المحتوى الرئيسى

الرؤساء العالون لماذا يتساقطون ؟ بقلم: رفيق علي

04/28 18:37

الرؤساء العالون لماذا يتساقطون ؟ فخامة الرئيس ومعالي الوزير وسعادة الأمير .. ألقاب لم تكن في ماضينا ، بل لا نجدها في حاضر الأمم الأخرى، غير أمتنا؛ بل دويلاتنا وإماراتنا .. فلماذا يتساقط سريعاً مثل هؤلاء وهم بكل هذه العظمة والفخامة؟ ألأنه نظام الحكم الجبري الدكتاتوري فقط، وقد طال أمده وآن الأوان لزواله ، وبالتالي سقوط القائمين عليه، أم لأسباب أخرى تتعلق بخصال الرئيس ونزاهته وشخصيته وسيرته؟ وما مدى تأثير النظام على هذه العوامل أو تأثره بها؟ لا شكّ أنّ الرئيس في أيّ نظام وبحسب دستور هذا النظام يكون مقيداً بقوانين ومواد هذا الدستور، إلا أنّ هذا لا يكون ويطبّق إلا في حال نظام ديمقراطي حقيقي كما هي أغلب الأنظمة الأوربية والغربية، أما من خلال نظام جبري كأنظمتنا العربية، وما تزال عالقةً بها روائح السلطان المتسلط أو الشيخ زعيم القبيلة، ومفروض عليها القائد الملهم والزعيم الموهوب، فإنّ التجاوز والتخطي وارد ! ولو كان هذا التجاوز من أجل التعديل والتقويم والرجوع إلى الحكم بما أنزل الله تعالى في كتابه الكريم، لقلنا أهلاً ومرحباً، لكننا ومع شديد الأسف نجد هذا التجاوز من مثل هؤلاء الرؤساء إنما يكون من أجل تحقيق المصلحة الشخصية وتغليبها على مصلحة الأمة وخيرها.. وهذه أولى أسباب سقوط أمثال هؤلاء الرؤساء من أول هبة ضدهم، وتساقطهم بتوالى الضربة بعد الضربة لأنظمة حكمهم التي لم يحافظوا على ديمقراطيتها كما حافظ الغير عليها، ولم يستطع مخزونهم الأخلاقي والبراجماتي أو الإنتاجي النافع أن يصمد أمامها؛ فإما أن يستسلموا سريعاً وإما أن يكابر بعضهم ويداور حتى يلقى مصيره المحتوم! لقد حافظت الثورة الفرنسية ـ قادةً وشعباً ـ على مرمى نشيدها الثوري (المارسييز) فحققوا نظام العدل والحرية والمساواة، وأخرجوا من في السجون وطبقوا الديمقراطية بحقها، فاستقر نظامهم دون الحاجة لأية ثورة جديدة.. أما عندنا وفيما عرف بأعظم الثورات في قطر له مكانته في الطليعة من الأقطار العربية، فقد طرق أسماعنا منذ البدء نشيد( بالاتحاد والنظام والعمل) فهل حصل؟ وأيّ نظام وأيّ عمل حتى غاب النشيد ولم يعد له وقع ولا أثر، وحل محله صوت الزعيم الأوحد والبطل! ثم سمعنا ورددنا أثناء العدوان الثلاثي نشيد (الله أكبر فوق كيد المعتدي) فهل تحس له اليوم من وقعٍ أو تسمع له ركزا؟ وكأنّ العدوان قد انتهى وكأن الاستعمار لم يعد قائماً! ولكنه عاد في ثوبه الشرق أوسطي الجديد ليطالب أنظمتنا بحذف آيات الجهاد ورفعها من مناهج تعليمنا! لقد عفت الأنظمة على أناشيدها الثورية، بمثل ما قبلت أن تدوس على قيم وتعاليم دينها مرضاةً للدخيل الأجنبي وتجاوباً مع النظم العلمانية الفاسقة ! فماذا ينتظر لها وماذا يتوقع لكبرائها وحكامها إلا العفاء أيضاً؟ إنّ أول ما يفكر به الرئيس الزعيم عندنا منذ توليه سدة الحكم أن يبقى رئيسا "منتخباً !" مدى الحياة مع تهيئة أحد أبنائه لوراثة الحكم من بعده، مع ما تمتلئ به سنون حكمه الطويلة من مظاهر الانحراف والفساد، وهذه ثاني الأسباب التي تجعل شعوبهم يثورون عليهم ويطالبون بإسقاطهم .. ثم يعلن الزعيم ـ بواسطة أبواق دعايته مدعمة ببطانته المداهنة المنتفعة ـ أنه الزعيم الأوحد والمفكر الأمجد الذي يجب أن تنصاع له كل رءوس الفكر وحتى العلماء والمُفتون في الدولة ! والصحيح أنه ليس الأوحد في كل ذلك، وإنما يشاركه شخصان آخران بالدرجة الأولى بل قد يفرضان عليه ما يريان، هما سيدة البلد الأولى ـ زوجته ـ وأمين سر الدولة المحترم، وهكذا تسير الأمور من السيّئ إلى الأسوأ.. نحو تعطيل الشورى وانتشار المحسوبية وغير ذلك من مظاهر الفساد التي تؤدي إلى سقوط هؤلاء، بكل مظاهر عظمتهم والكبرياء ************************* صحيفة الاستقلال عدد 509j

Comments

عاجل