المحتوى الرئيسى

شيفرة الشابي

04/26 19:34

شيفرة الشابي أبو القاسم الشابي المتوفي سنة 1934م , ربما لو قرأنا قصيدته المشهورة هذه في ذلك الوقت لم تكن تعني لنا غير (ويقولون ما لا يفعلون) مجرد كلمات أطلقها شاعر عربي من فوهة إن من البيان لسحرا , وكم تغنت الشعوب بهذه القصيدة وخاصة مطلعها : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر وربما لم تقرر الشعوب يوما إرادة الحياة كما أرادته بدءا بتونس مرورا بمصر وما تعج به الساحة العربية مؤخرا من انتفاضة لإرادة تلك الشعوب , فعندما كانت الأحزاب المعارضة والتنظيمات السرية تحاول فرض إرادة الحياة منذ ظهور الدول الحديثة , إلا أنها لم تفلح في تعزيز إرادة الشعوب بالشكل الانقلابي المذهل الذي نشهده منذ الثورة التونسية وما بعدها , وربما من المفارقات العجيبة أن يظهر مواطن تونسي من حيث ظهر أبو القاسم الشابي ليشعل الشرارة الأولى لإرادة الشعوب نحو الحياة , إن شفرة الشابي التي غفلت عنها الشعوب ردحا من الدهر هي ( إرادة الشعب ) أي كل الشعب , هذه الشفرة بمعادلتها البسيطة تعني : إرادة الشعب = الحرية . ولكن الشابي ربط بين تحقيق هذه الإرادة وبين استجابة القدر هو اختيار كافة الشعب لهذه الإرادة , فالمصريون مثلا لم يأملوا يوما بتحقيق إرادتهم عبر حياتهم السياسية الطويلة ولم يتوقعوا يوما أن ينالوا مبتغاهم خلال أيام قليلة إلا بعد تحقيق وحل شفرة الشابي التاريخية , فاللمصريين تاريخ سياسي حافل سواء من خلال المعارضة أو المؤامرات السياسية والحروب الطاحنة بين الجهات الأمنية عبر تاريخها ومسمياتها المختلفة وبين إرادة جزء من الشعب وليس كل الشعب , فمعادلة الشابي كانت غائبة عن المشهد السياسي دائما , ولكن تلك المعادلة حلت تاريخيا وربما بالصدفة المطلقة على أيدي مجموعة من الشباب والتي جيشت الشعب كاملا لتحقيق إرادة الحياة وكما قال الشابي : فعجت بقلبي دماء الشباب وضجت بصدري رياح أخر وربما هذا ما يفسر فشل رياح التغيير في بلدان أخرى , وبصورة أدق لأنها تعبر عن إرادة جزء من الشعب أو ربما أقلية قليلة منهم وليست كل إرادة الشعب أي أن (شفرة الشابي) لم تحل عند تلك الشعوب أو لم تكن الظروف صالحة لاكتمالها . لا شك أن الشعوب هي التي تمنح نفسها إرادة الحياة , وحتى تلك الشعوب التي تحاول تمرير أجندات خاصة بفئة من الشعب مع تجاهل بقية الشعب لن تكتب لها النجاح في تحقيق حل تلك الشفرة التاريخية , فالمعادلة دقيقة بشكل مذهل لأن أهدافها ونتائجها لا تقل عنها دهشة وذهولا في إحداث تلك التغييرات المذهلة التي نشاهدها هذه الأيام , (إذا الشعب يوما أراد الحياة , وليس إذا جزء من الشعب أراد الحياة ) . إن غياب العدالة الشاملة في أي مجتمع تعتبر تلك هي الأرض الخصبة لنمو بذرة الإرادة العامة للتغيير , وتعتبر الحروف الأولى لحل ( شفرة الشابي ) . وربما حل تلك الشفرة بعد ولادة هذه المعادلة التاريخية بأكثر من 80 عاما يعتبر تغيرا نوعيا خطيرا في حياة الشعوب المستقبلية , وها هي أقوي الأنظمة البوليسية التي عرفها العالم العربي تنهار نظاما وراء نظام وبتوقيت لم يكن إلا ضربا من المستحيلات قبل أشهر قليلة , ولكن إرادة الشعب إرادة كاملة قدرت على ضمان استجابة القدر لإرادتها , بعيدا عن المؤامرات والتخطيطات السرية والتحالفات المشبوهة والثورات الفئوية والمسيسة والمتأمرة أو تشرذمات المعارضة . إن (شفرة الشابي) التي لا تخطئها الحرية هي إرادة الشعب ( وكل الشعب ) وليس فئة منه فقط .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل