبانية الحديد ولى زمانهم أن الحديد يجب أن يسيح و نستبدله بعصي من البلاستيك لأن الخاسر الأول والأخير بعد هيبة الدولة سيكون هذا الشعب الطيب الذي يستحق أن يذوق الأطيب من العيش ويتنفس الأنقى من الهواء في ظل أمن وأمان لن يرضى بغيرهما بديلاً. م/ طارق القرم مسؤول الجودة و التدريب بالحاسب الآلي بمستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي جامعة الملك سعود بالرياض [email protected] [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل