المحتوى الرئيسى

الفاعل والمفعول به ونظرية الشماعة

04/24 09:34

بقلم: خالد الخميسي 24 ابريل 2011 09:23:54 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; الفاعل والمفعول به ونظرية الشماعة  سافرت إلى الجزائر لإلقاء محاضرة. كانت أول زيارة لى لدولة الجزائر وأتمنى ألا تكون الأخيرة، فقد سعدت بوجودى فى بلد شقيق فى لحظة تاريخية فارقة فى تاريخنا العربى. جرت خلال زيارتى حوارات كثيرة عن الثورات العربية وعن شعوبنا وعن النهضة المرتقبة. كانت رحلة موفقة بلقاءات ثرية على المستوى الفكرى مع مثقفى الجزائر. ولكن ما راعنى هو الشعور العام لدى الكثير ممن تحدثت معهم، وكذلك مما شاهدته من أحاديث فى برامج تليفزيونية تابعتها هناك، إننا كشعب عربى مفعول بنا. تتحكم فى حياتنا السياسية والاقتصادية بصورة كبيرة أياد غربية، وأننا نقف عاجزين أمام سطوة الولايات المتحدة وفرنسا وانجلترا، وأمام ما يحيكونه ضدنا من خطط شيطانية. استمعت أيضا هناك إلى الخطاب الرسمى السورى الذى أشار باصبع الاتهام إلى قوى خارجية، هى التى خططت ومولت الثورة فى سوريا، نفس حديث الاجندات المباركية واليوروهات التى كان يتم توزيعها على من ثار ضد الطاغية مبارك وزبانيته (ولا أعلم إذا كان اختيار العملة مرتبطا بالانهيار المرتقب للدولة الأمريكية أم باتهام محدد للاتحاد الأوروبى). عدت إلى القاهرة ليقودنى حظى أن أقرأ بمجرد عودتى خبرا يؤكد أن قيادات من شباب الثورة المصرية (التى اندلعت بلا قيادات) كانوا قد تلقوا تدريبات من مراكز أمريكية على كيفية شن الحملات والتنظيم من خلال وسائل إعلام جديدة وشبكات التواصل الاجتماعى. وأكد الخبر أن بعض البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التى سربها موقع «ويكيليكس» أشارت إلى تلقى بعض شباب 6 أبريل تدريبا وتمويلا من «المعهد الجمهورى الدولى» و«المعهد الديمقراطى الوطنى» و«بيت الحرية» وكلها معاهد ومراكز أمريكية. ثم أقرأ بعدها أن أحد قيادات الإخوان المسلمين أكد فى مداخلة تليفزيونية أن الولايات المتحدة رصدت مبلغا للتصدى للثورة فى مصر. الرسائل تتواصل من جهات عديدة لتؤكد انطباعا عاما لدى الكثيرين أننا شعب مفعول بنا. وأن ثوراتنا وانكساراتنا هى من تخطيط أجنبى. وهذا أمر ليس جديدا، فعلى مدار حياتى كنت دائم الإدراك أن هناك مبالغة كبيرة فى الوعى الجمعى العربى بأن مقدراتنا ليست فى أيدينا، وهو ولا شك إرث من الحقبة الاستعمارية، وكذلك هى رسائل أرسلتها إلينا حكوماتنا العربية المتواطئة عبر الأربعين عاما الماضية عبر جميع الوسائط تعليمية كانت أو إعلامية. وأذكركم هنا ما أكد عليه مبارك مرارا فى خطبه إلى الشعب المصرى أننا شعب يأكل خبزه من قمح مستورد بمنح أجنبية، فنحن إذن لا نستحق الحرية لأننا لا ننتج خبزنا، ومن يمنحنا قوتنا من حقه أن يملى علينا إرادته. ولكننى أعود وأقول إننا حتى على المستوى الفردى نلجأ كثيرا إلى إلقاء تبعة أفعالنا على الآخرين. فابنى لم يفعل ما فعله إلا بتأثير قوى أجنبية شريرة متمثلة فى صديق سوء، وعلى الأرجح تلقى تدريبات عسكرية شيطانية وهو فى الرابعة من عمره فى واشنطن أو فى لندن أو فى باريس. وزوجتى ما كانت تفعل كذا إلا لأن صديقتها من المخابرات البريطانية قد دست فى عقلها السم الغربى الزعاف أثناء سيرهم فى النادى. وهذا بلا شك أسهل كثيرا من القول أننى قصرت فى تربية أبنائى أو حق زوجتى علىّ.تصورت أن الثورات العربية سوف تقصف بلا رجعة الطبقات التى تشكلت واحدة بعد الأخرى داخل وعينا أننا مفعول بنا، فالثورة فى حد ذاتها أعلى درجات الفعل السياسى، فكيف بالله بعدها يمكن أن أقرأ ما قرأت حول القوى الشيطانية التى تمتلك كل المفاتيح وتحرك كل الخيوط داخلية أو خارجية؟ كيف أستمع من العديد من المصريين أننا شعب غير مؤهل بعد للديمقراطية؟ انها كارثة. كيف نصدق أننا بعد ما قمنا به شعب بلا حول، وأن أمريكا أو المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو بريطانيا أو الوفد أو الإخوان أو الصين أو حتى الاعلام المصرى أو العربى يمكن أن يتحكم فى مصائرنا؟ الحقيقة أننا نمتلك كشعب وبصفة دائمة مقدراتنا فى أيدينا.ولو تقاطعت أو تعارضت مصالحنا الوطنية بمصالح دول أخرى نستطيع بإرادتنا الحرة أن نجد حلول وسط تبعا لموازين قوى دولية تتغير بصفة دائمة. الثورات العربية هى ثورات على سلبيتنا وعلى شعورنا المر بأننا مفعول بنا. هذه المسئولية أننا «فاعلون» هى أساس بناء الغد. لابد أن نرمى كل الشماعات ونرفع رؤوسنا فلقد أسقطنا نظام ونحتاج أن نمسك بيد من حديد بكل حرف من حروف كلمة «المسئولية» ونحن ندرك أن كل مصرى هو فاعل وليس أبدا مفعولا به.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل