دارنا عند الجميزه !بقلم: علي محمود الكاتب

لو اردت ان تزور صديقاً يسكن في قطاع غزة وكانت هذه هي المرة الاولى ،فأعلم انك مقدم على متاهة عظمى،لها اول وليس لها آخر وعليك لتجاوز هذه المحنة والمعضلة الغريبة،استخدام الوصفة البلدية القديمة المسماة بقانون "شرقا وغربا" واحتمال في مرحلة متقدمة أن تكون مضطراً ايضاَ ،لاستخدام القانون الاضافي "قبلا وشمال" ،ولمن يسكن خارج نطاق التوقيت الغزاوي فعليه ان يعي ان تلك الوصفات هي عبارة عن أختراع غزاوي بحت مساوياً للاتجاهات الجغرافية الاربع المعروفه عالمياً ! كم أنك والحال هكذا بحاجه ماسة أيضا لخط جوال ساخن يرافقك لتلقي الوصفة من مصدرها وألا فأنت تائه لا محالة ! فتسع وتسعون بالمائة من شوارع قطاع غزة لا تحمل اسماءً ولا تشتمل على اي تنظيم جغرافي يذكر حتى انك قد يغلبك النعاس وأنت تبحث عن هدفك المنشود ! أتذكر يوماً أن صديقاً دعاني لزيارته وحين سألته عن خارطة الطريق فما كان منه الا أن طلب مني أن استقل سيارة عمومية من أمام دكان "أبو فلان" وأن اخبر السائق وجهتي بأنها الى جميزة "أم فلان" بعد الحاووز بمائة متر !! وبعد ساعتان من السير على الاقدام و الحيرة بين السؤال والجواب وكذلك الاتصال المتواصل بصديقي عبر شركة جوال "التائهة اصلاً" أستطعت الوصول وفي رأسي عدة أسئلة محيرة وان كانت في الغالب تعتبر أسئلة معيبة في زمن أعتبرت فيه تسمية الشوارع من ابجديات التخطيط المعماري …… تساءلت "ما العقدة التي نحملها تجاه قضية تسمية الشوارع والازقة " ؟! وهل لهذا دخل بالموقف السياسي او احتمال انه تمويه عسكري حتى لا تستطيع "ام كامل…..طائرة المراقبة والاستطلاع الاسرائيلية"من تحديد أماكن تواجد المقاومين ؟! ولا أدري من نحمل هنا المسئولية ؟! هل هو الاحتلال الذي رحل منذ سنوات عن غزة ولم يعد قائماً الا على أطرافها،وحتماً لن يكون لديه ادنى أعتراض على أطلاق مسميات لشوارعنا ! أم نحمل مسئولية ذلك على الانقسام الفلسطيني ؟ لعل في الامر لغزاً لا نفهمه او لعل الحكومات الفلسطينية المتعاقبة لم تجد متسعاً من الوقت لكي تصدر مرسوم بشأن هذا الامر او أننا احترنا في إيجاد العدد المناسب من الاسماء لنغطى كل الشوارع والازقة ؟! أنه لمن العجب العجاب أن الجميع يدرك ان تاريخنا الفلسطيني حافل بالاحداث والمناسبات الوطنية وغير الوطنية التي من السهل ان تكون ملهمنا الرئيسي اثناء تسمية الشوارع ، وحتى ولو على فرضية جفت الاسماء وانقرضت ولا أظنها تنتهي ! فلنسمي الشوارع رقمياً !! أما أن ترك الامر على هذا النحو فلا أظنه من باب الصواب …… وختاماً يبقى السؤال …..هل عجزنا عن تسمية الشوارع وجفت عقولنا ؟! أليس بتاريخنا وحضارتنا ما يستحق الخلود ؟! أم أننا بحاجة لمزيداً من زراعة شجر الجميز ؟!