المحتوى الرئيسى

لماذا سيفوز "الإخوان"؟

04/20 14:08

بقلم: خالد أبو ظهر في المرحلة المقبلة في مصر، سيبدأ العمل الجدي للانتخابات النيابية، ثم الرئاسية بعد ذلك، والكل متفائل كما هو واضح، بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وهذا حدث تاريخي في العالم العربي، ويحظى بأهمية عالمية.   والمهم هنا، هو من سيكون المرشح الأول للفوز بهذه الانتخابات؟، فالواضح أن التيار الإسلامي، وتحديدًا "الإخوان المسلمون" ستكون لهم حصة الأسد، ليس فقط لأنهم أكثر تنظيمًا من الأحزاب الأخرى، ولكنهم الطرف الوحيد الذي فهم اللعبة السياسية، بمعنى كيفية تجسيد فكرتهم ورؤيتهم للبلد، في الوقت نفسه يدركون تمامًا كيف ينتقصون من برامج الأحزاب الأخرى، وهذه هي قواعد السياسة في الدول الديمقراطية، إضافةً إلى أن طرحهم لا يقتصر على برنامج، بل على رؤية كاملة للدولة المنشودة، وهذا ما يريده المصريون.   ولو درسنا الأطراف التي تقف أمام الأحزاب والتيارات الإسلامية لوجدنا أنها أحزاب ليبرالية تطرح برامج للاقتصاد الحر، وتركز على مبادئ عامة وعلى تشكيل مؤسسات الدولة المدنية، وحتى إذا كانت هذه الأحزاب تطرح مبادئ إيجابية إلا أنها تعاني من مشكلتين؛ المشكلة الأولى وهي أن أول بند تنطلق منه وهو الليبرالية والحرية الاقتصادية، يشبه برنامج الحزب الوطني المنحل، كما أن الإشراك المعنوي لوسط الأعمال، كان هو نفسه من منطلقات الحزب الوطني، أما المشكلة الثانية، وهي أن إصلاح مؤسسات الدولة مطلب مطروح في برامج كل الأحزاب، ولا تميز فيه.   فالأحزاب الليبرالية لا تقدم للناخب شيئًا جديدًا أو إضافيًّا خاصًا بها، وحتى فيما يتعلق بالشق الاقتصادي، والناتج الاجتماعي الإيجابي لوسط الأعمال، فهو وارد في برنامج التيارات الإسلامية التي لا تملك رؤية اشتراكية، بل تؤمن بالاقتصاد الحر والمفتوح.   وفي المحصلة النهائية فإن البرامج التي ستطرحها الأحزاب الليبرالية ستحظى بإعجاب الطبقة "المرتاحة" في المدن الكبرى فقط، بينما برنامج "الإخوان المسلمين" قادر على إقناع جزء من هذه الشريحة، إضافةً إلى شريحة أوسع في المناطق الريفية والأحياء الشعبية.   وكذلك يوجد ضمنيًّا في طروحات الإخوان، ما يتعلق بمكانة مصر على الساحتين الإقليمية والدولية، ودورها في القضايا العربية والإسلامية، بينما الأحزاب الأخرى ليس لديها سوى شعارات مبهمة وغير ملموسة.   فالمهم في البرنامج الانتخابي هو المفهوم، وهو المفتاح، ولو عدنا إلى الأمثلة الدولية، لرأينا أن مفهوم الأمن، كان مفتاح انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2004م، وكان الحزب الجمهوري و"بوش" أفضل من مثل هذا المفهوم، ففازا في الانتخابات، والتغيير كان مفتاح انتخابات الرئاسة في عام 2008م وأوباما هو الذي جسده بأفضل طريقة ففاز، وحتى في فرنسا، فقد انتخب ساركوزي للرئاسة؛ لأنه يرمز لإرادة العمل وإعطاء دور أكبر للشباب.   ولذلك يجب على كل من يعد برامج انتخابية أن يتلمس تمامًا إرادة الشعب؛ لأن الحزب الذي يعرف كيف يجسد هذه الإرادة هو الذي سيفوز، وهنا، وكما قلنا في السابق فالإخوان يعرفون تمامًا كيف ينتقصون من برامج الأحزاب الأخرى، وهذه نقطة أساسية في الممارسة الديمقراطية الحديثة.   علينا أن نتساءل، ما هو تكوين أكثرية الناخبين؟ إنهم شباب من طبقات محرومة أو تحت المتوسطة، مع مستوى تعليم متوسط؛ ولذلك من الصعب أن يتجهوا إلى برامج الليبراليين لأنهم سمعوها قبل ذلك، بينما الإخوان والإسلاميون الآخرون بإمكانهم بلورة إرادة هؤلاء الشباب.   وإذا كانت التوقعات صحيحة، فعلى الإخوان المسلمين عدم الوقوع في بعض الأخطاء، والخطأ الأول هو المساس بالحريات الشخصية للأفراد، والخطأ الثاني محاولة التأثير على النظام العام للجمهورية وتحويله إلى نظام آخر، فالتزامهم يجب أن يتركز على التطوير العام للبلد، من غير اغتيال الفكر الحر، فإذا نجحوا في ذلك، فسيكونون قوة رئيسية في مصر، إضافة إلى تعزيز دور مصر العربي والإسلامي، ولكن إذا بدءوا المساس بهذه النقاط فإن الشعب المصري لن ينتظر 30 عامًا ليثور.   ولكن كل ذلك توقعات؛ لأنه في إطار انتخابات حرة لا أحد يستطيع الإمساك بإرادة الأكثرية، فالصناديق في آخر لحظة تتحدث بلغتها الخاصة، والمفاجآت دائمًا موجودة ولأسباب صغيرة، فتصريح مغلوط أو موقف بسيط قبل موعد الانتخابات، قد يغيران قاعدة التصويت.   وفي هذا الزمن تتسارع الأحداث ومن المبادئ الضمنية للثورة أن المواطن له حقوقه الكاملة في الاختيار والمحاسبة، ومن هذه الروح ننتظر أن تمثل الانتخابات في مصر نموذجًا للمصريين والعرب، وليس نموذجًا فارسيًّا أو نموذجًا عثمانيًّا، كما قلنا في مقال سابق. ------------- * رئيس تحرير مجلة "الوطن العربي" اللبنانية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل