المحتوى الرئيسى

مصر الجديدة بقلم:غازي السعدي

04/27 17:58

التاريخ : 27/4/2011 تحليل أسبوعي مصر الجديدة غازي السعدي من حق رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" أن يقلق وينزعج بل وينفجر، من تشكيل حكومة مصرية يعتبرها معادية لإسرائيل، وخاصة بعد الانتخابات البرلمانية المصرية التي ستجري في أيلول القادم، حيث كشف عن هذا القلق لممثلين من الاتحاد الأوروبي، وهو قلق بشكل خاص من تصريحات وزير الخارجية المصري "نبيل العربي" المعادية لإسرائيل- حسب ما جاء في جريدة "هآرتس 17/4/2011"- وعلى وزير مالية مصر "سمير رضوان" الذي وصف الاستثمارات الأجنبية في مصر بالمعادية، وانه لا يريد استثمارات من الأعداء- ويقصد إسرائيل- ومصادر في الخارجية الإسرائيلية أعربت عن قلقها من تصاعد الحملات المصرية المعادية لإسرائيل، ونتنياهو في اجتماعه مع سفراء الدول الأوروبية أعرب عن قلقه من تسارع وتيرة التقارب المصري- الإيراني، ومن التحولات الجارية في السياسية الخارجية المصرية، في أعقاب اتخاذ المجلس العسكري الانتقالي قرارين هامين يتعلقان بتغيير التحالفات المصرية في المنطقة، فالأول: السماح للسفن الحربية الإيرانية بالمرور عبر قناة السويس إلى البحر المتوسط في طريقها إلى الموانئ السورية، أما الثاني: فكان السماح لقيادات من حركة "حماس" بالمرور عبر معبر رفح إلى الخارج، بعدما منعهم النظام السابق حرية العبور منذ عامين، يضاف إلى ذلك، القلق الإسرائيلي حيال قيام مدير المخابرات العامة المصرية الوزير اللواء "مراد موافي" بزيارة غير معلنة للعاصمة السورية، بتاريخ 18/3/2011، كما أن الإفراج عن شقيق "الظواهري"، تعتبره إسرائيل – إضافة إلى المؤشرات الأخرى- تحولاً جذرياً في الإستراتيجية المصرية الجديدة، لكن أكثر ما يقلق إسرائيل، هو التقارب المصري – الإيراني، والمصري – السوري، وقد وضع المجلس العسكري المصري -حسب المصادر الإسرائيلية- هدفاً يتعلق بتغيير السياسات المصرية تجاه إسرائيل، وان مصر ستكون منفتحة على الجميع، أما بالنسبة لإسرائيل فإن السياسة المصرية الجديدة تتلخص بمدى التقدم بحل القضية الفلسطينية، وفي مواجهة "نتنياهو" الذي يقود سياسة معادية لتحقيق السلام. لقد وصف تقرير إسرائيلي منسوب إلى بعض كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع المشير "محمد حسين طنطاوي"، بأنه عقبة أمام علاقات إسرائيل مع مصر، وبخاصة أمام الجهود التي تبذل لمنع تهريب الأسلحة عبر سيناء إلى غزة، "هآرتس 8/4/2011"، وهناك قلق آخر من وزير خارجية مصر "نبيل العربي" الذي أعرب عن رؤيته بشأن ما ينتظر علاقات مصر مع إسرائيل، ومع أنه أعلن عن التزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل، إلا أنه أوضح أن يديه نقيتان كونه لم يكن شريكاً في صياغة اتفاقية السلام، ويضيف بأن كل شيء قابل للتعديل على هذه الاتفاقية، وان ما كان لن يكون، وان مصر ليست في جيب أحد، وعلى إسرائيل الكف عن التسلي مع مصر، مثلما تسلت مع نظام مبارك، وحسب "العربي"، فإن مصر قد تستغل المادة "8" في اتفاقية السلام، التي تنص على إنشاء لجنة مطالبات للتسوية المتبادلة، لكافة المطالبات المالية، فقد طالبت مصر إسرائيل أثناء مفاوضات "الكامب"، بتعهد إسرائيلي بدفع تعويضات شاملة، عن الأضرار الناجمة عن العمليات التي قامت بها إسرائيل ضد السكان والمنشآت المدنية، وعن استغلالها للموارد الطبيعية في الأراضي المصرية التي احتلتها إسرائيل، فهذا البند لم يفعّله النظام المصري السابق، فأمام إسرائيل مفاجآت، مثل فتح ملف تواجد القوات المصرية في سيناء، ومطالبة بتعويضات عن الجنود الذي استشهدوا في سيناء، استنادا إلى اعترافات إسرائيليين تباهوا بقتل أسرى مصريين، إضافة إلى اتفاق الغاز مع أنه غير مشمول باتفاق السلام، ومطالبة إسرائيل بالتزاماتها التي وردت باتفاقيات السلام، بالشأن الفلسطيني وقضايا اخرى. إسرائيل تخشى من تشكل مثلث استراتيجي: مصري، تركي، إيراني، وربما يضاف إليه سوري، ومما يزيد من المخاوف الإسرائيلية أيضاً، اتهام نائب رئيس الحكومة المصرية "يحيى الجمال"، إسرائيل بأنها تمس بأمن واستقرار الشرق الأوسط، ومحاولتها منع مصر من أن تصبح جهة قائدة في المنطقة، فالدوائر السياسة في إسرائيل، ترى في ضوء التصريحات التي أدلت بها شخصيات مصرية، إضافة إلى المظاهرات الصاخبة التي جرت أمام السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وأمام القنصلية الإسرائيلية في الإسكندرية، ترى بأن السياسة المصرية تسير نحو التشدد تجاه إسرائيل، خاصة ما نسب للوزير "الجمال" بوصفه لإسرائيل بالعدو، ففي تقرير للبروفيسور الإسرائيلي "الكسندر بلي"، المحاضر في قسم الشرق الأوسط في المركز الجامعي في "ارئيل"، وصف السياسة المصرية بأنها تسير نحو قواعد جديدة في المنطقة، وان لحركات الاحتجاج في العالم العربي قاسماً مشتركاً واحداً هو التعبير عن إرادة الشعوب بحكم ديمقراطي، ويتوقع "بلي" نشوء نظام إسلامي في مصر، لكنه يستبعد قيام النظام المصري الجديد بإلغاء معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، "هآرتس 30/3/2011". نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي "يائير نافيه"، حذر من مشاركة بعض الأحزاب المصرية بالحكومة المصرية القادمة، زاعماً بأن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى قلب الموازين، وسيكون لها تأثيرات سلبية، أما "الإذاعة العبرية 20/4/2011"، فقد هاجمت السفير المصري السابق "عبد الله الاشعل"، وهو أحد المرشحين لرئاسة مصر، ويدعم وزير الخارجية "نبيل العربي" تجاه إسرائيل، واتهمته بمعاداة تل ابيب، فهو –حسب رأيها– من خلال حملته الانتخابية يُحرّض الشعب المصري على إسرائيل، وهاجم اتفاقية "كامب ديفيد" وطالب بإعادة النظر فيها، ويدعو إلى تقوية العلاقات المصرية مع إيران إذا فاز بالرئاسة، وهذا أكثر ما يغضب إسرائيل، كما أن وسائل الإعلام الإسرائيلية كثفت من هجومها على حكومة الثورة التي يترأسها "عصام شرف"، ووزير خارجيته "نبيل العربي" ووصفتهما بأنهما معاديان للسامية، وهذا الوصف جاهز لكل من يُعارض السياسة الإسرائيلية، وفي تعقيبه على المخاوف التي أبداها "نتنياهو" بشأن التقارب المصري – الإيراني، جاء في رد الناطق بلسان الخارجية المصرية، بأن إيران هي دولة عظمى اقليمية وجارة، وأن العالم كله يقيم علاقات معها، باستثناء أميركا وإسرائيل. إسرائيل تعتبر أن نظرية الأمن المصرية، ما زالت تقوم على أن إسرائيل هي التهديد العسكري لمصر، وعلى هذه النظرية يعمل المصريون على بناء قدراتهم العسكرية، فالجيش المصري ما زال يرى بإسرائيل عدوة، ففي إسرائيل أخذوا ينتقدون القيادتين السياسة والعسكرية الإسرائيلية، لأنهما لم تضعا إستراتيجية وخططاً لمواجهة الجبهة المصرية بافتراض تحول يفضي إلى نقض معاهدة السلام، وحسب المصادر الإسرائيلية فإن الجيش المصري لا يزال يعتبر أنه في حالة حرب مع إسرائيل، إلا أنه وبعد سقوط النظام المصري السابق، استيقظت القيادة الإسرائيلية السياسية بتوجيه الأسئلة والانتقادات للقيادة العسكرية، بكل ما يتعلق بالجبهة المصرية، مع أن الجيش الإسرائيلي سبق وأن أعلن مراراً وتكراراً بأنه جاهز لحرب شاملة على جميع الجبهات، وترفض القيادة العسكرية اتهامها بالتقصير في استنتاجاتها إذ لديها متسع من الوقت يزيد عن سنتين، بعد حدوث أي تهديد مصري، وأن الجيش المصري لا يزال مبني على أسس دفاعية، ولم يتدرب على خطط هجومية، فسقوط "مبارك"، اعتبر في إسرائيل بمثابة إنذار إستراتيجي، وقرع الأجراس لإعادة اهتمام الجيش الإسرائيلي بالجبهة الجنوبية أي المصرية، مع أن التطورات المصرية سريعة، لا يستطيع أحد أن يتنبأ ماذا سيحدث في اليوم التالي، وفي إسرائيل يعتبرون بأن جميع الاحتمالات واردة، لكن إسرائيل تراهن على مواقف أميركا من مصر، باعتبارها الضمانة لإسرائيل التي تستطيع وقف دعمها المالي السنوي لمصر، ووقف تزويد الجيش المصري بالمعدات وقطع الغيار العسكرية، فإن السياسات الإسرائيلية تضع في حسبانها جميع الاحتمالات، باستثناء الاحتمال الأهم الذي يزيل كل قلقها ألا وهو السلام الشامل والعادل والدائم، والذي ليس وارداً في حساباتها. أملنا أن مصر الجديدة لن تعود إلى سياسة النظام السابق بالنسبةلاسرائيل بل أنها ستتبع سياسة جديدة، لتعود إلى قيادة الأمة العربية، وجمع شمل المجتمع العربي في جميع الدول العربية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل