المحتوى الرئيسى

حقائق غير خفية: 1- انقسام السلطة في مصر

04/29 21:28

هي مجرد محاولة لتحليل ما جرى في العالم العربي مؤخرا وليست فرض تصور معين لإقناع الآخرين به، ولتحليل أي موضوع يجب الإشارة إلى نقاط معينة وكأنما هي مسألة رياضية لابد لها من معطيات لكي نصل إلى النتائج. يجب علينا تحديد القوى المؤثرة في الشرق الأوسط الذي نحن جزء منه نتأثر به ويؤثر فينا، بالإضافة إلى تحديد القوى العالمية التي ترتبط مصالحنا بها والعكس.القوى الكبرى في الشرق الأوسط هي إسرائيل وتركيا والسعودية وإيران ومصر. المملكة تمثل التيار الذي عملت تحت لوائه جميع الأنظمة الحاكمة في المنطقة باستثناء إيران.الغرب يعتبر المملكة وأتباعها تيارا إسلاميا وسطيا ينظر إلى الصراع العربي الإسرائيلي على أنه أزمة كبيرة تمتلك أمريكا مفاتيحها، وأنه من غير الوارد ولا المقبول الانجراف إلى حرب مع إسرائيل لأن المعركة ستكون غير متكافئة بالإضافة إلى حجم الدمار المتوقع أن تشهده المنطقة حال حدوث ذلك. فلا حل - من وجهة نظر هؤلاء سوى إقناع الغرب بمحاربة التيار الإسلامي المتشدد وفي نفس الوقت يمكن مساعدة الفلسطينيين باستخدام أساليب غير مباشرة مثل تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر معبر رفع الحدودي. في المقابل، فإن إيران لا تنظر إلى الأمور بهذا الشكل.القاعدة: اسم أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش على مجموعة من مقاتلي أفغانستان تجمعوا من شتى البلدان الإسلامية وغير الإسلامية لتحرير أرض احتلها الاتحاد السوفيتي.الإسلاميون عندما التقوا في أفغانستان لم يكونوا على فكر واحد، فمنهم من آمن بالجهاد ضد الاتحاد السوفيتي ومنهم من آمن بفكرة الجهاد ضد السوفيت أولا ثم أمريكا فإسرائيل، ومنهم من كفر الشعوب العربية لأنها لم تنتفض ضد الأنظمة الحاكمة التي تصمت تجاه المخطط الصهيوني.السعودية هي مركز الإسلام على الأرض والإسلاميون وصلوا أفغانستان في الوقت الذي لم يتحرك فيه العالم الإسلامي أو ينتفض، وعندما سقط الاتحاد السوفيتي ظن مجاهدو أفغانستان أنهم من أسقطوه بالرغم من أن أمريكا هي التي أمدتهم بالسلاح والأموال، فالطرفان استفادا من سقوط السوفيت، ولكن منهم من أكمل طريقه ومنهم من فشل في استيعاب الدرس.هذا التحليل سيتكون من عدة مقالات سأتطرق في كل واحدة منها إلى نقطة تقودنا إلى أخرى حتى نصل إلى المخطط الصهيوني نفسه والذي سيقودنا بطبيعة الحال إلى نقطة يتحدث عنها الكثيرون وهي نهاية العالم وظهور المهدي المنتظر وخروج المسيخ الدجال، وأنا لا أعني هنا الربط بين الواقع الحالي ونهاية العالم ولكن بالطبع يجب التنويه عنه لاحقا استنادا إلى الكتب السماوية الثلاثة.في المقابل، يمكنك أن تتصفح الإنترنت بعناية لترى إذا ما كان الغرب مهتم حاليا بفكرة نهاية العالم أم لا، ومن المواقع الإليكترونية التي يمكنك الدخول عليها موقع إنذار على سبيل المثال.ما يجب التنويه إليه هنا هو أن الغرب يحاول أن يصور لنا ما يحدث في المنطقة العربية وكأنه بداية نهاية العالم والتمهيد للحرب الكبرى "مجدو" أو "هرمجدون" وهذا غير منطقي لأسباب سيأتي الحديث عنها لاحقا.أمريكا تخطط للحرب وهي على أتم الاستعداد لحملتها المتوقعة، وفي نفس الوقت فإنها لا تخجل أن تقول "أنا من يدمرك... بيديك".انقسمت السلطة في مصر منذ 11 فبراير 2011 يوم تنحي مبارك لأن جماعة "الإخوان المسلمون" أصبحت قريبة من السلطة باعتبارها الجهة الأكثر تنظيما على الساحة السياسية وهي تتبع إيران "منهجيا"، فيما أن المؤسسة العسكرية تتبع المملكة العربية السعودية داخل المنطقة وتتبع الولايات المتحدة في الخارج.السعودية والجيش ليسوا خانعين وإنما يدركون حقيقة الصراع ويعلمون كما قال السادات أن 99% من أوراق اللعبة في أيدي أمريكا، ولذلك فإنهم يحاولون وبلادُهم البقاء، والإسلاميون يرون أن التمسك بالدين ومحاربة أعدائه هو أول أسس الإيمان.هنا يجب أن نتحدث عن نقطة هامة هي أن الجيش يخشى سيطرة الإخوان على السلطة فموقفه مشابه تماما لموقف مبارك وذلك لأن وصول تيار إسلامي إلى حكم مصر يعني أنها ستصبح إحدى الدول الموضوعة على لائحة الإرهاب ومهما طال الزمن فسيتم الاعتداء عليها، ناهيك عن أن التيار الإسلامي يرفض التطبيع مع إسرائيل فماذا سيكون رد فعل أمريكا تجاه ذلك؟هيئة أمريكية: الأقليات الدينية في مصر "مضطهدة" - على الرابط التالي:http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2011/04/110428_us_egypt_religion.shtmlالجيش تولى السلطة فجأة ويوما ما سيسلمها لحكومة جديدة، ونحن عيش الآن مرحلة انتقالية أطرافها اللاعبون على الساحة السياسية واضحون للعيان وأقواهم هم الإخوان بحكم تنظيم الصفوف والخبرة السياسية ومعرفة كل صغيرة وكبيرة في مصر فضلا عن امتلاك وسائل ضغط تمنحهم الفرصة لتنفيذ "ما يرونه صحيحا".وجب التنويه هنا إلى تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون أثناء فعاليات الثورة والتي جاءت جميعها بصيغة واحدة تطلب "تأمين انتقال سلمي للسلطة يسمح بحكومة تشاركية"، راجع التصريحات.الحكومة التشاركية التي أشارت إليها كلينتون هي حكومة تجمع بين النظام والإخوان، كما أن مبارك هاتف أوباما قائلا :"أخشى سيطرة الإخوان على السلطة". مبارك عندما قال ذلك ظن أن أمريكا ستؤيده لأنها ترفض التيارات الإسلامية ولكن ما حدث كان مغايرا لتوقعات أحد أكثر رؤساء العرب حنكة سياسية.أمريكا بالطبع كانت تعلم أن الإخوان هم الفئة الوحيدة القادرة على استنفار الجماهير وتنظيم الصفوف وتحريكها من جمعة الغضب إلى الرحيل إلى "الزحف" وهو اليوم الذي هدد فيه الإخوان بسحب الجماهير الغفيرة تجاه قصر العروبة ولم يكن هناك مفر من مغادرة مبارك وإعلان تخليه عن السلطة.اختيار يوم الجمعة (الغضب والرحيل والزحف والمحاكمة والتطهير) يقول إن الإخوان هم من قاد التحرك.إذن الانتقال السلمي للسلطة هو من مبارك إلى الإخوان، وهذا ما قالته أمريكا وضغطت على مبارك أو "باعته" من أجله.تذكر معي: أمريكا هي التي ضغطت على مبارك ليتنحى وهي تعلم جيدا أن الإخوان بمقدورهم الوصول إلى السلطة.هناك العديد من السياسيين المصريين والمنظمات الفاعلة تلقوا دعما من أمريكا بدعوى نشر الديمقراطية في مصر، وبعد تنحي مبارك - الذي قال إن الجميع تخلى عنه - لم يحصل هؤلاء على أي دعم أمريكي فالولايات المتحدة لم تطلب من الجيش إشراكهم في السلطة ولم تتحدث عنهم إعلاميا بينما تتحدث بشكل شبه يومي عن الإخوان والسلفيين، لأن أمريكا ببساطة مستعدة للتخلص من أي حليف مقابل وصول "أي تيار إسلامي" إلى عرش مصر.لا أريد ذكر المنظمات المدعومة أمريكيا ولكن هناك حركات سياسية شهيرة أو سياسيين بارزين كانوا الأكثر نشاطا قبل الثورة أو أرادت أمريكا أن نراهم كذلك، والآن هم تائهون وأوشك جميعهم على الاندثار، حتى وإن رشح أحدهم نفسه لرئاسة الجمهورية فأمريكا لن تدعمه.إذن أمريكا طلبت تسليم السلطة إلى الشارع وهي تعلم أن الإخوان هم الوحيدون القادرون على قيادته، والجماعة بدورها قالت إنها لا ترغب في ترشيح أي من أعضائها لرئاسة الجمهورية وذلك لقناعتها التامة بأنها الفائز في نهاية الطريق بالإضافة لحاجتها إلى المزيد من الوقت لإعادة ترتيب الأوراق في ظل الوضع الجديد.هل من الممكن أن يتم معالجة هذا الأمر سلميا بمعنى أن الإخوان أصبحوا شركاء في السلطة فهل بإمكانهم أن يصبحوا شركاء في المجتمع؟، وبدلا من الصراع الخفي بينهم وبين الجيش هل من الممكن أن يعمل الطرفان معا من أجل أن تكون مصر ذات مرجعية "إسلامية وسطية" دون النظر في هذه المرحلة إلى الدور الإيراني أو السعودي في المنطقة.الإخوان ضغطوا على الجيش حتى يرى العالم مبارك وهو في السجن وهذا مقبول في حالة واحدة فقط، إذا كان سيأتي بموافقة الجيش، ولكنه جاء بأسلوب الضغط.قرارات حبس صفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحي سرور وجمال وعلاء مبارك "على ذمة التحقيقات في قضايا مختلفة" تم اتخاذها خلال أسبوع واحد، هو الذي تلا "جمعة المحاكمة والتطهير" التي دعا إليها الإخوان.هناك مليونية سابقة لمليونية الإخوان كان اسمها مليونية إنقاذ الثورة دعت إليها جهة "غير معلومة" وتبنتها حركات سياسية كثيرة ومنها ائتلاف شباب الثورة "الذي انسحبت منه حركة 6 أبريل مؤخرا" وكان الحضور في ميدان التحرير ضئيلا أو لا يمكن مقارنته بالأعداد الغفيرة التي شاركت بجمعة المحاكمة.مليونية إنقاذ الثورة تمت الدعوة إليها في أعقاب الاستفتاء على التعديلات الدستورية والذي حمل صبغة دينية، وشهد نشاطا غير مسبوقا للإخوان والسلفيين من جهة والأقباط من الجهة الأخرى.شهدت جمعة المحاكمة مشاركة عناصر من الجيش بالزي العسكري في قلب ميدان التحرير وأعلنوا عن اعتصامهم لحين تنفيذ "مطالبهم" وهذا ما أفزع المؤسسة العسكرية - من وجهة نظري - فاضطرت لتنفيذ مطالب الإخوان ولكنها توقفت عند مطلب واحد فقط هو "حبس مبارك رأس النظام".لا يزال الشد والجذب يأخذ طريقه بين الجيش والإخوان، وقد شهدت الأيام الأخيرة زيارة رئيس الوزراء عصام شرف إلى السعودية التي حذرت من حبس مبارك مرارا وتكرارا لأنها تعتبر ذلك تنفيذا لمطالب الإخوان داخل مصر وإيران خارجها، وإذا ما حدث ذلك فإن إيران ستصبح أكبر اللاعبين في الشرق الأوسط بجوار إسرائيل وتركيا، فيما سيتراجع دور مصر وسوريا وبالتالي السعودية.الحكمة تقول ابتعد عن الصورة حتى تتمكن من رؤيتها بوضوح، عندما تفكر أمريكا في حبس مبارك فلن تقول إن الشعب المصري هو الذي حدد مصيره، ولكنها ستقول إن السعودية ترفض حبسه وإيران أصبحت ذات أنياب في مصر وخارجها فماذا لو تولت أنياب إيران السلطة في عدة دول عربية؟حبس مبارك يحمل رسالة من إيران مفادها "نحن هنا أصحاب الكلمة"، وفي المقابل فإن أمريكا تريد ذلك وربما خططت له.فأين كانت المخابرات الأمريكية قبل الثورات العربية؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل