المحتوى الرئيسى

نحن والبنك والصندوق

04/26 08:10

ترددت أنباء كثيرة مؤخراً أن مصر قد طلبت قروضاً من الصندوق والبنك الدوليين تراوحت ما بين 2 و6 مليارات دولار. وعلى الرغم من عدم وجود تأكيدات من داخل المؤسستين أن طلباً رسمياً قد تقدمت به مصر بالفعل، إلا أن الأهم الآن هو أن تحزم الحكومة أمرها وتدرك ما هى مقدمة عليه فى حال التقدم الرسمى بهذا الطلب. فالقروض التى «تتحدث» مصر عنها الآن هى قروض «سياسات» وليس قروض «استثمار». بمعنى أنها - فى حالتى البنك والصندوق- قروض مرتبطة بإصلاحات فى السياسات الاقتصادية وليست قروضا موجهة إلى مشروعات بعينها كالمطارات وغيرها. فالبنك والصندوق لا يمنحان القروض هكذا لوجه الله والوطن، ولكنها دائما مرتبطة بشروط وبرامج. وبالتالى فإن الحكومة إذا ما قررت التقدم بهذا الطلب فإنها ستضطر إلى التفاوض مع المؤسستين حول الإصلاحات المطلوبة، وهنا على الحكومة أن تفصح عن تلك الإصلاحات بشفافية للرأى العام.. كى لا تتهم بأنها أعادت هذه المؤسسات لتتدخل فى الاقتصاد المصرى مرة أخرى كما كان الأمر مع برامج الإصلاح الاقتصادى الأولى فى التسعينيات - بما لها وما عليها. والمثير هذه المرة أن البنك الدولى مثلا لا يريد فقط التفاوض حول الإصلاحات مع الحكومة، لكنه يريد التعامل - وللمرة الأولى - مع الجمعيات الأهلية وجمعيات البحث التى يراها تعبر عن «الشعب» خاصة بعد الثورة.  لكن السؤال هو: هل ستقبل الحكومة ذلك أم أنها ستصر على أن تكون الاصلاحات عن طريقها وحدها لأنها فى النهاية هى المنفذ الحقيقى لتلك الإصلاحات؟ وإذا قبلت الحكومة بقانون لمنع تضارب المصالح مثلا - وهو قانون طالبنا به فى مصر قبل أن تطالب به المؤسسات الدولية - فهل ستقبل بشروط مثل الشفافية الكاملة للموازنة العامة بما فيها موازنة الشرطة والجيش وإنفاق التسليح؟ هل ستقبل الحكومة بشروط مثل إعلان الأرقام الحقيقية للفقر والإنفاق العائلى وكل البيانات الخاصة بالمجتمع المصرى المحبوسة داخل أدراج «التعبئة والإحصاء»؟  قد تبدو كل تلك الطلبات منطقية وطبيعية خاصة فى عهد جديد يتوقع أن يتسم بالشفافية الكاملة، لكن السؤال هو: هل ستوافق الحكومة على ذلك؟ وهل ستوافق الحكومة على التدخل فى تلك الأرقام، بمعنى أن يكون للبنك الدولى رأى فى الموازنة المصرية؟ والحقيقة أن المعلومات أكدت أن الوفد المصرى قد رفض الحديث عن المساس بالدعم فى الفترة القريبة المقبلة، وهو ما أكده محافظ «المركزى» فى جميع اجتماعاته فى واشنطن، لكن الوفد المصرى يعلم جيدا أن دخول صندوق النقد الدولى بالذات ولفترة طويلة (القروض تسدد على 18 عاما) وهو دخول بلا رجعة، خاصة أنه كان مقصيا لسنوات طوال. وبالتالى فقد تكون شروط الصندوق فى بدايتها ميسرة كالعمل على ضبط عجز الموازنة أو برامج هيكلة ولكنها فى النهاية ستصل إلى ما هو أعمق من ذلك بكثير. القرار بالاقترا ض إذن ليس سهلا. والحكومة تعرف ذلك جيدا خاصة أن الإدارة الأمريكية مترددة فى إعفاء مصر من ديونها نظرا لمصاعب الموازنة الأمريكية، كما أن الاقتراض من السوق التجارية عالى التكلفة. يبقى إذن المخرج الوحيد هو العودة لجذب الاستثمارات.. تلك الكلمة التى - للأسف - أصبحت عندنا مرادفة «للفساد».  فجذب الاستثمارات يحتاج إلى استعادة الثقة كما أنه يحتاج إلى تسهيلات وتيسيرات كى يأتى المستثمر. فهل تقدم الحكومة على ذلك أم أنها قد تتهم بالفساد وتقديم الأراضى والتيسيرات للمستثمرين العرب والأجانب بأقل الأسعار؟ الاختيارات صعبة.. والحكومة الشجاعة هى التى تستطيع أن تحسم أمرها.. وتتخذ قرارها.. خاصة مع بدء تراجع معدلات النمو إلى السالب. اختيارات الحكومة الاقتصادية الآن هى التى ستحدد هل ستقصر الفترة الانتقالية، أم أننا سنبقى بها لمدة أطول؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل