المحتوى الرئيسى

«محافظين» على النظام القديم

04/24 08:23

غريبة المعايير التى على أساسها تم تعيين المحافظين الجدد، فهى تبدو وكأن «مبارك المعدل» هو الذى اختار معظمهم، فلا يوجد اسم واحد يمكن اعتباره شاباً، ولا يوجد تقريبا أحد خارج جهاز الشرطة أو الجيش أو الحزب الوطنى، وكأن مصر لم تحدث فيها ثورة، وأن شبابها غير قادر على المشاركة فى قيادة المرحلة الانتقالية، وأنها خالية من الكفاءات التى مازلنا نبحث عنها عبر المعايير القديمة نفسها. لقد اعترضت محافظات الإسكندرية وقنا والدقهلية والمنيا على اختيار «المحافظين على النظام القديم»، فحين يحتج أهالى قنا (حتى لو كان فى احتجاجهم بعد طائفى) مع أهالى محافظة الدقهلية على تعيين ضابطى الشرطة عماد ميخائيل ومحسن حفظى كمحافظين، يصبح السؤال ليس فى رفض الشرطة بشكل عام (الذى يحتاج المجتمع لدورها أشد الاحتياج) إنما لنوعية من الضباط رأى الناس إنها امتداد لمن اختطفوا الشرطة ثلاثين عاما لصالح شلة التوريث وأمن الدولة. مدهش ألا تجد الحكومة رجلا يصلح لقيادة الداخلية إلا الوزير منصور عيسوى الذى ترك الوزارة منذ 15 عاما وتجاوز عمره السبعين، وهو الذى يحاول أن يصلح بقدر الإمكان ما أفسده الآخرون، أما فى «الأطراف»، أى المحافظات، فقد اختير لها ضباط تركوا الخدمة منذ سنوات قليلة فى جهاز اتهم قادته بقهر الشعب، وكأن المحافظات لا تستحق التأنى والتشاور مع أهلها قبل اختيار أسماء من يقودونها. وجاء اختيار محافظ الإسكندرية بصورة أكثر فجاجة من سابقيه، فقد اختير رجل من أركان النظام السابق وعضو فى الحزب الوطنى ومتهم فى المشاركة فى تزوير انتخابات نادى أعضاء هيئة التدريس وانتخابات 2005، فأى رسالة ترغب الحكومة فى توجيهها للمواطنين بهذا الاختيار، خاصة أن الناس اقترحوا المستشار أحمد مكى، وهناك أسماء غيره تصلح لهذا المنصب. مطلوب من المجلس العسكرى والحكومة أن يتحركا ولو قليلا خارج الصندوق القديم الذى حكم مصر ثلاثين عاما، وإذا كان البعض قد اعتبر اختيار عصام شرف مغامرة فإن هذه المغامرة يجب أن تنسحب على اختيار المحافظين، لأننا أمام فرصة ذهبية لاختيار محافظين للعمل فى مرحلة انتقالية لن تستمر أكثر من 6 أشهر، وبالتالى فى حال نجاحهم سنكون قدمنا للبلد كوادر جديدة تتسم بالكفاءة والرصيد الشعبى، وهى عملة نادرة نبحث عنها الآن «بملقاط»، وفى حال فشلهم سنغيرهم بشكل طبيعى عقب فترة لن تطول. علينا من الآن أن نعمل على انتخاب المحافظ من قبل الشعب، وأن نغلق صفحة المحافظ المعين، صحيح أن هناك ممثلاً للإدارة تعينه الدولة فى كل محافظة أو ولاية كما فى كل البلاد الديمقراطية، ولكنه ليست لديه صلاحيات تعطيه الحق فى وضع سياسة المحافظة لأن من يقوم بها هو المحافظ المنتخب، وليس مندوب الدولة. إن احتجاج الناس فى أكثر من مكان على تعيينات المحافظين يجب أن تؤخذ بجدية لأن مصر لن تحكم بالطريقة القديمة، ومشكلتها لا تكمن فقط فى تغيير الأشخاص إنما فى تغيير الآليات التى حكمت اختيار هؤلاء الأشخاص، وأن تنتقل البلاد من مرحلة «المحافظين على النظام القديم» إلى محافظين من أجل نظام جديد. [email protected]  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل