تحية لوزارة الصحة بقلم رمزي حماد
تحية الى وزارة الصحة بقلم رمزي حماد قبل أن ابدأ مقالتي عن وزارة الصحة خطر على بالي السؤال التالي : هل قام احدنا بتثمين جهد اي عامل في القطاع الصحي كالطبيب مثلا في قسم طوارئ بمستشفى حكومي بقطعة بسكويت ربما لا يتعدى ثمنها شيكل واحد ، لا لشيء إلا ليقول له إننا نقّدر طبيعة عملك حيث ممنوع الخطأ نهائيا ومناوباتك التي لا تعرف الجمعة من الاعياد من الليل والنهار ؟ هل خطر على بال رئيس الوزراء أن يدعو جزءا من الطاقم الصحي لوزارة الصحة او حتى لمستشفى عام إلى حفل تكريمي ولو تقشفي كي يقول لهم شكرا ، إننا نقدر جهدكم ذلك من اجل إعطاءهم جرعة معنويات باتوا في أمس الحاجة إليها بعد الاستهداف المقصود عليهم كل ساعة بل كل لحظة . هل خطر على بال إحدى الشركات ولو كل في محافظتها أن تكرّم ولو عينة من العاملين في القطاع الصحي ؟ قرات في الصحف إحصائية صادرة عن وزارة الصحة تقول أن نحو 2.3 مليون مواطن راجعوا أقسام الطوارئ والعيادات في المستشفيات الحكومية عام 2010، ونفس العدد 2.3 مليون آخر راجعوا عيادات الرعاية الصحية الأولية الحكومية ، ونحن هنا نتحدث عن شعب قوامه اربع ملايين نسمة لا أربعين ، وهنا كلام وزارة الصحة موثّق لاني اجزم ان لكل مريض ملف طبي مسجل بشكل رسمي، لا كإحصائيات بعض الجمعيات الصحية التي تضرب أرقامها أحيانا بعشرة من اجل جلب المساعدات . علمت من صديق طفوله كنا سويا على مقاعد الدراسة منذ زمن بعيد وهو يعمل الان في الحقل الطبي ان هناك مستشفيات في الأردن تدفع أموال لأناس يقال أنهم صحفيون من اجل تشويه سمعة المستشفيات هنا في الوطن كي يتم إزاحة الوزير الذي تسبب في خسائر بالملايين لمستشفيات افتتحت من اجل مرضى فلسطين عبر تحويلات السلطة ، كذلك مستشفيات إسرائيلية تصرخ : خلصونا من وزير الصحة الذي قلّص التحويلات بشكل جنوني بعدما كانت اموال تلك التحويلات تخصم بشكل مباشر ودون تدقيق من عائدات الضرائب المعادة للسلطة من الجانب الإسرائيلي ، رئيس بلدية يريد من وزارة الصحة أن تبنى مستشفا في بلدته وبعدما يكون الجواب أن هذا ليس مدرجا ضمن أولويات الخطة الإستراتيجية يبدأ حملة تشويه وتحشد أعلامي ضد الوزارة ووزيرها ، مسئول كبير بالسلطة يريد تحويل قريبته إلى مستشفا إسرائيليا وعندما تكون الإجابة الرفض لوجود بديل داخل الوطن ، يفتح النار على وزير الصحة ويتهمه بكل ما في القواميس من سوء دون التطرق إلى حقيقة ما جرى وما طلب ولماذا تم الرفض . يضيف الرجل : عشرات المستوزرين يجتمعون وشعارهم : المستوزرون يريدون تغيير الوزير ، مسئول كبير يفتح نيرانه بكثافه في كافة وسائل الاعلام ضد وزير الصحة، تسأل عن السبب الخفي لهذا الاستهداف ، يقول : في احد المرات كنت أتحدث معه وإذ به يعلو صوته، ألا يعرف مع من يتكلم ، ألان أنا اثأر لنفسي . قصص اخرى عجيبة كمواطن يجد نفسه مناضلا كبير وكبيرا جدا ، يريد أن يتعين بوزارة الصحة ضمن الفئات العليا ، عندما يصر الوزير على أن يقدم طلب توظيف وان يسكّن على شاغر وليس ضمن البطالة المقنعة، يخرج شاهرا سيفه ، يجب أن يقال الوزير لأنه فاسد . مستودع أدوية كان يحظى بنصيب الأسد في العطاء الحكومي ، بعد التدقيق يعلم الجميع انه كان يبيع التبرعات القادمة للشعب الفلسطيني وان بعض الأدوية فاسدة حيث تخّزن في مناطق لا تصلح إلا للبكتيريا والعفن، يخرج أصحابه : يجب أن يرحل هذا الوزير الذي خسّرنا ملايينا ما كنا لنخسرها لولا وجوده ففي قواميسهم صحة المريض تاتي اخيرا . مستشفا استثماري يريد شراء مستشفا آخر ، يستأجر أناس من اجل تضخيم أخطاءه ، متناسيا انه تم في نفس الاستهداف توديع 4 جثث من غرف عملياته هو ذاته ، يخرج بالمحصلة أناس لا يعرفون خبايا الأمور، يجب أن يرحل وزير الصحة ، فالوضع الصحي في المستشفيات حتى الخاصة سيء . إهمال طبي في احد المستشفيات الحكومية يفضي إلى وفاه مريضة ، لجنة التحقيق تقر فصل طبيبين ، أهالي المتوفاة يهددون بحرق المستشفى عن بكره أبيه في حال عاد الأطباء إلى المستشفى ، نقابة الأطباء تقرر إجراء اعتصام تضامني مع الأطباء المفصولين والدخول في إضراب مفتوح من اجل إعادتهم وإلا دخلت مرافق الوطن الصحية في إضراب مفتوح ، وحلها يا وزير الصحة . التلفزيون الفلسطيني يبث تقارير عن الوضع الصحي في فلسطين - مع اني وبحكم خبرتي لم اسمع عن فضائية يشاهدها العالم تتعمد تشويه الصورة واستحضار الاسوأ في تقاريرها - احد هذه التقارير اعد خلال أيام طويلة حتى يخرج بالسوء الذي خرج فيه ، أسبوعان من القص واللصق لان المراد اكبر من الانتقاد والتصليح ، نقرأ على الاعلام ان الوزير أصدر قرارا بتشكيل لجنة تحقيق بعد مشاهدته التقرير عقب استضافته بالتلفزيون ، ويوقف الطاقم الإداري عن العمل لحين صدور نتائج التحقيق بعدما يشكل طاقم أزمة من اجل إدارة المستشفى ، يخرج المحافظ ومعه لفيف من الأطباء والمسئولين الصحيين في المحافظة : وزير الصحة يتحمل كامل المسؤولية ولا يجوز له أن يثأر من الموظفين، ويقفون مع الطاقم الإداري ضد الوزير واصفين التلفزيون كما جاء في وسائل الاعلام بالصحافة الصفراء ، ولكن ما المطلوب من الوزير هنا ، قصف من التلفزيون بعد المشاهد السيئة وقصف آخر من المحافظ عندما يتخذ الوزير اجراءات احترازيه ، وحلها يا وزير . البنك الدولي على صدر صحيفة يومية يقول : الوضع التعليمي والصحي في فلسطين شهد مؤخرا تطورا كبيرا وملموسا ، بل ويزيد: ما حدث في فلسطين يجب أن يكون مثالا يحتذى به في دول المنطقة ، بل والعالم بحسب ما نقلت الصحيفة عن البنك الدولي ، منظمة الصحة العالمية كذلك تقول ان الوضع الصحي في فلسطين يشهد تطورا كبيرا ملموسا على كافة الأصعدة بحسب المؤشرات الدولية التي يقاس بها الوضع الصحي في الدول ، الوكالة الأمريكية للتنمية تقول ذات الحديث ومعها كافة الجهات المانحة وذلك عبر مندوبيهم المزروعين في كافة المدن الفلسطينية ، ليأتي مقدم أخبار ويستحضر من الثلاثة أو أربعة ملايين مراجع لمرافق الوزارة ، يستشهد بعشرة أو خمسين ليدلوا بأفادات سيئة ربما تكون حقيقية كي يزرع في عقول المستمعين أن الوضع الصحي في فلسطين سيء وان هؤلاء نموذج للكل، وان الحل هو إقالة الوزير وتحويل المرضى للمستشفيات الإسرائيلية والعربية ، أفضل من تركهم يعالجون داخل الوطن حتى لا يموتون في مشافيه . تتأخر فاتورة مستشفا في الاردن ، ينشط إعلام في انتقاد وزارة الصحة لماذا لم تحول له الأموال اللازمة ، ينشط إعلام أخر يقول لماذا لا تقوم وزارة الصحة ببناء مرافق صحية داخل الوطن بدل من دفع تلك المبالغ وهو لا يعلم أن الوزارة تحاول جاهدة رغم كل معاول الهدم ، يأتي إعلام ثالث وينسف بكاميرا مبرمجه ما تفعله الوزارة كي يخرج أصحاب الأجندات بنتيجه المناضل سعد زغلول " مفيش فايدة يا صفية " حولوا مرضاكم إلى الخارج وصوتوا . أكاد اجزم أن وزارة الصحة ووزيرها الذي لم التقيه بحياتي ، بل اسمع كما يسمع عنه الكثير ، باتوا الأكثر تعرضا للانتقاد والذم على الإطلاق ، حتى بت انا لا استبعد أن تحمّل الوزارة مسؤولية النكبة والنكسة وسقوط الاندلس والعراق ، حماس تهاجم ، المسئولون كذلك ، المستوزرون ، المستشفيات خارج الوطن وبعضا من داخله ، ولكن ما يجمع كل تلك الجهات المنتقدة أنها جهات ذات نفوذ وأجندات خارجية ، وعلى النقيض عندما تستقل إحدى سيارة الأجرة والتي أنا احد زبائنها الدائمين رغم بلوغي الستين ، تجد الإنصاف والمديح من المواطن العادي صاحب الأجندة الوحيدة ، العلاج والستر داخل الوطن ، ولكن ومع الاعلام الموجه تجد بوصلة الموطن تائهة ، كذلك العامل الصحي تجده هائما على وجهه محصور التفكير بين متطلبات اسرته اوالهجرة من الوطن كي يريح ويرتاح . واختم ما بدأت به ، عندما زرت يوما مستشفا حكوميا بعد ألم طارىء داخل هذا الصدر المثقل بالهموم ، وكان في جيبي قطعة شوكولاته أعطيتها لموظف التسجيل الذي أبتسم في وجهي برغم إعياءه الشديد الظاهر على محيّاه ، فابتسمت بعدها لأني استطعت حرف إعياءه بلفته هي رخيصة بالقيمة المادية ، لكنها كنز في قيمتها المعنوية ، فهل يحتاج هؤلاء الى جمعيات حقوق انسان كي تدافع عنهم وتعيد لهم البسمة كي يمنحونا اياها عندما نكون بحاجتهم ؟
Comments