أوباما: لا أحد يملك حلاً سحرياً لمشكلة ارتفاع النفط
واشنطن - بيير غانم كنت أقود سيارتي الى محطة القطار وحوّلت موجة الاذاعة الى المحطة المحلية لأنها تعطي تعليمات للسائقين لتفادي زحمة السير، سمعت التالي: "هناك أزمة سير على طريق جورج واشنطن تسبب بها سائق فرغت سيارته من البنزين!". ربما سمعت الخبر بالانلكيزية خطأ، فاللغة العربية كانت ولم تزل هي لغتي، لكن الخبر تابع قائلاً "نرجو من السائقين الكرام التأكد من تعبئة خزانات الوقود قبل أن يشير الضوء في السيارة الى قرب فراغ الخزان!". صرخت لنفسي: "ما هذا؟!". بعد ساعة، وفي مكتب "العربية"، أردت التأكد من الخبر، وهنا ترجمة لما أوردته صفحة الانترنت للإذاعة: "إن ارتفاع أسعار البنزين هذه الايام دفع بعض السائقين الى تأجيل تعبئة خزانات سياراتهم لأطول فترة ممكنة. هناك ارتفاع بنسبة 20% في عدد السائقين ممن يطلبون المساعدة لدى فراغ سياراتهم من البنزين". ربما يكون هذا أفضل مؤشر على ارتفاع اسعار الوقود في الولايات المتحدة، وقد أكدت شركة "ماستر كارد" أن نسبة البيع في الاسبوع الاول من شهر ابريل 2011 تراجعت بنسبة 3.6% مقارنة بالاسبوع ذاته من العام الماضي، كما قالت شركات بيع المحروقات إن نسبة البيع لديها تراجعت بأكثر من 3% في شهر مارس/آذار، وهذا ما حدث تماماً في عام 2008 عندما وصل سعر الغالون (3,8 ليتر) الى 4 دولارات وكانت الولايات المتحدة حينها تركض باتجاه الازمة الاقتصادية والمالية الكبيرة. ارتفاع أسعار الوقود يعني أشياء مختلفة للمستهلك وللحكومة الامريكية، فالمستهلك يستطيع خفض استهلاكه للمحروقات من خلال الامتناع عن الشراء وعن استعمال السيارة، ويستطيع العمال مشاركة الزملاء رحلة الذهاب والاياب. أما الحكومة الامريكية فمشكلتها أكبر، فعندما يمتنع المستهلك الامريكي عن شراء البنزين يتراجع دخل الحكومة من الضرائب، كما أن الحكومة الامريكية لا تريد ان يتسبب غلاء المحروقات في موجة من التضخم تخرّب الانتعاش الاقتصادي المستمر منذ عام حتى الآن. إضافة غلاء النفط على السلع يهدّد الانتعاش أسوأ سيناريو يتسبب به ارتفاع اسعار النفط هو ان تضطر المحال التجارية لإضافة تكلفة المحروقات على اسعار المواد الغذائية والسلع، ففي بداية العام كانت عبوّة الحليب سعة 4 ليترات في "سايف واي" بـ3.50 دولار، ولو اشترى ربّ العائلة عبوتين لانخفض السعر الى 3 دولارات للعبوّة، الآن غاب الخفض بسبب ارتفاع اسعار النقل. وعدم وجود تخفيضات مؤشر أوّل على ضغط أسعار النقل، وقد اشار بيان وزارة التجارة الى ارتفاع اسعار التجزئة خلال شهر مارس/آذار بنسبة 0.8%، وقد استوعبت المحال التجارية هذا الارتفاع حتى الآن. والسؤال هو: الى متى؟ وقال الرئيس الامريكي باراك اوباما للأمريكيين في رسالته الاسبوعية ان لا احد يملك حلاً سحرياً لمشكلة ارتفاع اسعار النفط، وحذّر وزير التجارة الامريكي في بيان له يوم الاربعاء الماضي من تأثير ارتفاع أسعار النفط على الانتعاش الاقتصادي ووصف الاقتصاد الامريكي بأنه معرّض دائماً لتأثير سوق النفط العالمي وطالب بإيجاد مصادر وطنية وبديلة للنفط العالمي. ويعد كلام وزير التجارة الامريكي كلاماً "موزوناً وعلمياً" وينمّ عن سياسة الادارة الامريكية الحالية برئاسة باراك أوباما، لكن الشارع الامريكي يختلف قليلاً ويميل الى لوم دول أوبك قليلاً، اما بعض الشخصيات الشعبوية مثل دونالد ترامب فيحاول إلقاء اللوم على دول أوبك ويقول إنه في حال تمّ انتخابه رئيساً فسيطلب من دول اوبك خفض الاسعار الى ما بين 40 و50 دولاراً للبرميل "مقابل حمايتها أمنياً من قبل امريكا". سعر البرميل تخطى التوقعات وطبعاً لدى الحكومة الامريكية رأي آخر، فوزارة الطاقة الامريكية أشارت الى ان ارتفاع سعر برميل النفط الى ما فوق 110 دولارات يعود الى زيادة الطلب العالمي عليه "والطلب سيستمر خلال العامين المقبلين"، وأشارت وزارة الطاقة الأمريكية الى أن إمكانيات الدول المصدرة للنفط غير العضو في اوبك محدودة وتوقعت ان يصل سعر البرميل في عام 2012 الى 114 دولاراً. مشكلة الامريكيين الآن مع النفط بدأت تتعقد، فبرميل النفط في الاسواق العالمية تخطى توقعات وزارة الطاقة الأمريكية، وارتفع ما فوق 114 دولاراً وأصحاب المحال التجارية سيرفعون الأسعار لتغطية أسعار النقل، أما أعداد الذين يتأخرون في تعبئة خزانات البنزين في سياراتهم فستتزايد. وآخر اختراعات الأمريكيين لحلّ مشكلة تزايد الاسعار هو تشكيل هيئة في وزارة العدل للتحقيق في المضاربات والتلاعب غير المشروع في أسعار المحروقات، فإدارة اوباما بدأت تشتبه في شيء ما، مثل كل الأمريكيين.
Comments