المحتوى الرئيسى

المالية الإسلامية .. مواطن الضعف والحلول

04/28 07:46

طلعت زكي حافظ شهدت التعاملات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، نمواً كبيراً على مستوى العالم، الأمر الذي يؤكده النمو المطرد في حجم هذا النوع من التعاملات، إذ تشير الإحصائيات، إلى أن حجم التعاملات المالية الإسلامية، على مستوى العالم، قد تضاعف خلال العام الماضي ليبلغ نحو تريليون دولار أمريكي، مقارنة بما كان عليه في نهاية عام 2006، الذي بلغ نحو 531 مليار دولار، كما أن الصكوك الإسلامية، التي تم إصدارها على مستوى العالم تجاوزت قيمتها مبلغ مليار دولار أمريكي. هذا النمو الملحوظ في حجم التعاملات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، يرجع سببه إلى رغبة جمهور لا بأس به من المتعاملين مع المؤسسات المالية والمصرفية على مستوى العالم، وبالذات على مستوى العالم الإسلامي، التعامل بمنتجات وأدوات مالية إسلامية بديلة عن المنتجات المالية التقليدية، بغية تفادي الوقوع في عمليات مالية أو مصرفية ربوية، تخالف مقاصد الشريعة الإسلامية، وتتنافي مع الهدف السامي للشريعة الإسلامية، المتمثل في تحريم الربا، وتشجيع الناس على التعاملات المالية الإسلامية. ومن هذا المنطلق حرصت المصارف والمؤسسات المالية على مستوى العالم، على تلبية احتياجات عملائها بتقديم منتجات مالية ومصرفية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وليس ذلك على مستوى دول العالم الإسلامي فحسب، بل حتى على مستوى دول الغرب، حيث على سبيل المثال، تتصدر المملكة المتحدة قائمة الدول الغربية في تقديم وإدارة أصول ومنتجات مالية ومصرفية إسلامية، إذ تجاوزت قيمة الموجودات المالية الإسلامية في المصارف والمؤسسات المالية البريطانية بنهاية عام 2009، 18 مليار دولار، كما أنه يوجد في بريطانيا اليوم أكثر من 22 بنكاً ومؤسسة مالية، تقدم خدمات مالية إسلامية، لعل من بين أشهرها وأبرزها البنك الإسلامي البريطاني الذي تم إنشاؤه في عام 2004. هذا النمو المطرد في الطلب على المنتجات والخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، لا ينفي بأي حال من الأحوال وجود عدد من التحديات التي تكتنف مسيرة ذلك النمو، وتحد من قدرة انتشار التعاملات المالية الإسلامية على مستوى العالم بالوتيرة المرتقبة ودرجة التسارع التي ينشدها عدد كبير من الخبراء والمختصين في ذلك النوع من التعاملات، وبالذات بعد أن أثبتت الحقائق، أن المؤسسات المالية والمصرفية، التي تستند في تعاملاتها المالية والمصرفية إلى الشريعة الإسلامية، تمكنت من التعامل مع تبعات الأزمة المالية العالمية، بكفاءة واقتدار مقارنة بمثيلاتها التقليدية، إضافة إلى أن البعض يجزم بأن الوقت قد حان لأن يحل الاقتصاد الإسلامي محل الاقتصاد الرأسمالي، بسبب الاعتقاد السائد أن الاقتصاد الرأسمالي هو السبب الرئيس وراء حدوث الأزمة المالية العالمية، وبالذات فيما يتعلق بآليات التطبيق المرتبطة بنظريات وافتراضات الاقتصاد الرأسمالي التي كان يكتنفها في معظم الأحيان شيء من الغموض وعدم الانضباط، مما أدى في نهاية المطاف إلى حدوث الأزمة المالية العالمية. يتفق عدد كبير من الخبراء في مجال التعاملات المالية والمصرفية الإسلامية، على أن من بين أبرز التحديات، التي تواجه تطور هذا النوع من الصناعة، غياب الهياكل القانونية والتنظيمية، التي تعنى بتنظيم التعاملات المالية الإسلامية، التي تتم على مستوى العالم، مما يتطلب ضرورة اضطلاع البنوك المركزية على مستوى العالم، والجهات المالية ذات العلاقة، بدور أكبر فيما يتعلق بتنظيم التعاملات المالية والمصرفية الإسلامية التي تتم داخل أروقة المؤسسات المالية، وبالذات فيما يتعلق بعمليات التدقيق والرقابة الشرعية على التنفيذ، بهدف التأكد من أن العمليات التي يتم تنفيذها، تتوافق تماماً مع مقاصد الشريعة، وتبعد كل البعد عن التجاوزات أو الأخطاء، التي قد تضر بسلامة العملية، وتتسبب في انحرافها عن المتطلبات الشرعية، وبالتالي وقوعها في المحظور. من هذا المنطلق يطالب البعض بضرورة استحداث وحدات رقابة شرعية في البنوك المركزية والجهات المالية ذات العلاقة، حيث يكون من ضمن مهامها الرقابة الشرعية على العمليات المالية والمصرفية، التي تتم داخل المؤسسات المالية والمصرفية، بهدف التأكد من سلامة التطبيق الشرعي لها، الأمر الذي سيبعث الطمأنينة إلى نفوس المتعاملين، ويضفي مزيدا من المصداقية على ذلك النوع من التعاملات، وسيعزز انتشارها واتساع رقعة التطبيق والقبول لها. ورقة عمل بعنوان'' ''تطور المصرفية الإسلامية في السعودية''، ألقاها عبد الرزاق الخريجي، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس مجموعة تطوير العمل المصرفي الإسلامي في البنك الأهلي التجاري، على طلاب قسم الاقتصاد في جامعة الملك سعود، بتاريخ 24 نيسان (أبريل) 2011، وأيضاً جلسة حوار بعنوان: ''نحو منظومة متكاملة للمالية الإسلامية''، عقدت في جامعة عفت بتاريخ 25 نيسان (أبريل) من العام نفسه، أوضحت أن من بين التحديات التي تواجه تطور المالية الإسلامية بشكل عام والمصرفية الإسلامية بشكل خاص، المسائل المتعلقة بتوفير السيولة بالمرونة المطلوبة، التي تمكن المصارف والمؤسسات المالية من القيام بالأدوار الاقتصادية المنوطة بها على الوجه المنشود، كما أن تطوير الموارد البشرية، وتطوير الهيئات الشرعية، حيث تجمع بين علماء الشريعة وممارسي الصناعة، يعد من بين أبرز التحديات التي تواجه تطور المالية الإسلامية، إضافة إلى أهمية التركيز على إدارة المخاطر (المخاطر الشرعية، ومخاطر السوق، ومخاطر الائتمان والتشغيل)، بما في ذلك القدرة على تطوير المنتجات والأدوات المالية الشرعية، التي تلبي احتياجات العملاء وتحقق لهم تطلعاتهم وطموحاتهم. خلاصة القول، أنه على الرغم من التطور المذهل، الذي شهدته التعاملات المالية والمصرفية المتوافقة مع متطلبات الشريعة الإسلامية على مستوى العالم، إلا أن الحاجة لا تزال ملحة لمعالجة عدد من نقاط الضعف بما في ذلك التحديات، التي تواجه تطور ذلك النوع من التعاملات، التي تأتي في مقدمتها وعلى رأسها، أهمية تعزيز وعي العملاء بالمنتجات المالية الإسلامية المختلفة، وتطوير رأس المال البشري، والالتزام بتطبيق قواعد حوكمة الشركات، إضافة إلى القدرة على إدارة المخاطر المختلفة. إن تمكن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية من التعامل مع جملة تلك التحديات، سيمكنها من التوسع في تقديم خدمات مالية بما في ذلك منتجات مصرفية، ترقى إلى تطلعات وطموحات العملاء، الأمر الذي سيتحقق منه التطور والازدهار المنشود لصناعة المالية الإسلامية، حيث تصبح في يوم ما بديلاً قوياً للمنتجات المالية والمصرفية التقليدية، مما سيساعد على انتشارها وفق منهجية شرعية علمية وعملية مقبولة على مستوى العالم، والله من وراء القصد. *نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل