المحتوى الرئيسى

مرشحو الرئاسة الأميركية وتحولات العالم العربي

04/27 03:49

منار الشوربجي بدأت حملة انتخابات الرئاسة الأميركية تتبلور إلى حد كبير، على الأقل في معسكر الجمهوريين. فقد أعلن الكثيرون من الرموز السياسية نية الترشح لمنافسة أوباما على مقعد الرئاسة. ورغم أن الانتخابات سوف تجري في نوفمبر ‬2012، أي بعد عام ونصف من الآن، إلا أن بدء المعركة الانتخابية مبكرا هكذا ليس جديدا في أميركا، بل هو القاعدة في الواقع وليس الاستثناء. أكثر من ذلك، فقد أجري مؤخرا استطلاع للرأي كشف عن شعبية كل واحد من أولئك المرشحين، وهي الشعبية التي قد تتغير كثيرا طوال الشهور القادمة. لكن لعل إحدى المفارقات الجديرة بالتأمل، هي أن أغلب المرشحين الذين تصدروا القائمة من حيث الشعبية، كان لهم موقف معادٍ من الثورة المصرية. فقد تصدر تلك القائمة الملياردير اليميني المتشدد دونالد ترامب، الذي لم يعلن بعد بشكل رسمي ترشحه لمنصب الرئاسة، فهو حصل على ‬26 في ذلك الاستطلاع. وهو الذي كان موقفه، ككثير من المتشددين اليمينيين في أميركا، خليطا من الجهل والغطرسة. ففي حوار إذاعي، وبعد أن هاجم أوباما بشدة واتهمه بأنه المسؤول عن «ضياع مصر من أميركا» بعد أن دفعت الأخيرة للأولى ‬68 مليار دولار طوال السنوات الماضية لضمان ولائها، أكد على أن إيران لها دور مهم في الثورة المصرية، وأن نتيجة ما حدث هي أن من يحكم مصر سوف يكون شخصا «كريها من هؤلاء». وحين سأله المحاور عمن يكون «هؤلاء»، لم يستطع أن يذكر اسما واحدا. أما المرشح الذي أتى مباشرة بعد دونالد ترامب، فقد كان هو مايك هكابي حاكم ولاية أركنسا السابق، وأحد رموز اليمين الديني. وهكابي صاحب برنامج تليفزيوني شهير الآن على قناة فوكس الإخبارية اليمينية، الأمر الذي يتيح له دعاية مجانية مشكوكا في قانونيتها. لكن هكابي الذي حصل في ذلك الاستطلاع على ‬17، كان قد أدلى بتصريحات مهمة من تل أبيب التي زارها بعد يومين من اندلاع الثورة المصرية، قال فيها: إن الثورة المصرية تمثل «تهديدا للعالم»، وأضاف: إنها تمثل أيضا «تهديدا لكل الذين يبحثون عن الأمن والسلام في العالم»! والحقيقة أن ذلك الموقف الذي اتخذه هكابي، وثيق الصلة بمركزية إسرائيل في فكر الرجل ورؤيته للسياسة الخارجية. فهو من اليمين الأصولي المسيحي، الذي يؤيد إسرائيل ويدعمها دون قيد أو شرط. أما نيوت غينغرتش، رئيس مجلس النواب الأميركي الأسبق، فقد قال: إن مصر مرشحة لأن تكون «إيران أخرى» تقع في أيدي دكتاتورية يقودها التطرف الإسلامي. وقد وجه هجوما لاذعا لإدارة أوباما، واعتبر أن الرئيس الأميركي قد ارتكب خطأ فادحا حين ألقى خطابه المتصالح مع الإسلام في القاهرة، والذي اعتبر غينغرتش أنه كان مهادنا بشكل غير مقبول للإخوان المسلمين. أما سارة بيلين التي كانت مرشحة لمنصب نائب الرئيس حال فوز جون ماكين المرشح الجمهوري في ‬2008، فقد انتقدت إدارة أوباما أثناء الثورة، في الأساس؛ لأنها تدير علاقتها مع مصر في تلك الفترة في السر لا في العلن، وراحت تطالبها بالمزيد من المعلومات. ثم أعربت عن تشككها في الثورة المصرية ومن وراءها، وما إذا كانت فعلا قد قامت من أجل الحرية والديمقراطية (!!) ثم قالت صراحة: إن أميركا لا ينبغي أن تسمح بوصول الإخوان المسلمين للسلطة. وكما ترى عزيزي القارئ، فإن أكثر ما يدعو للتأمل في تلك التصريحات، ليس فقط ما تكشف عنه من جهل وكسل فكري لا يليق بمن يرى في نفسه القدرة على حكم القوة العظمى الوحيدة في العالم، وإنما ما يستحق التأمل أيضا، هو تلك الحالة المتلبسة بهؤلاء السياسيين، والتي تنظر إلى الأحداث الدولية باعتبار أميركا هي الفاعل الوحيد الذي يستطيع بمفرده توجيه الدفة لهذه الوجهة أو تلك. فكما ترى، فإن شعب مصر ليس على الخريطة الذهنية أصلا لأي من هؤلاء المرشحين، ولا دور له ولا رأي في ما يحدث في بلاده! ومصر عبارة عن بقعة شطرنج تسمح أميركا أو لا تسمح بتحرك القطع عليها بشكل معين، دون غيره. وإذا حدث غير ذلك أو طرأت مستجدات لم تشارك فيها أميركا، يصبح الرئيس الأميركي هو المخطئ كما رأى معظمهم لسبب أو لآخر. وما قاله أغلب هؤلاء المرشحين عن الموقف من مصر ما بعد مبارك، هو في الحقيقة دعوة لمواجهة مع الأمة المصرية كلها. فالجمهوريون الذين صدعوا رؤوسنا في عهد بوش بالديمقراطية وضرورة «تغيير النظم السلطوية» في بلادنا، لأنها تفرخ القهر والإرهاب، هم أنفسهم الذين يقولون الآن للمصريين: إن «تغيير النظام السلطوي» عندكم معناه قيام دكتاتورية دينية أو إيران أخرى، وهي رسالة مهمة مؤداها أن الجمهوريين مع الديمقراطية التي تفرز نظما على مزاج أميركا، وليست الديمقراطية التي تعبر عن مزاج شعوبها! فإياكم أيها المصريون أن تختاروا من هو ليس على مزاجنا!! الطريف في الأمر أن واحدا فقط من بين المرشحين الخمسة الذين تصدروا المشهد في استطلاع الرأي، هو الذي اتخذ موقفا منحازا لإرادة المصريين، وهو المرشح ميت رومني الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس، والذي سبق أن رشح نفسه للرئاسة في عام ‬2008 وانسحب مبكرا من المنافسة. الجدير بالتأمل حقا، أن الذين يتصدرون المشهد في معسكر الجمهوريين ـ باستثناء رومني ـ يمثلون أقصى يمين الساحة الأميركية، وهو ما يعبر عن أن الحزب الجمهوري نفسه يزداد انجرافا نحو اليمين على مدار الساعة. *نقلا عن "البيان" الإماراتية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل