المحتوى الرئيسى

الخروج من جلباب الرئيس

04/23 10:54

بقلم: إبراهيم هلال 23 ابريل 2011 10:43:22 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; الخروج من جلباب الرئيس  من بين كل ما يدور فى مصر من نقاشات تحتل مساحات وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية استفزنى أمران: الأمر الأول أننا نوشك أن نقزم ثورة 25 يناير لنختصرها فى حجم حركة تطالب بإزاحة من نشتبه أو من نوقن أنهم من رموز نظام الرئيس السابق حسنى مبارك. والأمر الثانى أن البحث فى هوية الرئيس المقبل ومواصفاته بدأ بمهمة مبالغ فيها، وأصبحت الحوارات مع «مرشحى الرئاسة» وتصريحاتهم ومواقفهم تحتل المساحات الأبرز وتشغل الهم العام.أعتقد أن الأمرين مرتبطان، وهما بكل أسف يعبران عن أن كثيرا من المصريين أو على الأقل الإعلاميين المصريين لا يزالون يعيشون فى «جلباب الرئيس».●●●فيما يتعلق بالأمر الأول فهو جدل يتسم بالحساسية المفرطة. فقد أصبح السؤال الأهم: من ينتمى ومن لا ينتمى لعهد مبارك؟ أعتقد أننا جميعا كنا ننتمى لعهد مبارك بشكل أو آخر. المعارضون منا والمؤيدون، المحتجون والصامتون والمشاركون والمستفيدون.. الجميع انتمى لعهد مبارك.لا حرج على الإطلاق فى أن تعلو الأصوات مطالبة بإزاحة رئيس مؤسسة عامة أو رئيس تحرير جريدة أو عميد كلية.. لأنهم كانوا من مؤيدى مبارك ولأننا نخشى من تأثيرهم السلبى على مسار الثورة. لكن علينا أن نفرق بين حالتين: حالة أن يكون «المتهم» بتأييد مبارك قد ارتكب مخالفات قانونية إما لتحقيق مكاسب شخصية محتميا بدعم النظام مثل حالات الكسب غير المشروع أو استغلال النفوذ، أو أن هذه المخالفات القانونية ارتكبت بهدف دعم النظام مثل حالات المشاركة فى تزوير الانتخابات أو قمع المتظاهرين أو تشويه الثورة والتحريض عليها فى أيامها الأولى. وفى هذه الحالة على من يعتقد بوجود مخالفات قانونية أن يقدم الدليل أو على الأقل يشير إلى الدليل ويطالب من يملكه أن يقدمه.الحالة الثانية هى أن يكون «المتهم» بدعم مبارك قد قدم هذا الدعم فى إطار من العمل المؤسساتى الذى لم يكن يجرمه القانون خلال العهد السابق، وأن يكون قد استفاد من هذا الدعم عبر حصوله بطرق قانونية على منصب ما، لم يكن ليحصل عليه لمؤهلاته أو كفاءته بل فقط لأنه كان من «أعوان النظام». فى هذه الحالة على الثورة والثائرين ألا يقزموا مطالبهم لدرجة السقوط فى فخ المطالبة بإجراءات استثنائية لإقالة أو عزل أو «تصفية» هؤلاء المتهمين الذين لا يمكن إثبات تورطهم بشكل قانونى. فمثل هذه الإجراءات الاستثنائية التى يطالب بها البعض الآن إنما تشبه فى اسلوبها ممارسات النظام السابق القمعية التى كرهناها وثرنا عليها، الفارق الوحيد أننا سنطبقها ضد من نعتقد أنهم حقا يستحقون العقاب!ومن يضمن أن يجرى استقدامه بديلا عن هؤلاء «المتهمين» سيحظى بالضرورة بالقبول من جانب الفئة المحتجة الرافضة.. ومن يضمن ألا يتعرض القادم الجديد للاتهامات ذاتها لا سيما أنه قد أتى عبر «إجراءات استثنائية» وبطريقة استثنائية!ويبقى السؤال: كيف لنا أن نحتمل التعامل مع هؤلاء؟ كيف يمكن قبول صحفيين ومذيعين وفنانين ومسئولين على كل المستويات نعرف على وجه اليقين أنهم شربوا من نبع مبارك وتغنوا به وبنظامه لسنوات؟ اعتقد أن الصورة الناصعة للثورة التى حميها أكثر مؤسسات مصر صرامة وطهارة وهى المؤسسة العسكرية لا يجب أن تشوه، لقد بدأ العمل المؤسساتى منذ الإعلان عن نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية. فعلينا بالتالى أن نراهن أكثر على التحرك المؤسساتى سواء أكان قانونيا أو مدنيا سلميا لتحقيق «التطهير» الذى لا يختلف عليه اثنان. على الاحتجاجات أن تخرج من إطار الغضب ضد شخص بعينه إلى إطار الاعتراض على سياسات مارسها ولا يزال يمارسها هذا الشخص/ المتهم، والمطالبة بوقف هذه السياسات بشكل مؤسساتى، عندما طالبت الثورة وأصرت على أن يرحل شخص الرئيس ثم شخص رئيس الوزراء، انتقلت الشرعية إلى مجلس عسكرى وهو مؤسسة وإلى حكومة مقبولة شعبيا وهى أيضا مؤسسة. ويقتضى الخروج الكامل من نظام مبارك التوقف الفورى عن تقويم الأشخاص سلبا أو إيجابا والانتقال إلى تقويم المؤسسات والأداء المؤسساتى.●●●الأمر الثانى الذى استفزنى كثيرا هو السباق المحموم على اكتشاف هوية ومواصفات الرئيس القادم. وكأننا ثرنا ضد شخص مبارك فقط لا ضد تأليه وشخصنة وفردية حكم مبارك أيضا! لا أجد ما يبرر هذه الحملة المبكرة جدا لإجراء الحوارات مع من أعلنوا ترشحهم للرئاسة اللهم إلا مبرر المنافسة الإعلامية وتحقيق السبق والانتشار والجذب الجماهيرى. أزعم أن ما فهمته من بين ما طالبت به ثورة 25 يناير أن نقلص صلاحيات الرئيس. لا بل إن أحد أسباب رفض من صوّت ضد التعديلات الدستورية أنها لم تشمل تقليص صلاحيات الرئيس القادم. لماذا إذن نتسابق الآن لنعرف كيف يفكر الرئيس القادم؟ لماذا نرسخ فى وجدان ملايين المصريين البسطاء أن مصيرهم ومستقبلهم مرهون بإرادة هذا الرئيس حتى لو أنه أتى عبر أفضل الانتخابات وأكثرها نزاهة؟ هل لا تجوز ممارسة السياسة والحديث فيها من دون الرئيس أو من هو مرشح لأن يكون رئيسا؟!إن المصريين جميعا يواجهون حالة غير مسبوقة تجمع ما بين تردى مستويات الخدمات الصحية والتعليمية والأمنية والإنتاجية والثقافية، وبين ارتفاع مستويات الوعى العام والانتماء الوطنى. لماذا لا نحول المشكلة إلى حل عبر تجييش الوعى العام والانتماء الوطنى من أجل إخراج أفضل ما لدى المصريين من أفكار ومبادرات لحل مشكلاتهم المستعصية؟ لا أعتقد أن علينا انتظار «حكمة» الرئيس القادم وقيادته لجموعنا بعد أن أضحت واعية ومنتمية. بل علينا أن نؤمن بأنفسنا وبتفعيل مؤسساتنا الحزبية والنقابية ومؤسسات العمل الاجتماعى على كل مستوياتها. وبدلا من التجمع من أجل إزاحة مسئول من على كرسيه، بإمكاننا التجمع من أجل التفكير فى اقتراح سياسات جديدة أو حلول مبدعة تأتى بمسئولين صالحين عبر إجراءات مؤسسية سليمة. وبدلا من أن نبنى هرما لفرعون قادم، يمكننا أن نبنى مؤسسات تساعد الرئيس القادم وتراقبه وتواصل عملها مع خلفه بعد انتهاء ولايته.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل