المحتوى الرئيسى

خسـرو وشيرين ويحيى الجمـل

04/29 10:25

بقلم: عبدالمنعم رمضان 29 ابريل 2011 10:17:04 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; خسـرو وشيرين ويحيى الجمـل  كانت الخريطة العربية مثل غربال الشيطان، أتحسسها بعينى فتصيبنى بالارتجاف ورفرفة الجفون، اليمن فى قفصها الرملى تحاول أن تتملص من قبضة الأزعر، وليبيا تفقد فتيانها على عتبة رجل مجنون أبرز ما فيه أنه يبعث على الضحك الأسود، وسوريا تتأهب لتنفلت بعيدا عن رئيسها كلى المعرفة، الذى يردد محفوظات القراءة الرشيدة دون إدراك، ولعله يشبه ناقدا من جيلى، والبحرين، ونتيجة عدم رضا العالمين العربى والغربى، انتكس ثوارها وخلعوا ملابسهم وعادوا عراة إلى منازلهم، وبكوا، يقول الناس: إنها كوليرا الثورات العربية، تنتشر بالعدوى التى تنقلها الفضائيات بامتياز، تونس تكح، ومصر تسعل، واليمن تتقيأ، وليبيا ترتعش، وسوريا على حافة هاوية، يقول الناس: إن الثورات المضادة تشبه المضادات الحيوية، قد تقدر أن تكون قاضية على الوباء كما فى حالة البحرين، ونصف قاضية عليه، كما فى حالات اليمن وليبيا، وفاشلة فى القضاء، كما فى حالتى مصر وتونس، لكن أقلية منبوذة تقول: إن الثورات الشعبية ليست كوليرا، ولا يمكن للأمم أن تتشابه فى أمور عميقة جدا، مهما تشابهت فى أمور عميقة أخرى، إلا إذا أرجعنا الثورات إلى صانع واحد، يكون هو ذاته الصانع الوحيد للثورات المضادة، كأن يقول أحدنا: هى الفوضى الخلاقة، لأنها من وجهة نظره، صنيعة أمريكية كاملة، ويقول آخر، إنها سايكس بيكو جديدة، لأنها أيضا من وجهة نظره صنيعة أمريكية أوروبية مشتركة. وعلى الرغم من قبولنا لتصديق محاولة هذه القوى أن تتدخل فى حدود تزيد على الحدود المتخيلة، أو الحدود المسموح بها، فإن الأمر يبدو فى مجمله غير قابل للتصديق. الأرجح أننا نتهيأ لصراع بدأ وانتكس منذ حملة نابليون، ومنذ محمد على، ومنذ الخديو إسماعيل، ومنذ عبدالناصر، صراع الخروج من العصور الوسطى العربية، واللحاق بالعصور الحديثة، فإذا كانت العصور الوسطى قد انتهت فى أوروبا مع نهايات القرن الثامن عشر، إلا أنها تعيش حتى الآن بكل قوة فى مجتمعاتنا. وها هو ذا فكر الجماعات الإسلامية التى طفت بعد الثورة، يظهر كما لو كان نتاج فترات الانحطاط، كما لو كان يتيما لا علاقة له بفترات القوة والإبداع، فهو يتعمد القطيعة مع الفترة الخلاقة للتراث العربى الإسلامى، التى امتدت حتى أواخر القرن الرابع الهجرى.ويتصل بما يليها من التراث المتهافت، كما يتعمد القطيعة مع روائع الحداثة الأوروبية فى ميادينها المختلفة، ويتصل بأجزائها الهشة، لذا أتصور أن الثورات التى حدثت وتحدث، قد أنجزت طورها الأول فقط، أزاحت قشور النظم السياسية السابقة، وتحاول أن تزيح قشور النظم الاجتماعية الراهنة، لكن أطوارها اللاحقة إذا استمرت هذه الثورات، ستكون هى الأعمق. فى الجانبين السياسى والاجتماعى معا، كما أنها ستكون أكثر عمقا إذا امتدت إلى جانبها الرؤيوى، إذا أصبحت مثالا لقطيعة معرفية، مثالا لثورة ثقافية، والذى عبرها، إما أن تنتصر هذه الثورات وتخرج بنا إلى عصورنا الحديثة، وإما أن تنهزم، وتصبح فاصلة جديدة تضاف إلى الفواصل السابقة، محمد على، الخديو إسماعيل، طه حسين... إلخ إلخ، وهذا الصراع لابد سيكون عنيفا، لابد سيكون ضحاياه أكثر مما نظن. الغرب الذى نعرفه، الواقعى وليس المتخيل، لم يخرج من عصوره الوسطى إلى عصوره الحديثة إلا بعد دماء غزيرة، كلنا نذكر محاكم التفتيش وجاليليو، ومع ذلك فالحياة خاصة فى هذه اللحظة، لا تحتاج للحقيقة فقط، ولكنها تحتاج أيضا وبدرجة قصوى، تحتاج للخطأ والوهم والحلم والخيال، أذكر أننى كنت من مريدى مولانا يحيى حقى، كنت أمسك طرف ردائه، رأيته آخر مرة وهو يجوب الميدان، رأيته رؤى العين، وأمسك يدى ودلنى على الإشارات والأسرار، وبواسطته عرفت أننا سنعانى تأليف شخصية لثورتنا. ما دامت ستكون البطل الوحيد فى كل ما نكتبه الآن، وبواسطته أيضا عرفت أن معاناتنا سببها أننا نؤمن بأن الهدف يقتضينا إن أردنا العدل والصدق، أن نجعل شخصية هذا البطل، أعنى الثورة، تملأ اللوحة كلها، وتستأثر بالأضواء، ولكن هذا الفعل مراوغ ومقلق، فربما تظل اللوحة فارغة رغم امتلائها بشخصية البطل، حينئذ نفكر أن نأتى بالشخصيات الثانوية فى محيط البطل، ونتركها تتقدم حتى تصل إلى مقدمة الصفوف، الشخصيات الثانوية ناس فى الظل أحيانا، وناس فى النور عند اللزوم، نحن نعلم أنها، أى الشخصيات الثانوية، محكوم عليها بالزوال سريعا من الذاكرة، إنها تشبه الرمز، نستعيرها ونستهلكها ونفنيها فى سبيل بلوغ الغاية، فإذا وصلنا، نسيناها تماما، كأن لم تكن. ولن نعترف لها بالفضل، هى التى ستعترف لنا بذلك، لما رأيت فيلم شيرين لمخرجه كياروستامى، اكتشفت أهمية أن نحتفل بالشخصيات الثانوية، كاميرا الفيلم تتركز على جمع من مشهورات النساء، فنانات وكاتبات ورسامات وسياسيات، يجلسن فى قاعة سينما، رءوسهن مغطاة، يشاهدن فيلم شيرين، سأحدثكم عنها فيما بعد. النساء عيونهن تتجه إلى شاشة لا نراها، يشاهدن وينفعلن، لا يصلنا من الفيلم المعروض عليهن إلا صوته، أما الصورة فمصوّبة على ردود أفعالهن، لما انتهيت من الفيلم، خطرت الثورة ببالى، وبدا لى أن لها جمهورا شاهدها فى التليفزيون، وقرأ عنها فى الصحف، ثم خرج علينا بإصحاحاته وأسفاره، هكذا بالمصادفة رأيت وحيد حامد. أعترف أننى لا أتحرج من ذكره، لأنه ليس صديقى، وليس عدوى، وما سأقوله يعترض عليه ابنى وزوجتى، ويؤيده أصدقائى، كنت أظن أنه كاتب سيناريو معروف، لكن مسلسله «أحلام الفتى الطائر» ذكرنى بالفيلمين: «طار فوق عش المجانين» و«رجلان على الطريق»، كما أن فيلمه «النوم فى العسل» ردنى إلى رواية الغيطانى «وقائع حارة الزعفرانى»، فقرأتها وتذكرت نبيل بدران، لذا جلست صامتا مبهوتا أمام وحيد وهو يتحدث فى تليفزيون مصر النهارده، يتحدث بأسى كأنه مفكر. قال وحيد: إن ثلث المصريين الذين ملأوا ميدان التحرير كانوا من الباعة الجائلين، لعلها مبالغة غير مقصودة، لكنها مبالغة قد تجبرنا أن نخضع للتفكير على طريقته، فنقول لأنفسنا، وإن ثلثا ثانيا جاء للفرجة، وربما اكتشفنا بعد قليل أن كل الذين كانوا فى الميدان، لم يكونوا فى الميدان. وأن الميدان ذاته لم يكن فى الميدان، وأن الثورة حادثة لم تحدث، طبعا وحيد حامد غير مسئول عن هذه التداعيات، لأنه سيناريست ما بعد حداثى، يعرف أن حرب الخليج لم تحدث إلا فى التليفزيون، يقول وحيد: سألت عددا كبيرا ممن اعتقلتهم مباحث أمن الدولة سنة 2006، سألتهم عن التعذيب، فأنكروه، حتى وائل غنيم الذى احتجزوه ستة أيام أو سبعة حسب قوله، لأنها فى الواقع اثنا عشر يوما، أنكر التعذيب. اعترف فقط بأنهم ربطوا عينيه برباط أسود، يقول وحيد: هاتوا لى شخصا واحدا تعذب، لا يهمنى الآن صحة ما يقوله، ولكن ما يهمنى هو مفهوم التعذيب الذى يقتصر عنده على التعذيب البدنى، عموما لما انتهى وحيد من أفعاله وأقواله، حاولت أن أردد بيت شوقى:برز الأرنب يوما فى ثياب الواعظيناثم خُيّل لى أننى سمعت صوتا يصحح لى: يا أستاذ يا أستاذ، الثعلب وليس الأرنب، وفى شعار وليس فى ثياب، فهززت رأسى، لكن الصوت استمر:مخطئ من ظن يوما أن للثعلب ديناأقول حاولت أن أردد بيت شوقى، ولكن ابنى وزوجتى زجرانى، فلم أفعل، ولم أسمع الصوت الذى يصحح لى، وأدركت أن بيت شوقى عنى وليس عن وحيد، فانصرفت إلى الحمام، غسلت عينى، ومسحت يدى، ولما عدت إلى مكانى، ظهر لى الروائى جمال الغيطانى، أعترف أننى أتحرج من ذكره، لأنه صديقى، ولأن ماجدة الجندى تاج على رءوسنا، ولكننى لن أتحرج من ذكر صغار الحوادث فى وادى النيل، يقترح الغيطانى، علينا، وعلى نفسه، وعلى الوطن، وعلى شجرة الأحلام، وعلى الدنيا، أن نسلّم أمورنا للمجلس العسكرى، ونطالب المشير طنطاوى بالرئاسة ثلاث سنوات، حتى تستقر أمورنا، وكأن جمال، وما دام قد عاش ستين عاما، هو الذى بلغ السادسة والستين، مادام قد عاشها كلها تحت حكم العسكر، كأنه يريد أن يقضى بقية عمره فى رعايتهم، أطال الله عمره. هل لأنه كان مراسلا حربيا، هل لأنه وقف على الجبهة السورية، وكتب عن حراسها العراقيين، هل لأنه يأمل أن تمتد السنوات الثلاث وتطول تحت وطأة إغراء الكرسى، فيستمر العسكر إلى الأبد، وهم عنده القادرون على تحقيق الاستقرار الضائع، ذات مرة، أيام الديكتاتور، قال جمال لى ولغيرى: لا أتمنى له أن يموت قريبا، خشية أن تشملنا الفوضى، المعادلة ذاتها ستتردد فيما بعد، هو أم الفوضى، بعد اقتراح الرئاسة، اقترح جمال على الحكام، أن يختاروا محافظيهم من شباب الثورة، هل يفكر جمال فى إغراء الشباب، أم إرضائهم، أم النيل منهم، أم تجديد الحياة بهم، فى النهاية ستكشف اقتراحات جمال عن طرفين، طرف صناع الثورة، وطرف حماتها، ولأن الحماة عسكر، ولأنهم أقوى، تمنى لهم جمال أن يكونوا حكاما ورؤساء، ولأن الصناع قاعدة واستثناء، تمناهم محافظين فقط، وشكر الله سعيكم. بالطبع لوحيد ولجمال حق الرأى، ولى حق الاعتراض، لكننى لم أكن أرغب فى أن أترك جمال فى متاهته، ولا أن يتركنى فى متاهتى، وجدت نفسى أستعيد طفولتى، وأردد مع أمى:كأننا يا نينه لا رحنا ولا جيناولما فطنت إلى غرام جمال بالكتب القديمة، إلى غرامه المملوكى، خجلت من عاميتى، وعدت إلى الشعر الفصيح، وقلت مع القائل:ما كلنا ينفعه لسانُهفى الناس من ينطقه مكانُهونمت وأنا أردد ذلك البيت، وأردد سواه، وفى أثناء نومى رأيت عبدالحليم قنديل فاحتضنته وامتننت له، ولما ودعته مشيت فى صحراء عريضة، ورأيت جمالا تعدو، فصحوت مفزوعا، ولما هدأت، سخرت من نفسى، وقلت: لقد مرقت الثورة بين جملين، جمل واقعة الجمل، وجمل يحيى الجمل، الأول كان فألا أفاد الثورة، والثانى مازال يضرها، فهو الذى فيما يشاع استشار جابر عصفور، فأشار عليه بالعماد وزيرا للثقافة، لتظل الوزارة على حالها، وهو الذى اقترح الصاوى من قبل، فيما يشاع، وأعاد الحواس إلى غنيمة الآثار، وكأن الشاى الذى أشربه فى المقهى لم يتغير بتغيير النادل، لأن صانع الشاى مازال فى مكانه، شالوا فاروق، جابوا عصفور، شالوا عصفور، جابوا الصاوى، شالوا الصاوى، جابوا عماد، الثلاثة الأخيرون بالمصادفة والقصد، كان ولى العهد السابق يلتقيهم، ليرسموا معا سياسات الثقافة واستراتيجياتها فى عهده المأمول، أعلم أن العماد هو أفضلهم إنسانيا، وأنه بينهم مثل ضحية، لكن أحمد شوقى يشير بإصبعه السبابة إلى يحيى الجمل، ويقول: من كان ممنوّا بداء الكذب لا يترك الله، ولا يُعفى نبىويعطى الجمل ظهره لشوقى، وينصرف، فأستعجل نفسى، وأتخلص من آثار المنصرف، فلا تزول كلها، لولا أن جريدة الأهرام ومقالبها وألاعيبها ساعدتنى على الخلاص، فلقد سمعت أنهم يقومون بالتطهير (التنجيس)، قلت سينظفون الأهرام من مماليك الديكتاتور، وسوف تصبح الأهرام جديرة بماضيها، لن نقرأ ثانية مقالات جابر عصفور وصلاح عيسى ورفعت السعيد والسيد يس وعبدالمنعم سعيد وغيرهم، وكلهم تحولوا من خدم نظام سابق إلى خدم ثورة لم تتم بعد، ولو أننا فعلنا مثل مجلة الطليعة ذات يوم، أقصد طليعة لطفى الخولى، لو أننا وضعنا مقالات أحدهم المكتوبة ليلة الثورة، ومقالاته بعدها، أى بعد الثورة لصارت من معلقات ملاهى زماننا، عندما التقى بعض هؤلاء بالديكتاتور منذ شهور قليلة، خرجوا علينا يسبحون باسمه، ويشهدون لذاكرته التى فاقت ذاكراتهم، ولقدرته، فلقد تعبوا طوال أربع ساعات، وهو لم يتعب، تكلموا عنه كأغوات، وتكلموا معه كأغوات، أحدهم سأله عن الفاصوليا، أحدهم طلب منه علاج أخته، كلهم مصمصوا شفاههم عندما روى ضربته الجوية وقالوا: ياسلااام.أحدهم ترنم كعصفور وكتب: أحب هذا الرجل، وهو نفسه الذى صار وزيرا فى وزارة العار، لأنه أيقن بهزيمة الثوار، ولما ظهرت أمارات انتصارهم، لحق نفسه واستقال مثل تائب زائف، انقلب العصفور إلى ضفدعة وترك سيدته وسيده، وقفز من السفينة قبل غرقها، صغار فى الذهاب وفى الإياب، تخيلوا لو أن أحدهم كان فى الغردقة، مثلما كان إبراهيم أصلان الذى اعتذر عن اللقاء، أو كان فى الكويت، أو حتى هارفارد، لأتى هرولة، فالحج عند المسلمين عرفة، وعند النصارى بيت المقدس، وعند الكلاب والعبيد والخونة قصر العروبة، الشخصيات الثانوية صارت فى مقدمة الصفوف، لا يحجزها حاجز عن الصعود، فبعضها اعتاد ذلك، الآن الآن يمكننى أن أرى ثانية فيلم شيرين لكيروستامى، وشيرين بالفارسية تعنى الحلو، وقصة خسرو وشيرين كتبها الفردوسى المتوفى أوائل القرن الحادى عشر الميلادى، ثم أعاد الشاعر نظامى كتابتها فى القرن الثانى عشر، وأضاف إليها شخصية فرهاد، التى صارت محور مسرحية ناظم حكمت «فرهاد وشيرين»، الحكاية أن خسرو رأى حلما يبشره بأربعة وعود، منها أنه سيحب شيرين الجميلة، وأن الخادم شابور حكى لسيده خسرو عن الفتاة ذات الشفتين الحلوتين المدعوة شيرين، والمقيمة مع عمتها حاكمة بلاد الأرمن، خسرو من الحلم ومن حديث شابور يعشق شيرين.وشابور فى لعبة يرسم صورة خسرو ويقدمها لشيرين وتعشق شيرين صاحب الصورة، ولما يلتقيان بعد صعوبات، لا تقبل شيرين أن تمنحه نفسها، وتشترط أن يستعيد عرش أبيه، ويفعل خسرو بعد أن يستعين بالنصرانى قيصر الروم ويتزوج ابنته مريم، فيما تلتقى شيرين بفرهاد الذى يشق لها قناة تخترق الجبل، وتكفل وصول الحليب سريعا إلى قصر شيرين، فرهاد أيضا يعشق شيرين، ويصيب خسرو بالغيرة، فيرسل خسرو إلى فرهاد نبأ كاذبا عن موت شيرين تحمله إليه امرأة عجوز، ومن فوق قمة الجبل يلقى فرهاد بنفسه، مقبرته التى أعدتها شيرين ستتحول إلى مزار للعشاق، وموت فرهاد يفرض الخصومة بين العاشقين شيرين وخسرو، وموت مريم يفرض الصلح والزواج، إلا أن شيرويه ابن خسرو، يعشق شيرين زوجة أبيه، وبسببها يقتل أباه ويطلب الزواج منها، فتتظاهر بالقبول، وفى أثناء مراسيم دفن خسرو، ترشق السكين طاعنة نفسها وتتمدد فوق جسد خسرو وتضمه وتقبض بشفتيها على شفتيه، ويموتان حبا، وبعد قرون طويلة يعيد بعثهما كيروستامى، لأنه فى الحقيقة لا يمكن إحداث قطيعة مطلقة مع الماضى. فالماضى على أتم استعداد للعودة، كله أو جزء منه، والثورة أية ثورة لا تقتلع الماضى، إنها تغير الماضى بتغييرها للحاضر، وتغير عيوننا بتغييرها لقلوبنا، فنرى الماضى فى صورة جديدة، ولذا يجب الحذر من شيرين، فشيرين ليست سوى شيرين، بالمناسبة، ما أكثر الجميلات فى هذا العالم، ولا سيما الشيرينات، شيرين الجمال وشيرين أبوالنجا وشيرين وجدى، هيا اخرج من الميدان أيها العجوز، وتعلّم كيف تألف الحياة، واقرأ من الذاكرة نشيد الأنشاد لسليمان النبى، هيا هيا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل