المحتوى الرئيسى

أزمة الخبز.. الرقابة الشعبية مطلوبة

04/29 13:16

المواطنون: - نلجأ للاشتراكات الشهرية لنحصل على الخبز - سنصبر على الأزمات حتى تصل مصر لبر الأمان - بيع الدقيق "عيني عينك" لضعف الرقابة على المخابز - الخبراء: - د. صيام: بيع وسوء استخدام الخبز أهم أسباب الأزمة - د. جويلي: الإعلام يسهم في زيادة الزحام على المخابز   تحقيق: الزهراء عامر لم تسقط رحلة معاناة المواطنين للحصول على رغيف الخبز التي عجزت الحكومات السابقة عن الوصول لحلٍّ للتخلص منها مع سقوط النظام وحكومته بعد ثورة 25 يناير، بل عادت من جديد، وشهدت مخابز الخبز المدعم وغير المدعم حالةً من الزحام والتكدس الشديدين.   غياب الرقابة عن المخابز على الرغم من فرض المجلس العسكري عقوبات مشددة على المتلاعبين، أتاح الفرصة للعديد من تجار الدقيق المدعم وأصحاب المخابز للاتجار بقوت المواطن المصري.   وقد أسهمت حكومات النظام السابق في اختلاق المشكلة بسياساتها الخاطئة التي حولت مصر إلى بلد لا يستطيع أن ينتج طعامه، ناهيك عن ملبسه ومسكنه رغم الشعارات التي تغنى بها زعماؤها "من لا يملك طعامه لا يملك قراره!!"؛ فأهملت الزراعة وتحولت الأراضي الخصبة إلى كتل خرسانية ومدن سكنية، وهجر الفلاح أرضه، ولم تتحرك الحكومة لحماية ما تبقى من أراضٍ إلا بعد خراب مالطة!!، وبعد أن تحقق للمتربصين بها ما خططوا له منذ عقود!!.   رحلة معاناة المواطنين تبدأ منذ الصباح الباكر في طوابير طويلة لا تنتهي إلا بانتهاء المخابز من إنتاج الخبز، لكن معظم المواطنين في هذه الفترة وعلى عكس ما سبق يصبرون على هذه الأزمة؛ لأنهم يعلمون ظروف البلد الانتقالية.   ولأن رغيف العيش لا يمكن الاستغناء عنه سواء بالنسبة للفقراء أو حتى الأغنياء فقد قام (إخوان أون لاين) بجولة في العديد من المخابز؛ ليتعرف على كيفيه تعامل المواطن مع هذه الأزمة في التحقيق التالي:   بداية تؤكد زينب محمد "ربة منزل 31 عامًا" أن أزمة طوابير رغيف الخبز بعد أحداث الثورة لم تقتصر على الخبز المدعم فقط ولكنها وصلت حتى لأفران الخبز الطباقي؛ بسبب الزحام الشديد على أكشاك بيع الخبز المدعم، واقتصار عملية البيع على معارف صاحب المخبز أو أصحاب الاشتراك الشهري، ومن يتأخر قليلاً لا يستطيع الحصول عليه، ناهيك عن رداءة إنتاج الخبز المدعم.   وتقول إنه نظرًا لكبر حجم أسرتها فإنها لا تستطيع شراء الخبز الطباقي يوميًّا، ولهذا تقف بالساعات من أجل الحصول على بجنيه واحد خبزًا.   اشتراك شهري أما سهير الديب "45 سنة- ربة منزل" تقول: إنها لجأت قبل ثورة 25 يناير إلى عمل اشتراك شهري مع صاحب الفرن البلدي حتى تضمن الحصول على الخبز بشكل يومي، لكي تتخلص من الوقوف في طابور العيش الذي لا ينتهي لساعات طويلة، وفي النهاية ترجع إلى بيتها دون الحصول على بعض الأرغفة، موضحة أنه بعد الاشتراك وبمجرد وصولها إلى المخبز يخرج لها الخبز بدون وقوفها في الطابور.    الحصول على رغيف الخبز أصبح من الأمور الصعبة جدًا في مصر  وتضيف أنها تضطر إلى دفع مبلغ من المال لصاحب المخبز فوق ثمن الخبز الأصلي، كنوع من الرسوم، حتى يستمر الاشتراك، وبدون هذه الرسوم لن تحصل على الخبز.   ويقول أحمد سليمان "موظف بوزارة الأوقاف" إنه لا يستطيع أن يخصم من راتبه الذي أصبح لا يكفي أي شيء في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار والأزمات المتوالية بسبب حالة الانفلات الأمني وعدم الاستقرار، ويشير إلى أنه يذهب كل يوم إلى المخبز بعد صلاة الفجر مباشرة حتى يحجز دوره في بداية الطابور حتى يتمكن من الذهاب للعمل.   ويوضح أن سبب الزحام الشديد على المخبز هو أن صاحبه يقوم ببيع 3 جولات من حصة الدقيق اليومية "عيني عينك" ويقوم بإيقاف الفرن أكثر من مرة في الوردية حتى ينتهي المخبز من إنتاج الخبز في موعده ويتجنب المساءلة القانونية.   الرغيف الطباقي ويرى أحمد الإبياري"57 عامًا " أن مشكلة طوابير الخبز أصبحت مزمنة سواء كانت هناك أزمة أم لم تكن موجودة وليس لها حل،‏ خاصة في المناطق الشعبية المزدحمة‏ والأرياف؛ لعدم وجود رقابة تموينية مشددة في هذه الأماكن.   ويقول: إن نوعية الرغيف المدعم تختلف من فترة لأخرى‏,‏ فأحيانًا يكون الدقيق أبيض اللون، وبالتالي يكون الرغيف صالحًا للأكل‏, وفي أوقات أخرى نجد لون الرغيف أسمر كأنه مخلوط بتراب أو زلط ولا يصلح لاستخدام الآدمي‏.‏   ويؤكد أن الرغيف الطباقي الذي يقال إنه يباع بعشرة قروش أو‏20‏ قرشًا غير موجود‏,‏ بينما يقوم التجار ببيعه على الأرصفة بربع جنيه ونصف جنيه‏، ويضيف أنه إذا أراد أن يشتري عشرة أرغفة في نفس حجم المدعم مع اختلاف نوعية الدقيق فإنه سيتحمل عبئًا إضافيًّا.   تهريب الدقيق وخلال استطلاع آراء المواطنين حول أزمة الخبز والزحام الشديد على أبواب أحد المخابز، شاهدنا صاحب المخبز وهو يقوم ببيع شيكارتين من الدقيق لأحد تجار المواشي؛ ليستخدمها كعلف للحيوانات، وأخبرنا المواطنون أنه يقوم يوميًّا ببيع جزء من حصة الدقيق لتجار المواشي بسعر 110 جنيهات للشيكارة المدعمة.   صراع على الأفران للحصول على الخبز في مصر!!  وعندما سألنا الأهالي لماذا لا يقدمون بلاغًا أو شكوى للتموين رد أحدهم ويُدعَى صابر محمد "صانع موازين" قائلاً: "نشتكي مين دا بيبيع الدقيق أمام مرأى ومسمع من موظفي التموين، ومفيش حد بيقدر عليه".   ويقول علي السمري ‏"صاحب مخبز": إن من حق المواطن البسيط أن يجد الخبز المدعم وبوزنه المحدد، وبجودة تجعله صالحًا للأكل‏, وهذا يحدث لو شعر كل فرد بأمانة هذه المسئولية‏.‏   ويوضح أن حصة الأفران تختلف من فرن إلى آخر حسب ساعات العمل، وبالنسبة له فإنه يعمل طوال اليوم ويستلم حصة دقيق عبارة عن ‏22 جوالاً، لإنتاج ‏22‏ ألفًا و‏880‏ رغيفًا‏,‏ وإذا نقصت الكمية المنتجة أو ساءت حالة الرغيف، لا يُحَاسب إلا صاحب المخبز.   وفيما يتعلق بجودة الرغيف يشير إلى أن مسألة جودة الرغيف متوقفة على نوعية الدقيق، وهذا ليس لنا دخل فيه؛ حيث تتنوع مصادر الحصول على القمح والطحين‏، فالدقيق الذي يأتي من المطاحن حتى ولو كان ترابًا فإنهم ملزمون بإنتاجه حتى لا يتعرضوا للمساءلة من مديرية التموين.   ويقول محمد العزوني" صاحب مخبز بلدي" إنه بعد عملية الفصل بين الإنتاج والتوزيع أصبح المخبز ليس له علاقة مباشرة بعملية البيع، ويقتصر عمله على إنتاج الحصة المقررة له من مديرية التموين، وتقوم الشركة من خلال الكشك بتوزيعها‏.   سوء الاستخدام على صعيد الخبراء يؤكد د. جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة عين شمس أن الزحام الشديد على المخابز أمر غير مبرر، خاصة أن المخزون الإستراتيجي للقمح يكفي حتى شهر أغسطس المقبل، فضلاً عن أن الحكومة الحالية تدرس حاليًّا توقيع أذونات جديدة لاستيراد القمح.   وينتقد زيادة عمليات بيع وتسريب الدقيق المدعم، فضلاً عن سوء استخدام المواطن رغيف الخبز واستخدامه في بعض الأحيان كعلف للماشية بدلاً من الأعلاف لارتفاع ثمنها، موضحًا أنه على الرغم من فرض الجيش سيطرته وتشديد العقوبات والغرامات على المتلاعبين بلقمة عيش المواطن المصري، فإن الرقابة حتى الآن على المخابز ضعيفة، وتحتاج لمزيد من التشديد.   ويرى أن ارتفاع أسعار توريد القمح من المزارعين سيسهم نسبيًّا في تحقيق الاكتفاء الذاتي من قمح الخبز؛ عن طريق تشجيع المواطنين على زراعة القمح، ومن ثَمَّ تخفيف الزحام عن المخابز، ولكن هذا الأمر سيكون تدريجيًّا.   ويوضح أن رغيف الخبز المدعم الذي‮ ‬يشتريه المواطن بـ‬5‮ ‬قروش‮ ‬يتكلف‮ ‬27‮ ‬قرشًا، أي‮ ‬أن الدولة تتحمل‮ ‬22‮ ‬قرشًا في‮ ‬الرغيف‮، و‬هذا المبلغ‮ ‬قد‮ ‬يزيد أو‮ ‬يقل حسب السعر العالمي‮ ‬للقمح‮.‬   ويضيف أن الفترة القادمة ستشهد موجةً من التضخم عالية نتيجة ارتفاع الأسعار؛ لأن القمح سلعة أساسية وإستراتيجية وارتفاعه سيترتب عليه سلسلة من الارتفاعات تبدأ بأسعار الحبوب، مثل الذرة وتنتهي بأسعار اللحوم والدواجن.   ويؤكد أن البدائل والحلول لتجنب الأزمة موجودة ولكن لا أحد يحاول أن يستمع لها، والتي تتمثل في زيادة الاكتفاء الذاتي من القمح من 45 % إلى 75%، فضلاً عن زيادة المخزون الإستراتيجي من 2 مليون طن إلى 7 ملايين طن ليكفي عامًا كاملاً وليس أربعة أشهر فقط، بجانب التوسع الأفقي في المساحة المنزرعة للقمح من 3 ملايين فدان إلى 4 ملايين فدان؛ ما يحقق فرق 2 مليون طن، بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية البحوث الزراعية، ودفع عجلة الاستثمار في هذا القطاع.   نفسية المستهلك    د. أحمد جويلي من جانبه، يوضح د. أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية ووزير التموين المصري الأسبق أن عملية الزحام الشديدة على المخابر عملية نفسية لا تتعلق بنقصٍ في رغيف الخبز؛ لأن المستهلك مصاب بحالة من الخوف والهلع لما يكتب في الجرائد عن أن المخزون الإستراتيجي على وشك الانتهاء، أو أنه لا يكفي.   ويرى أن مصر من الممكن ألا تعاني من أزمة قمحٍ، في حال توسيع الرقعة الزراعية له وتبني المشروعات الزراعية التي ستحقق التكامل بين الحبوب الزراعية، موضحًا أنه من الممكن أن يُستخدَم محصول الذرة الشامية كبديل للقمح في صناعة الخبز، خاصة أن مصر لديها محصول كبير جدًّا من الذرة الشامية نتيجة تقلص مساحة الأرز.   ويطالب بضرورة الاهتمام بقطاع الزراعة؛ لأن هذا القطاع مُهْمَل منذ أكثر من 20 عامًا، وما يحدث كان نتيجة سوء السياسات الزراعية الماضية، واستيراد حكومة نظيف لرسائل قمح غير صالحة للاستخدام الآدمي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل