المحتوى الرئيسى

حوار مع علمانيّ : نظام الحكم في الإسلام وحتمية استلهام عناصر الحضارة الإسلامية بقلم: د. خالد صقر

04/19 17:23

حـوارٌ مَع علمانيّ : نظامُ الحكمِ في الإسْلامِ وحتميّة استِلهَام ‏عناصِرِ الحضَارةِ الإِسْلاميّة بقلم: د. خالد صقر الحوار‎ ‎التالي دار بيني وبين عدد من العلمانيين علي أحد المنتديات العربية منذ‎ ‎أيام ، وقد كان الحوار والنقاش ممتعاً ‏بحق ، وأكثر ما تميز به الحوار هو‎ ‎الهدوء والبعد عن التعصب والتشنج ، فأردت أن أضعه بين يديّ قراء هذه‎ ‎المدونة ‏الكرام للفائدة ، ولقد حاولت بقدر الإمكان أن أرتب الحوار في نقاط‎ ‎حتي يكون من السهل علي القارئ متابعته ، إذ أن ‏أسلوب الكتابة في المنتديات‎ ‎لا يكون مناسباً إلا لأطراف النقاش فقط‎...‎ ‎-- ‎مشكلة الإسلاميين أنهم دائماً ما يربطون العلمانية بالإلحاد ، وهذا غير‎ ‎صحيح ، العلمانية تعني فقط فصل الدين ‏عن نظام الحكم ، ولا شأن لها‏‎ ‎بالمعتقدات والممارسات الدينية أولاً‎ ‎، ليس الإسلاميون هم من يربطون بين العلمانية والإلحاد ، بل من يفعل ذلك‎ ‎هم مؤسسو العلمانية ومنظروها ! ‏العلمانية كفسلفة ومذهب فكري قد نشأت في‎ ‎الغرب ، وجل منظرين العلمانية ومفكريها غربيين ، لهذا فإنه من المستحيل ‏علي‎ ‎العلمانيين في البلاد العربية أن يتنصلوا من الرابطة الأساسية بين‎ ‎العلمانية والإلحاد ، ولإثبات كلامي فأذكر عدة ‏أمثلة من كتب لكبار فلاسفة‎ ‎ومفكري الغرب‎ :‎ • يقول ألكسندر ج. هاريسون في كتابه "تصاعد‎ ‎الإيمان : أسس الحقيقة في الدين والعلم" [2] : (بقدر ما تعتبر ‏العلمانية‎ - ‎بشكل خاص - مرادف للإلحاد فإنها ليست منظومة تحمل الحقيقة المطلق)‏ • يقول‎ ‎البروفيسور هوراس م. كالن في كتابه "العلمانية هي إرادة الإله" [3‏‎] (‎العلمانية تعطي الخطأ والصواب ‏نفس الدرجة من الحقيقة ، وتجعل الدين مرادف‎ ‎للإلحاد. بالفعل فإن العلمانية هي الإلحاد)‏ • وتقول جنيان‎ ‎فاولر أستاذة الفلسفة والأديان المقارنة بجامعة ويلز بالمملكة المتحدة في‎ ‎كتابها "الإنسانية – ‏المعتقدات والممارسات" [4] (العلماني بشكل عام يكون‎ ‎ملحداً – لا يكون عنده إيمان "بإله‎" he or she has ‎no belief in God) – ‎ونعلق علي هذا بأن الإله يكون إلهاً (بالملك والتدبير) لهذا العالم و‎ ‎بإدارة العالم من ‏خلال شرائعه وأنبيائه وإلا كان إلهاً (شرفياً)‏‎!‎ • ويقول كارل بارت في كتابه "عن الدين : الوحي الإلهي وارتفاع الدين" [5] (إن الإلحاد دائماً ما يعني ‏العلمانية)‏ فأتحداك أن تذكر لي أمثلة مماثلة من أدبيات الغرب الفلسفية والفكرية تقول أن العلمانية تتقبل وجود الدين وتأثيره علي ‏الحياة ‎-- ‎لا بأس ، إذن لا حاجة لنا لعلمانية الغرب ، نحن نريد علمانية جديدة تتقبل الدين ولكن تفصله عن نظام الحكم ‏تماماً ربما‎ ‎كان هذا النوع الجديد من العلمانية مناسباً لدولة أغلبية سكانها من‎ ‎النصاري وليس من المسلمين ، لأن تعريف ‏الإيمان في النصرانية يقبل التخلي عن‎ ‎دور الدين في الحياة العامة وفي نظام الحكم ، بنما تعريف الإيمان في‎ ‎الإسلام لا ‏يقبل ذلك يقول الله تبارك وتعالي‎ : {‎فَلاَ‎ ‎وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏‎ ‎ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا ‏قَضَيْتَ‎ ‎وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا‎} [(65) ‎سورة النساء‎].‎ أي أن الله عزوجل قد اشترط علي الذين يؤمنون به وبنبيه محمد صلي الله عليه‎ ‎وسلم أن يحكموا شريعته في (ما شجر ‏بينهم) أي كل شئ يختلفون فيه (سياسة‎ - ‎أخلاق - دين - إجتماع - فلسفة...إلخ) ، بل ويقبلوا هذا التحكيم وهذه‎ ‎الشريعة بقلوبهم ...وإلا فإنهم (لا يؤمنون)...وأظن أن الآية واضحة تماماً‎ ‎لكل من يجيد العربية ...ويمكنك الرجوع ‏لكتب التفسير حتي تدرك المعني‎ ‎التشريعي للآية ثم‎ ‎أن تعريف الإيمان كما نصت عليه كتب العقيدة أنه (إعتقاد بالقلب وقول‎ ‎باللسان وعمل بالجوارح والأركان) ، أي أن ‏العمل بالشريعة الإسلامية هو شرط‎ ‎من شروط صحة الإيمان...وهذا العمل ينقسم إلي عمل فردي وعمل جماعي : ‏العمل‎ ‎الفردي يتضمن العبادات اللازمة (الصلاة والصوم والحج...إلخ) وترك النواهي‎ ‎اللازمة (شرب الخمر والميسر ‏والزنا...إلخ)...بينما العمل الجماعي فهو خاص‎ ‎بنظام الحكم في الدولة (جمع الزكاة وتوزيعها ، الحكم بالشريعة ‏الإسلامية ،‎ ‎الدفاع عن البلاد ، تطوير الدولة والقيام بفروض الكفايات كالتعليم والطب‎ ‎والبحث العلمي...إلخ) ، وهو ‏عمل ملزم لأطراف الحكم في الدولة الإسلامية‎ ‎وهذه الأطراف هي: الحاكم (السلطة التنفيذية) - أهل الحل والعقد (هيئة‎ ‎الشوري) - القضاء (هيئة الفضل في المنازعات) - الشعب (الرقيب علي الحاكم‎ ‎وهيئة الشوري‎)‎ بينما‎ ‎تعريف الإيمان في النصرانية هو: (الإيمان بأن الرب يسوع المسيح هو مصدر‎ ‎الإيمان ، والطريق الوحيد ‏الخلاص) كما يدل علي ذلك إنجيل لوقا 17:5 ، وسفر‏‎ ‎الأعمال 12:4‏‎ فبهذا نجد أن الإيمان في النصرانية هو أمر (قلبي) فقط ،‎ ‎لا يترتب عليه أي أمور (عملية) أو (فعلية) بل هو مجرد ‏إعتقاد في القلب ،‎ ‎وربما كان التعميد هو العمل الوحيد الذي يترتب علي الإيمان بالنصرانية‎... ولذلك فإن الإلتزام بالشرائع والأوامر التي جاءت في العهدين القديم‎ ‎والجديد إنما هو من (الأخلاق) التي تحتمها ‏النصرانية...وليس من (صلب‎ ‎الإيمان‎)...‎ ‎ لذلك فربما يقبل النصاري أن يتخلوا عن الأوامر‎ ‎الموجودة في الإنجيل والتوارة ، لا سيما وقد ثبت بما لا يدع مجالأ ‏للشك عند‎ ‎كبار المفكرين والفلاسفة الغربيين أن هذين الكتابين قد تعرضا للتغيير‎ ‎وإعادة الكتابة بالكامل أكثر من مرة ، ‏ونحن في غني عن إثبات هذا الكلام في‎ ‎سياقنا هذا ، فأصبح لسان حالهم يقول: (لما نلزم أنفسنا بكتابين لا نعرف من‎ ‎كتبهما..!)..وهذا من أهم الأسباب التي أدت لظهور أفكار مارتن لوثر في‎ ‎القرون الوسطي ، وأدي بعد ذلك لشيوع ‏البروتستانتية التي هي (علمانية‎ ‎مسيحية) بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ أما‎ ‎في الإسلام ، فالأمر يختلف تماماً ! فأولاً نحن نؤمن بعصمة الوحي ، ويترتب‎ ‎علي ذلك إيماننا بأن الشريعة ‏الإسلامية التي علما الله ورسوله إياها هي‎ ‎أفضل ما يصلح الدنيا وأفضل ما ندير به حياتنا وبلادنا ، وعلي هذا فيستحيل‎ ‎علي المسلم المؤمن بعصمة الوحي أن يري في النظم الوضعية بديلاً عن حاكمية الشريعة‎ ‎ ‎-- ‎كلامك عن الشريعة وتطبيقها يقود للكلام عن إنشاء دولة إسلامية في الوقت‎ ‎الحالي ، و حتي الآن لم يتمكن احد ‏من اعطائنا فكرة عن شكل الدولة‎ ‎الاسلامية كما ينبغي أن تكون الآن ، بل لم يجبنا احد عن سؤال بسيط عن‎ ‎الفترات ‏التي تعتبر دول اسلامية دينية خارج نطاق الفترة النبوية وفترة‎ ‎الخلفاء الراشدين الخمسة‎.‎ شكل‎ ‎الدولة الإسلامية بسيط للغاية ، لها أربعة أجنحة للحكم: الحاكم – الشعب‏‎ – ‎أهل الحل والعقد – القضاء ، هكذا ‏كانت طوال تاريخ الإسلام...وهي دولة قائمة‎ ‎علي (العدل) بكل صوره وقائمة علي (حاكمية الشريعة) بحيث يسود ‏الإسلام‎ ‎أرجائها بكل صوره ...وقائمة علي (عمارة الأرض) بحيث يسعي مواطنو هذه الدولة‎ ‎إلي الرقي بالحضارة ‏البشرية وتحقيق التقدم الإنساني في كل جوانب الحياة أهل‎ ‎الحل والعقد يتضمنون ثلاث فئات : علماء الشريعة ، في مصر يمكن أن يكونوا‎ ‎من وصل إلي درجة الأستاذية في ‏تخصصه في الأزهر الشريف ، وعلماء العلوم‎ ‎الطبيعية (طيب صيدلة - هندسة...إلخ) ممن وصل إلي درجة أستاذية ‏أيضاً في‎ ‎الجامعات ، وممثلين عن الفئات الشعبية المختلفة ، ممثل عن الفلاحين وآخر عن‎ ‎العمال ...إلخ ، وهؤلاء ‏الممثلين تختارهم لجنة مكونة من القضاة وعلماء‎ ‎الشريعة وعلماء الإجتماع والسياسة ، بحيث يتوفر في كل منهم قدر ‏معين من‎ ‎الثقافة العامة ، والدراية بتخصصه والتفوق فيه ، والقدرة علي التعبير عن‎ ‎نفسه والمشاركة الإيجابية في ‏النقاشات والشوري ، وتكون وظيفة علماء الشريعة‎ ‎هي الرقابة علي قرارات هيئة الشوري بحيث لا تخالف تلك ‏القرارات مبادئ‎ ‎الشريعة الثابتة ، وتكون وظيفة علماء التخصص هي الرقابة العلمية والتقنية‎ ‎علي قرارات الشوري ، ‏وتكون وظيفة ممثلي الفئات الشعبية هي إبداء الرأي في‎ ‎القرارات التي تمس تلك الفئات ، قرارات الشوري ملزمة ‏للحاكم ، بحيث غذا‎ ‎خالف الحاكم قرارات الشوري وأهملها وجب علي القضاء وأهل الحل والعقد خلع‎ ‎هذا الحاكم ‏واختيار غيره ، ويكون الجيش والشرطة تحت إمرة القضاء في تلك‎ ‎الحالة الفترات التي كانت تعتبر دول إسلامية‎ ‎خارج نطاق النبوة وفترة الخلفاء الراشدين كثيرة... طالما التزم أطراف الحكم‎ ‎الأربعة كلٍ بدوره كان ذلك حكماً إسلامياً...علي سبيل المثال لا الحصر‎: ‎حكم عمر بن عبد العزيز في الدولة ‏الأموية...الخلفاء المعتصم والمأمون‎ ‎وهارون الرشيد في الدولة العباسية...سلاطين العباسيين إلي زمن سليم‎ ‎الثاني...إلخ‎...‎ المشكلة‎ ‎أن أمتنا تعرضت لمئات السنين من التجهيل والتجاهل ، منذ أواخر الحكم‎ ‎العثماني وإهمال التعليم وخاصة العلوم ‏الطبيعية في بلادنا ، إلي يومنا‎ ‎هذا...لذلك ظهرت العديد من التيارات الفكرية ، بعضها ينتسب للإسلام ، غير‎ ‎قادرة ‏علي مجاراة التغير والتطور الذي حدث في العالم ، بل وتطالب المسلمين‎ ‎بالإنعزال عن العالم تماماً...! وهذا بلا شك ‏أمر ليس من الإسلام في شئ...بل‎ ‎الإسلام يحث علي التطور والتقدم ، بل ويحث المسلمين أن يسودوا العالم‎ ‎بفكرهم ‏وعلمهم وإنجازاتهم ، وقد نجح المسلمون في هذا طوال ألف عام كانت‎ ‎الحضارة الإسلامية خلالها هي الحضارة الوحيدة ‏تقريباً...وكتب التاريخ‎ ‎ممتلئة بقصص الحضارة في الأندلس وبغداد ودمشق‎ ...‎ ‎ تقول البروفيسور أودري شاباس‎ Audery Shabbas ‎في كتابها الرائع "جولة من القرون الوسطي في قصر الحمراء‎": ‎ ‎"‎عندما‎ ‎ندرس تاريخ العصور الوسطي في أوروبا فإننا نادراً ما نأخذ في الإعتبار‎ ‎إسبانيا. إن مكتباتنا مليئة بالكتب التي ‏تتحدث عن العصور الوسطي ، لكن حاول‎ ‎أن تجد صفحة واحدة تتحدث عن الحياة اليومية أو الأزياء في إسبانيا خلال‎ ‎تلك الفترة ، كما لو كان المؤرخون - لكي يبرزوا تاريخهم أنه أوروبي بحت‏‎ - ‎قد تجاهلوا تماماً الحضارة المبهرة ‏والرائعة التي صنعها المسلمون والعرب في‎ ‎إسبانيا ، تلك الحضارة - التي لم تصنع فقط في أوروبا - التي من غير‎ ‎إسهاماتها التي يستحيل حصرها ، ماكان لأوروبا أن تصبح الآن ما هي عليه‎. ‎عندما نتحدث الآن عن (عصر النهضة ‏الأوروبية) فإننا لا نفكر أبداً في بداية‎ ‎ذلك العصر في إسبانيا علي يد العرب والمسلمين قبل بدايته انتقاله إلي‎ ‎إيطاليا ‏بقرون عديدة ، كما لو كنا قد "نسينا" ألف سنة رائعة من التاريخ ،‎ ‎أو "بترناها" من تاريخنا...لايمكن أن يكون شئ آخر ‏أبعد عن الحقيقة من ذلك‎"‎ ‎-- ‎هكذا الإسلاميون دائماً...يتغنون بالمضي ولا يعيشون الحاضر أو ينظرون للمستقبل نحن‎ ‎لا نتغني بالماضي ، ولكننا ننظر إليه لنتعلم منه...يقول الصينيون‎: ‎المستقبل هو أحد حكايات الماضي ، يعني ‏التاريخ يكرر نفسه بشكل أو بآخر ،‎ ‎فسبب ذكري لهذا الكلام هو أن الأندلس قامت فيها حضارة علي مبادئ الشريعة‎ ‎الإسلامية ، نجحت في استيعاب كل معطيات العصر ، ونجحت في سيادة العالم في‎ ‎كل المجالات ، فيجب أن نتعلم من ‏هذا التاريخ بما يفيدنا الآن أما رفض‎ ‎الإسلام كإطار للحضارة والتقدم نابع من عدم إطلاعنا علي دور الإسلام في‎ ‎بناء ‏النهضة الأوروبية التي نحن مفتونون بها الآن...فإذا اطلعنا علي ذلك‎ ‎الدور تكشفت لنا حقائق عديدة أهمها صلاحية ‏الإسلام والشريعة لبناء حضارة‎ ‎غاية في الرقي والتقدم‎...‎ التحدي الحقيقي الذي يواجه المسلمين اليوم هو كيفية التوصل للصيغة‎ ‎المناسبة لهذا العصر لتطبيق الشريعة الإسلامية ‏في كل جوانب الحياة بما يدفع‎ ‎المجتمعات الإسلامية للتقدم والتطور وسيادة العالم في كل مجالات الحضارة‎ ‎المعاصرة...أما التحدي الذي يواجه العلمانيين فهو كيفية (إلغاء) الإسلام من‎ ‎كل مظاهر الحياة العامة في البلاد ‏الإسلامية علي أمل أن ينتج هذا الإلغاء‎ ‎تقدماً كالذي حققه إلغاء النصرانية في أوروبا...وبهذا فهم لا يفهمون‎ ‎الفوارق ‏الضخمة بين الإسلام والنصرانية ، ولا بين التاريخ الإسلامي‎ ‎والتاريخ الأوروبي‎.‎ ‎--‎اوروبا وامريكا واليابان حضارات بشرية متقدمة دون الاسلام حضارات بشرية متقدمة (مادياً) ومتخلفة وبربرية (روحياً)...أعلي معدلات‎ ‎الجريمة في أمريكا...أكثر من 4000 ‏جريمة اغتصاب في نيويورك وحدها كل‎ ‎يوم...واليابان ثاني بلد علي مستوي العالم في تجارة الجنس والإباحية‎... ‎ناهيك ‏عن إقرار زواج الشواذ ...بل وإقرار زواج المحارم كالأخ وأخته ..مثل‎ ‎ماهو واقع في بعض الدول الإسكندنافية ‏‏...القائمة التي تضم أعلي معدلات‎ ‎الجريمة في العالم تتصدرها تلك الدول...فأي (حضارة) تقصد..؟ الحضارة - كما‏‎ ‎تعرف - لها عدة جوانب ، من أهمها الرقي الأخلاقي والإنساني والروحي‎...‎ الإسلام‎ ‎يهتم بالجانب الروحي من الحياة البشرية وما يتعلق به (كالضمير) و(الأخلاق‎) ‎و(السمو الروحي) اهتماماً يفوق ‏اهتمامه بالجانب المادي الذي يعتبره وسيلة‎ ‎الإنسان لتحقيق مراد الله من البشر وهو الرقي والسمو ، بينما الحضارة‎ ‎الغربية حضارة مادية ، لا تلقي بالاً لأي قيم روحية عند الإنسان ، ويشهد‎ ‎علي ذلك التحلل الإجتماعي والأخلاقي الذي ‏هم فيه ، بل وفقدانهم لأي إطار‎ ‎مرجعي (للأخلاق) في عصر ما بعد الحداثة ‎--‎الاسلام‎ ‎ليس موجود في مظاهر الحياةالعامة في البلاد الاسلامية للعمل على الغائه‎ ‎ومن يقول انه موجود فلااعتقد ‏انه يخدم الاسلام......كيف نكون في ذيل الامم‎ ‎ومظاهر الاسلام موجودةعندنا؟‎!!!!‎ مشهد‎ ‎آخر من مشاهد التناقض الذاتي في فكرك...إذا كنت تري أن (الإسلام ليس‎ ‎ضرورياً للتطور) فلم تستنكر أن نكون ‏في ذيل الأمم والإسلام عندنا...؟ أنت‎ ‎قلت(اوروبا وامريكا واليابان حضارات بشرية متقدمة دون الاسلام) إذاً وجود ‏الإسلام عندنا يفترض يبرر التخلف الذي نحن فيه بناءاً علي‎ ‎كلامك...فنفي الشئ هو إقرار بضده...أليس كذلك..؟ نفي ‏ضرورة الإسلام للتقدم‎ ‎الحضاري هو إقرار بأن وجوده يكون سبباً في التخلف...إما أن تقر بضرورة‎ ‎الإسلام لتحقيق ‏التقدم الحضاري المثالي وإما لا‎...‎ يحيرني‎ ‎هذا التناقض الذاتي عند العلمانيين العرب دائماً...!العلمانيون الغربيون‎ ‎أنهوا المشكلة برفض الدين وانتهي ‏الأمر...فلم تصرون أنتم علي تعقيد‎ ‎الأمور‎..! ‎ الإسلام‎ ‎يطلب من المسلمين أن يحكموا الشريعة حتي يستكملوا إيمانهم - العلمانية‏‎ ‎ترفض تحكيم الشريعة ، إذن العلمانية ‏مرادفة للإلحاد...مسألة بسيطة‎..! ‎ الإسلام يصر علي تطبيق الحدود في نظام القضاء ، والعلمانية ترفض...الإسلام‎ ‎يصر علي عدم مساواة الرجل بالمرأة ‏في عدة أمور أهمها الميراث والزواج‎ ‎والطلاق وحضانة الأبناء...والعلمانية ترفض...الإسلام يصر علي منع صناعة‎ ‎وتجارة الخمر...والعلمانية ترفض...الإسلام يصر علي استرداد بيت المقدس من‎ ‎اليهود ، والعلمانية ترفض...الإسلام ‏يصر علي وحدة المسلمين كلهم بغض النظر‎ ‎عن حدود سايكس بيكو....والعلمانية تؤيد القومية وترفض وحدة المسلمين ‏وإقامة‎ ‎الخلافة‎...!‎ إذن العلمانية مضادة للإسلام...! وما هو ضد الإسلام‎ - ‎في إطار الفكر الإسلامي - فهو إلحاد ، أو زندقة....إلخ...كلها ‏مصطلحات‎ ‎تعني أن ذلك ليس صواباً بالنسبة للإطار المرجعي للفكر الإسلامي...ربما كان‎ ‎صواباً بالنسبة للإطار ‏المرجعي للفكر النصراني أو اليهودي ، أو الوجودي ،‎ ‎أو الحداثي أو مابعدالحداثي....لكن بالنسبة للإسلام العلمانية ‏تعتبر‎ ‎إلحاداً ...أي خروجاً علي أصول الإسلام‎... ‎ فأنت بين خيارين : أن‎ ‎تقبل مرجعية الشريعة وحاكميتها - بغض النظر عن الأخطاء التطبيقية الحالية‏‎ - ‎وتنضم لمعسكر ‏الفكر الإسلامي أو أن ترفض مرجعية الشريعة و حاكميتها وتنضم‎ ‎لمعسكر الفكر الإلحادي‎...‎ وبهذا انتهي النقاش‎ !‎ ‏-------‏‎ المراجع ‎[1]‎ Phil Zuckerman (2009) Atheism and Secularity: Issues, concepts, and definitions, ABC-‎CLIO publishing ‎[2]‎ Alexander J. Harrison (2003) Ascent of Faith Or the Grounds of Certainty in Science and ‎Religion, Kessinger Publishing ‎[3]‎ Horace M. Kalen (1954) Secularism is the will of God: an essay in the social philosophy ‎of democracy and religion, Twayne Publishers ‎[4]‎ Jeaneane D. Fowler (1999) Humanism: beliefs and practices, Sussex Academic Press ‎[5]‎ Karl Barth (2007) On religion: the revelation of God as the sublimation of religion, ‎Continuum International Publishing Group

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل