المحتوى الرئيسى

تراجع تداعيات الأزمة الاقتصادية.. قطاع الطاقة يواجه تحديات

04/27 07:10

نعمت أبو الصوف بعد عامين من التحديات والاضطرابات التي عصفت بالاقتصاد العالمي، يبدو أنه الآن في طريقه إلى الاستقرار إلى حد ما، حيث إن النمو الاقتصادي يعود مرة أخرى إلى بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والنمو في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية يبدو أنه قد استقر بشكل مستدام، مع خطر أقل لاحتمالية الانتكاس. مع تراجع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، يواجه قطاع الطاقة اليوم أزمتين من نوع جديد. تتمثل الأولى في الاضطرابات التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والأهم لأسواق النفط العالمية في هذا المجال، هو تعطل إنتاج النفط الليبي واحتمالية حدوث ذلك في بلدان أخرى. والثانية تتمثل في الزلزال القوي وأمواج المد اللاحقة التي ضربت اليابان يوم الجمعة 11 آذار (مارس) 2011، والتي تسببت في أضرار جسيمة للموانئ والسكك الحديدية ومحطات توليد الطاقة بأنواعها. أهم التداعيات في هذا المجال على قطاع الطاقة يتمثل في الأضرار التي أصابت محطات توليد الطاقة الكهربائية بجميع أنواعها وأدت إلى الحد بصورة كبيرة من الطاقة المتاحة للمستهلكين في المناطق المتضررة. التحدي الأكثر إلحاحا في هذا الجانب هو المحافظة على عمليات تبريد المفاعلات النووية التي أصيبت بأضرار جسيمة. على الرغم من التحديات التي تجابه قطاع الطاقة من جراء الأحداث الأخيرة، إلا أن أسواق الطاقة العالمية تتعافى بقوة من الركود الاقتصادي. إن زخم النمو في معظم مناطق العالم سيسمح للاقتصاد العالمي بالخروج من الصدمة المزدوجة الناجمة عن كارثة الزلزال في اليابان وارتفاع أسعار النفط نتيجة المخاوف من نقص في الإمدادات. الاقتصادات الناشئة مستمرة في قيادة هذا التعافي، لكن معدلات النمو السريعة التي شهدتها في السنوات الأخيرة تتجه نحو الاعتدال لكن بشكل أكثر استدامة. في حين الانتعاش في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تتخلف عنها، ولكن المخاوف من مزيد من الانهيار في الأسواق المالية أو الديون السيادية قد خفت إلى حد ما. حيث إن الاقتصاد العالمي نما أكثر من 4.5 في المائة في عام 2010 ومن المتوقع أن ينمو بنحو 3.9 في المائة في عام 2011. وعلى الرغم من أن معدلات النمو في عام 2011 أقل من 2010، لكنها تعكس حالة واسعة من النمو الاقتصادي في جميع مناطق العالم. بعد سنتين على التوالي من الانخفاض في الطلب العالمي على النفط، شهد عام 2010 نموا كبيرا في الطلب العالمي على النفط، على الرغم من عدم اليقين في توقعات نمو الطلب على النفط لعام 2010، تشير التوقعات إلى أن الطلب العالمي على النفط ارتفع في المتوسط بنحو 2.4 مليون برميل يوميا، أما في عام 2011 فإن معظم التوقعات تتوافق حاليا على أن الطلب العالمي على النفط سينمو بين 1.4 و1.5 مليون برميل في اليوم. الزلزال والتسونامي الذي ضرب اليابان سيكون له تأثير متواضع على الطلب العالمي على النفط، تشير التجربة السابقة إلى أن الطلب على النفط في قطاع توليد الطاقة الكهربائية يمكن أن يزيد بنسبة تصل بين 400 و500 ألف برميل يوميا. لكن هذه الزيادة في قطاع التوليد سيعوض عنها انخفاض الطلب في القطاع الصناعي وقطاع النقل والمواصلات خصوصا في المناطق الأكثر تضررا من كارثة تسونامي، الزلزال والمشكلات النووية. حيث تشير التقديرات الأولية الرسمية إلى أن الطلب على النفط في قطاعي الصناعة والنقل انخفض نتيجة الكارثة بنحو 600 ألف برميل يوميا، أي أن الطلب الإجمالي على النفط في اليابان يمكن أن ينخفض بين 100 و200 ألف برميل يوميا في المستقبل القريب. حيث سيكون الغاز وليس النفط هو البديل المفضل لتعويض التوقفات في توليد الطاقة النووية. على أي حال لا تزال هناك شكوك كبيرة حول الوضع الذي سيكون عليه مزيج وقود توليد الطاقة في اليابان في أعقاب الكارثة. لقد سجلت أسعار النفط ارتفاعا كبيرا منذ بداية الأزمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعزى السبب في ذلك جزئيا إلى فقدان الإنتاج الليبي والقلق بشأن خسائر أخرى في الإمدادات وضعف الدولار الأمريكي، حيث يتم تسعير النفط الخام بالدولار الأمريكي، وأي انخفاض في قيمة الدولار يمكن أن تنتج عنه ضغوط تصاعدية على أسعار النفط. المخاوف من انخفاض الطاقات الإنتاجية الاحتياطية وتعطل إمدادات أخرى أسهم أيضا في ارتفاع أسعار النفط، على الرغم من أن الطاقات الإنتاجية الاحتياطية من النفط الخام في ''أوبك'' تقدر حاليا بنحو أربعة ملايين ونصف مليون برميل في اليوم، بعد أن قامت السعودية وبعض دول المنظمة الأخرى بزيادة إنتاجها أخيرا استجابة للتطورات الأخيرة. هذه الطاقات هي أكثر بكثير مما هو مطلوب لتعويض أي نقص في الإنتاج الليبي أو حتى أي دولة أخرى بحجم الإنتاج نفسه، إلا أن زيادة المضاربات في أسواق النفط أسهمت في وضع ضغوط تصاعدية على أسعار النفط تقدر بين 10 و20 دولارا للبرميل. ويتوقع عديد من دور الخدمات الاستشارية والبنوك حاليا أن يصل متوسط سعر تداول خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت إلى أكثر من 100 دولار للبرميل و110 دولارات للبرميل على التوالي في عام 2011. مع عدم استبعاد أن الأسعار من الممكن أن تكون أعلى من ذلك في حالة تمدد الاضطرابات إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إضافة إلى ذلك فإن قوة انتعاش الطلب العالمي على النفط، وخصوصا في الصين، سيكون واحدا من العوامل الحاسمة التي قد تؤدي إلى دعم أسعار النفط. كما أن الطلب القوي على نواتج التقطير المتوسطة يشكل تحديا آخر للإمدادات، حيث إن الطلب على هذا النوع من نواتج التقطير من المتوقع أن يكون قويا خصوصا في الصين وغيرها من الدول الآسيوية غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية. نمو الطلب على نواتج التقطير في هاتين المنطقتين من المتوقع أن يشكل نحو 40 في المائة من نمو الطلب الكلي على مدى العامين المقبلين. بما أن الخامات الخفيفة تنتج نواتج تقطير أكثر من الخامات الثقيلة، فإن ارتفاع الطلب بصورة كبيرة عليها يمكن أن يؤدي إلى زيادة التنافس على الخامات الخفيفة واتساع الفارق في الأسعار بين النفط الخفيف والثقيل. إضافة إلى ذلك زيادة الإمدادات من سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات التي تعد الأنسب لإنتاج البنزين وأنواع الوقود الخفيفة الأخرى، يمكن أن تتأثر أسعار تداولها سلبيا من جراء الارتفاع الكبير في الطلب على نواتج التقطير المتوسطة. الطلب على الغاز الطبيعي قوي بصورة خاصة في آسيا، كما أن الطلب الإضافي على الغاز الطبيعي المسال في اليابان قد يؤدي إلى تشديد الأسواق أكثر. معروض الغاز الطبيعي الكبير الذي ظهر في أسواق الغاز الأوروبية خلال فترة الانكماش الاقتصادي قد تلاشى تقريبا، لكن تطوير مصادر الغاز الطبيعي غير التقليدية خصوصا السجيل الغازي في أمريكا الشمالية لا يزال يفوق الطلب على الغاز هناك. نتيجة لذلك، الفارق بين أسعار الغاز في أوروبا وأمريكا الشمالية يمكن أن يصل إلى خمسة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال العام المقبل ـــ حسب معظم التوقعات. الفحم يواجه باستمرار تحديات مستمرة في عديد من الأسواق، شكل الفحم لفترة طويلة العمود الفقري لمحطات توليد الطاقة الكهربائية في عديد من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وفي الآونة الأخيرة، أصبح الفحم مهما في الأسواق الناشئة أيضا، خصوصا في كل من الصين والهند. على الرغم من تاريخها الطويل، إلا أن محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالفحم تتعرض اليوم إلى ضغوط أكثر من أي وقت مضى. حيث يتم تشديد الخناق وتكثيف الجهود التنظيمية في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية للحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري (الغازات الدفيئة) وغيرها من الملوثات للحد من الآثار البيئية للمحطات العاملة بالفحم. حتى في الصين، الحكومة تقوم بتشجيع أنواع أخرى من مصادر توليد الطاقة لتلبية النمو السريع في الطلب على الطاقة. كيف يمكن مواجهة هذه التحديات لأحد أكبر مصادر الوقود الأحفوري في العالم لا يزال غير مؤكد. إضافة إلى التغيرات الهيكلية في قطاع الطاقة، فإن الزلزال وتسونامي في اليابان سيضع عراقيل على الطلب على الفحم لبعض الوقت، حيث عانت ست محطات تعمل بالفحم لتوليد الطاقة الكهربائية بطاقة إجمالية 8.3 جيجاواط من أضرار جسيمة. حتى وقت وقوع الزلزال، كانت هذه المحطات تعمل بطاقة مقاربة لطاقة التحميل الدنيا، هذا يعني أنها من المرجح أنها كانت تستهلك ما بين 15 و20 مليون طن متري من الفحم سنويا، فقدان هذه الكمية من الطلب على الفحم سيشكل معضلة لموردي الفحم، ولا سيما في ضوء التباطؤ الواضح في الطلب الصيني على الفحم خلال الربع الماضي. إن المخاوف المحيطة بالشلل الذي أصاب المفاعلات التي ضربها الزلزال في فوكوشيما شكلت انتكاسة إلى صناعة الطاقة النووية، حيث تتعرض الحكومات في كل من الهند والولايات المتحدة وأوروبا لضغوط لمراجعة معايير السلامة أو فرض تعليق أو توقيف النشاط على المشاريع الجديدة. على أقل تقدير، من المتوقع أن تتأخر بعض الاستثمارات الكبيرة في المجال النووي، أو تؤجل لمدة سنة أو سنتين. * نقلا عن "الاقتصادية" السعودية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل