المحتوى الرئيسى

حنان عمار تكتب: هؤلاء الأبطال ظلمهم النظام السابق

04/25 17:02

فى ذكرى تحرير سيناء، نذكر بالعرفان شهداء أبرارا، استشهدوا على حدودها مع إسرائيل، لقوا الشهادة ليس أثناء الحروب ولكن فى السلم ، خلال الثلاثين عاماً الماضية، جنود وضباط كان عملهم هو حراسة الحدود، وكالمعتاد كان العدو الإسرائيلى ليس له عهد يطوى بين أضلعه الخيانة. جنود وضباط قتلوا أثناء أداء عملهم، وراحت دماؤهم رخيصة على أيدى النظام السابق، حيث أنه لم يطالب إسرائيل بالقصاص والتعويض عن قتلهم، بل راح يجامل أمريكا وإسرائيل، وكان يعاقب الجندى الباسل عندما يفتح النار على المتسلل الإسرائيلى إلى الأراضى المصرية، كما حدث مع المجند سليمان خاطر الذى يستحق تخليد اسمه فى هذا اليوم، وإليكم قصته: القصة كما نشرت فى جريدة الوفد المصرية، أنه وفى يوم 5 أكتوبر عام 1985م، وأثناء قيام سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة، أو رأس برجة بجنوب سيناء، فوجئ بمجموعة من السياح الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة التى تقع عليها نقطة حراسته، فحاول منعهم وأخبرهم بالإنجليزية، أن هذه المنطقة ممنوع العبور فيها قائلا: "stop no passing"، إلا أنهم لم يلتزموا بالتعليمات، وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التى توجد بها أجهزة وأسلحة خاصة غير مسموح لأى إنسان بالاطلاع عليها، فما كان منه إلا أن أطلق عليهم الرصاص، خاصة وأن الشمس كانت قد غربت، وأصبح من الصعب عليه تحديد لماذا صعد هؤلاء الأجانب ـ وعددهم 12 شخصا ـ الهضبة. نفذ سليمان الأوامر التى كانت أعطيت له بأن يطلق النار فى الهواء أولا، للعمل على منع أى شخص من دخول المنطقة المحظورة، ولو بإطلاق النار عليهم، إلا أنه تمت محاكمته عسكريا، وفى خلال التحقيقات معه، قال سليمان بأن أولئك الإسرائيليين قد تسللوا إلى داخل الحدود المصرية من غير سابق ترخيص، وأنهم رفضوا الاستجابة للتحذيرات بإطلاق النار. محاكمة سليمان سلم سليمان خاطر نفسه بعد الحادث، وبدلاً من أن يصدر قرار بمكافأته على قيامه بعمله، صدر قرار جمهورى، مستغلاً سلطاته بموجب قانون الطوارئ بتحويل الشاب إلى محاكمة عسكرية، بدلاً من أن يخضع على أكثر تقدير لمحاكمة مدنية كما هو الحال مع رجال الشرطة بنص الدستور، طعن محامى سليمان فى القرار الجمهورى وطلب محاكمته أمام قاضيه الطبيعى، وتم رفض الطعن. وصفته الصحف الموالية للنظام بالمجنون، وقادت صحف المعارضة حملة من أجل تحويله إلى محكمة الجنايات بدلاً من المحكمة العسكرية، وأقيمت مؤتمرات وندوات وقدمت بيانات والتماسات إلى رئيس الجمهورية، ولكن لم يتم الاستجابة لها، قال التقرير النفسى الذى صدر بعد فحص سليمان بعد الحادث، أن سليمان "مختل نوعًا ما "، والسبب أن "الظلام كان يحول مخاوفه إلى أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش فى فزع، وكان الظلام يجعله يتصور أن الأشباح تعيش فى قاع الترعة وأنها تخبط الماء بقوة فى الليل، وهى فى طريقها إليه"، بناء على رأى أطباء وضباط وقضاة الحكومة، عوقب سليمان، لأنهم أثبتوا أن الأشباح التى تخيفه فى الظلام اسمها صهيونية. بعد أن تمت محاكمة سليمان خاطر عسكريا، صدر الحكم عليه فى 28 ديسمبر عام 1985، بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عامًا، وتم ترحيله إلى السجن الحربى بمدينة نصر بالقاهرة، بعد أن صدر الحكم على خاطر نقل إلى السجن، ومنه إلى مستشفى السجن بدعوى معالجته من البلهارسيا، وهناك وفى اليوم التاسع لحبسه، وتحديداً فى 7 يناير 1986، أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف خبر انتحار الجندى سليمان خاطر فى ظروف غامضة. يحكى سليمان خاطر ما حدث يوم 5 أكتوبر 1985 من خلال أقواله فى محضر التحقيق، فيقول: "كنت على نقطة مرتفعة من الأرض، وأنا ماسك الخدمة، ومعى السلاح، شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبا راجل، وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكينى ومنها عرى، فقلت لهم "ستوب نوباسينج" بالانجليزية. ماوقفوش خالص وعدوا الكشك، وأنا راجل واقف فى خدمتى وأؤدى واجبى، وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها، والجبل من أصله ممنوع أى حد يطلع عليه سواء مصرى أو أجنبى، دى منطقة ممنوعة، وممنوع أى حد يتواجد فيها، وده أمر وإلا يبقى خلاص نسيب الحدود فاضية، وكل اللى تورينا جسمها نعديها. (وذلك فى إشارة منه إلى حادثة كانت ما زالت حديثة، حين استطاعت امرأة صهيونية أن تتحايل بالعرى على أحد الجنود فى سيناء، وتحصل منه على تردد أجهزة الإشارة الخاصة بالأمن المركزى، هناك بعد أن أدخلها الشاليه المخصص للوحدة). قبل أن ينطق المحقق بأمر، قال لهم أخيراً.."أمال أنتم قلتم ممنوع ليه.. قولوا لنا نسيبهم وإحنا نسيبهم"، سأله المحقق: لماذا يا سليمان تصر على تعمير سلاحك؟ وفى بساطة (ربنا يسامح اللى علمها له)، قال: "لأن اللى يحب سلاحه، يحب وطنه، ودى حاجة معروفة، واللى يهمل سلاحه يهمل وطنه". ـ بماذا تبرر حفظ رقم سلاحك؟ ـ الإجابة من أوراق التحقيق.. "لأنى بحبه زى كلمة مصر تمام". قال تقرير الطب الشرعى انه انتحر، وقال أخوه لقد ربيت أخى جيدا، وأعرف مدى إيمانه وتدينه، إنه لا يمكن أن يكون قد شنق نفسه، لقد قتلوه فى سجنه، وقالت الصحف القومية المصرية عن انتحار سليمان خاطر بأن شنق نفسه على نافذة ترتفع عن الأرض بثلاثة أمتار، و يقول من شاهدوا الجثة، إن الانتحار ليس هو الاحتمال الوحيد، وأن الجثة كان بها آثار خنق بآلة تشبه السلك الرفيع على الرقبة، وكدمات على الساق تشبه أثار جرجرة أو ضرب. و قال البيان الرسمى، إن الانتحار تم بمشمع الفراش، ثم قالت مجلة المصور أن الانتحار تم بملاءة السرير، وقال الطب الشرعى، إن الانتحار تم بقطعة قماش من ما تستعمله الصاعقة، أمام كل ما قيل، تقدمت أسرته بطلب إعادة تشريح الجثة عن طريق لجنة مستقلة لمعرفة سبب الوفاة، وتم رفض الطلب مما زاد الشكوك، وأصبح القتل سيناريو أقرب من الانتحار، وما أن شاع خبر موت سليمان خاطر حتى خرجت المظاهرات التى تندد بقتله..طلاب الجامعات من القاهرة و عين شمس وجامعة الأزهر و جامعة المنصورة.. طلاب المدارس الثانوية، فى مشهد آخر فى مكان ما، تسلم الإسرائيليون تعويضاً عن قتلاهم من الحكومة، التى قالت عنها أم خاطر "ابنى اتقتل عشان ترضى عنهم أمريكا وإسرائيل".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل