المحتوى الرئيسى

السعودية: الورد الطائفي.. منتج «حجز مكانه» في الأسواق العالمية

04/21 13:51

جذب مهرجان الورد الطائفي لهذا العام شريحة واسعة من المصطافين الأوروبيين، الذين جذبهم عبق ورد الطائف ليقطعوا آلاف الكيلومترات بحثا عن السبب الحقيقي لاتساع شهرته عالميا، ولم يتوقف سابرو أغوار هذا المنتج الأصيل بل قفزوا أبعد من ذلك، لبحث آلية تصنيعه وتطويره بشكل أكبر يكفل الحصول على أجود أنواعه وروائحه. وأوضح لؤي قنيطة، رئيس اللجنة السياحية بالغرفة التجارية الصناعية بالطائف، لـ«الشرق الأوسط»، أن مهرجان الورد الطائفي، يعتبر كرنفالا استثنائيا، وبات يرسم الملامح العالمية لظهوره، ويعتبر الأشهر على المستوى الإقليمي. وحمل هذا العام شعار «عطرك ورد»، فهو يختزل كل عطور العام، ويحمل شذاها، وهناك رغبة عارمة من المنظمين والصانعين، نحو تجسير الورد الطائفي نحو العالمية، وخلق رؤية تعكس أهمية تصدير المنتج لجميع أنحاء العالم. واعتبر قنيطة أن هناك أكثر من ستمائة مزرعة موزعة في جميع أنحاء الطائف، وهي مستعدة سنويا لتقديم آلاف العطور الطائفية الخالصة، ويجري تدريب وتهيئة مالكي تلك المصانع نحو الجنوح بالمنتجات للسوق العالمية، وتسويقها، والتعريف بجودة المنتج، وإقامة ملتقيات عالمية له، تهدف للوصول نحو العالمية وإيصال المنتج إلى دول أوروبية، نظير زيارة وفود عالمية وشخصيات أجنبية للمهرجان. ولم يخف رئيس اللجنة السياحية، أننا استطعنا الحصول على ثلاثين ألف تولة سنويا، وهو رقم يبشر بالخير، ونسعى نحو الوصول لحماية المنتج من موجات الصقيع التي تكبد صناعة المنتج الطائفي ملايين الدولارات سنويا، وهو ما من شأنه أن يقوض صناعة المنتج الطائفي، الذي يعتبر علامة فارقة تنتهجها عاصمة الورد سنويا. وتجدر الإشارة إلى أن أهل الطائف بارعون في صناعة الورد وتقطيره. وتكللت دور ضيافتهم بالورد الطائفي، وأطلقوا على اسم ماء الورد «العروس» حيث عرف عنهم رش ماء الورد للضيوف يهدونه ويقدمونه لرفع معنويات بعضهم ويستخدمونه في الطب وتحبذه النساء وتستخرج منه نكهة للشاي، ونكهة لماء الشرب، وكانوا يهدونه لبعضهم ولزوارهم ويجففونه في دولاب الملابس بل كان بعضهم يوصل أنابيب التقطير إلى مجالس الضيافة كدليل على الحفاوة العربية الأصيلة. وما إن يقبل شهرا مارس (آذار) وأبريل (نيسان) إلا وتبدأ الاستعدادات لاستقبال مهرجان الورد الطائفي، والذي اشتهرت محافظة الطائف بإقامته كل عام، ويشهد حضورا كثيفا من الزوار والمهتمين باقتناء ماء الورد الطائفي ودهنه من مصادر إنتاجه من المزارعين وأصحاب معامل التصنيع. ويهدف القائمون على مهرجان الورد الطائفي إلى الرقي بمنتج الورد واستغلاله سياحيا، وزيادة الإنتاج والمبيعات خلال المهرجان والوصول بالورد الطائفي إلى العالمية. كما يسعون إلى تطوير القدرات الإنتاجية، والتعريف بالمنتج على مستوى المملكة والدول المجاورة وتسليط الضوء على محافظة الطائف والتعريف بها سياحيا، وتفعيل العمل الجماعي والمشاركة الفعالة بين القطاعات الخاصة والعامة، وتشجيع الحرف اليدوية بالمنطقة والتعريف بمردودها الاقتصادي، وفتح منافذ تسويق جديدة للحرفيين. ويعد اختيار موسم القطاف، الذي هو المرحلة الثانية من إنتاج الورد بعد مرحلة التشذيب، من المسلمات التي يجب على الطائفي أن لا يغفل عنها، فوقت القطاف يسمى بـ«موسم السماك» حيث يتميز هذا الوقت باعتدال الجو وعدم ارتفاع درجة حرارة الشمس، والذي قد يتسبب في ذبول الوردة، التي يجب أن تكون متفتحة وندية وفواحة، ويبدأ العمل في قطاف الورد يوميا من بعد صلاة الفجر وحتى الساعة العاشرة صباحا. وأضاف محجن الثقفي، صاحب إحدى مزارع الورد الطائفي، لـ«الشرق الأوسط» «تحوي شجرة الورد الواحدة قرابة (250) وردة، والطائف بمجمل عام يوجد بها أكثر من 700 مزرعة بها قرابة 783000 شجرة ورد، وتحظى بمتابعة خاصة من أهل الطائف خصوصا كبار السن، وهناك معامل تقطير الورد تشتري من المزارع الورد، لأنه في بعض الأحيان لا يملك الطائفي معملا لتقطير ورده، ويقوم ببيعه على المعامل، ويبلغ سعر الكيس الواحد 70 ريالا، وتبلغ معامل الورد بالطائف 40 معملا، تعمل على تقطير قرابة مليون شتلة، تحتوي 250 مليون وردة، وتقدر المبيعات بـ 50 مليون ريال بحسب إحصائيات الهيئة العامة للسياحة والآثار. وسرد الثقفي بالقول «تأتي مرحلة الوزن، كثالث مراحل الإنتاج وتصنيع ماء الورد وطيبه، حيث إن الكيس الواحد يملاه 5 آلاف وردة، وطريقة وزن الورد تكون عبر وضع كيس يوجد به ألف وردة في كفة الميزان، ويتم وزن الورد على الكفة الأخرى، ومن بعدها يتم إرسال أكياس الورد إلى معامل التقطير». أما مرحلة التقطير، رابع المراحل، فيوضع 40 لترا من «ماء العروس» في «قدر التقطير»، ومن ثم يرمى الورد حتى يمتلئ القدر، وعادة يكون عددها من 1000 إلى 1200 وردة بحسب حجم القدر، «يلي ذلك سكب 40 لترا أخرى من ماء الثنو؛ لكي لا يلتصق الورد في جدران القدر». وعن نوعية الماء، قال محجن الثقفي، «ماء العروس» هو منتوج تقطير الورد في المرة الأولى التي تخلو من دهن الورد العطري، أما عن «ماء الثنو» فهو ماء ورد عادي سمي بـ«الثنو» لأنه يأتي كمرحلة ثانية في التقطير ويوضع قبيل إغلاق القدر، وبعد ملء القدور بالورد يحكم إغلاقها جيدا؛ حتى لا يتسرب الهواء ثم تشعل النار، ويجب أن تكون درجة الاشتعال عالية في الساعة الأولى ثم تخفض، حيث يتم في تلك اللحظة التقطير عبر خروج بخار الورد من القدر، عبر أنبوب «استيل» مغطس في صهريج ماء بارد، فيتكثف البخار وينزل على شكل قطرات في التراقي الزجاجية ذات حجم 28 لترا، حتى تمتلئ خلال أربع ساعات. وأفاد صاحب مزرعة الورد «هناك مرحلة التقطير الثانية، والتي يستخلص منها الدهن، حيث تستخدم مياه العروس، ومياه الورد العادي، لإنتاج الدهن في عمليات تقطير متلاحقة، ويستخلص الدهن من أعلى الأنبوبة الزجاجية لماء ورد العروس عبر سحبه بـ«براويز» مخصصة، وتعبأ في زجاجات مخصصة بحجم 10 تولات، والمساوية إلى 120غم للإنتاج اليومي ويحكمها المحصول، ومن ثم وضعها في زجاجة سعة 100 غم، حتى تتم التصفية وتنزل الشوائب والمياه بعد وضعها في مكان دافئ لمدة 5 أيام، وبعد ذلك يسحب صافي العطر أو الدهن تمهيدا لتعبئته». وتتراوح أسعار دهن الورد الطائفي بحسب أحجام التولات، فهناك زجاجة تضم عدد 10 تولات، ويقدر سعرها بحدود 4500 دولار، بينما زجاجة الخمس تولات فيقدر سعرها بنحو 2266 دولارا، ويباع مفرقا حيث يبلغ سعر التولة الواحدة بنحو 400 دولار، والنصف تولة بـ 240 دولار، والربع تولة بـ 120 دولارا، أما ماء ورد العروس فيباع بـ 12 دولارا، وماء الورد العادي بـ 4 دولارات. الأدوات التي يتم من خلالها زراعة وإنتاج الورد الطائفي بمائه وطيبه، تختلف أسعارها بحسب جودتها، على الرغم من أن هناك ارتفاعا ملحوظا في أسعارها خلال السنوات الثلاث الماضية، مما أفرز نوعا من تضجر المزارعين الطائفيين، فقدر النحاس المستورد يتراوح سعره من ألفي ريال إلى خمسة الآلاف ريال، بينما التراقي الزجاجية، فسعرها ما بين 26 دولارا إلى 74 دولارا، بينما يخالج المزارعين الطائفيين تخوف مبهم من ثلاثة عوامل قد تحدق بمهنتهم، هي: الطقس وندرة المياه وقلة العمالة، مطالبين في الوقت ذاته بأن يكون هناك تدخل عاجل وناجع من الجهات الحكومية للحفاظ على هذا الموروث التاريخي، الذي تتميز به الطائف عن غيرها من مناطق السعودية. والورد الطائفي له فوائد كثيرة فهو يقوي القلب والأسنان وإذا ربي بالعسل أو السكر جلي ما في المعدة من البلغم، وماؤه بارد لطيف بالإضافة إلى أنه يزيل الصداع والحساسية كما أن له نكهة طيبة إذا أضيف ماؤه إلى ماء الشرب أو وريقات من الوردة إذا أضيفت إلى الشاي، ويعد مواسم الصيف، ورمضان، وعيد الحج من أبرز مواسم تسويق الورد الطائفي، لأن رائحته وجودته تعدت حدود العالم العربي وأصبح منافسا للعطور الفرنسية والأوروبية. إلى ذلك، أشار رئيس جمعية مزارعي الورد عزام النمري، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الاستعدادات التقنية والزراعية لهذا العام قد استفادت بشكل كبير من تجارب الماضي، ودخلت في منظومة أبحاث وتعاون كبير مع خبرات زراعية أمضت ساعات كبيرة في استشراف موجات الصقيع ومدى التنبؤ بها، ومعرفة خطورتها المباشرة على أوراق الورد وشتلاته التي تهددها في كل عام موجات قوية ومتتالية من البرد القارس. وأضاف بالقول إن زراعة الورد أصبحت تمثل رافدا مهما من روافد السياحة خاصة في محافظة الطائف لوصول الورد الطائفي إلى العالمية، ومحاولة ربط العديد من العقود لتسويقه خارجيا، إضافة إلى زيارة عدد من الدبلوماسيين والممثلين للدول إلى المصنع والاطلاع على طريقة زراعة وتقطير واستخراج دهن العود وماء الورد الطائفي، مشيرا إلى ندرة الورد الطائفي مقارنة بالدول الأخرى وقوة جودته مما جعل كثيرا من السياح داخليا وخارجيا يقومون بزيارات متكررة خلال فترة القطف أو ما يسمى في العرف الزراعي «موسم الحصاد». وأشار عزام النمري إلى أن صناعة الورد الطائفي تمر بمراحل عصيبة، وأن كثيرا من المواطنين المعنيين بزراعته قد هجروا صناعته، مشيرا إلى أن كثيرا من منتجي الورد الطائفي يهجرون الإنتاج، إما لظروف مالية أو نتيجة لبحث الشباب عن الوظائف وهجر القطاع الإنتاجي الزراعي والسير خلف المدنية، وكذلك صعوبة بيع الإنتاج بسبب الغش التجاري. وأضاف عزام بقوله: «زادت الهوة وأصبحت واسعة بين المستهلك والمنتج لكثرة ما قيل عن الورد الطائفي، فبعد الدراسة التي شملت أكثر من 2113 محلا تجاريا وعدد 5000 عميل، ظهر كثير من الغش التجاري في الأسواق، حتى إن الدراسات أثبتت أن حجم المعروض في الأسواق 9 أضعاف الإنتاج، مما أثر على إنتاج الورد الطائفي».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل