المحتوى الرئيسى

الحل العسكري المفقود

04/19 17:17

محمد السعيد إدريس التوصيات التي صدرت عن الاجتماع الثاني لـ “مجموعة الاتصال الدولي حول ليبيا” الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة كانت قد أحيت الأمل في كسر الجمود الحالي بالأزمة الليبية الذي يدفع ثمنه المدنيون الأبرياء في العديد من المدن الليبية خصوصاً في مصراتة وأجدابيا التي يجري قصفها بقنابل عنقودية في تطور شديد الخطورة من شأنه إبادة هؤلاء المدنيين . فقد أكدت الدول والأطراف والمنظمات الإقليمية والدولية المشاركة في هذا الاجتماع تصميمها على ضمان الاستمرار في تنفيذ قراري مجلس الأمن بخصوص ليبيا (1970 - 1973)، وفرض إجراءات تقييدية، إضافة لحرمان نظام القذافي من العوائد المالية، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووضع حد نهائي للعنف والهجمات والانتهاكات ضد جميع المدنيين . كما أكدت هذه التوصيات أن الحل السياسي سيكون السبيل الوحيدة لتحقيق سلام دائم في ليبيا، ضمن عملية سياسية شاملة تأخذ في الحسبان المطالب المشروعة للشعب الليبي من خلال تطوير خطة انتقال سلمي للسلطة وعمليات دستورية وانتخابية ضرورية لتشكيل حكومة منتخبة ديمقراطياً تمثل إرادة الشعب الليبي . هذا الحل السياسي جاء مقترناً بأمرين أساسيين أولهما: رحيل معمر القذافي عن الحكم كشرط لبدء تلك العملية السياسية، وثانيهما الاختلاف حول مسألة دعم الثوار عسكرياً، وجراء هذا الإرباك تتأكد جدية استنتاج صحيفة “الغارديان” البريطانية حول بقاء نظام القذافي وربما بقاء القذافي نفسه . فالشواهد العسكرية الآن تؤكد غياب أي نوع من أنواع توازن القوة بين الثوار ونظام القذافي، نظام قام بتسليح نفسه على مدى سنوات طويلة بكل أنواع الأسلحة، وينفق الآن أموال النفط الليبي لتجنيد مرتزقة من كافة أنحاء العالم ليقاتل مدنيين لا يمتلكون إلا أسلحة بسيطة . والنتيجة أن الأقوى عسكرياً وميدانياً هو القذافي، وأن في مقدوره الآن تدمير صمود الثوار والتمادي في الإبادة الجماعية للمدنيين، وعندها سيفرض واقعاً سياسياً من شأنه أن يضرب به عرض الحائط كل تلك العملية السياسية المقترحة من مجموعة الاتصال الدولي . خصوصاً على ضوء تقدير الموقف العسكري الراهن كما تراه صحيفة “الغارديان” التي ترى أن مساعدة بريطانيا للثوار من حيث التدريب وتقديم الأسلحة لن تجدي نفعاً لدى قوات تفتقر إلى القيادة والتنظيم، ولا سيما أن قوات القذافي تمكنت من التكيف مع الضربات الجوية، وعمدت إلى إخفاء دباباتها واستخدام عربات صغيرة وسريعة . الحل الوحيد لإحداث توازن عسكري يفرض قبول القذافي للعملية السياسية المقترحة هو “تسليح الثوار” ولكن هذا التسليح أضحى خاضعاً لتعارض مصالح الدول أعضاء حلف الأطلسي (الناتو) . وزير خارجية ألمانيا غيدوفستر فيلي والأمين العام للناتو راسموسن أكدا أنه “لن يكون هناك حل عسكري للأزمة الليبية”. عظيم ألا يكون هناك حل عسكري للأزمة، لكن ما هو أعظم أن تكون هناك آليات حقيقية للحل السياسي، أما أن تكون مصالح دول الناتو وحدها هي المحدد الأساسي لرفض تسليح الثوار، وبالذات مسألة التشكك في هوية الثوار، وبتحديد أكثر حول ما إذا كان لتنظيم “القاعدة” وجود قوي في صفوف الثوار أم لا، على نحو ما أشار وزير الخارجية الإيطالي من مخاوف وصول الأسلحة إلى “الأيادي الخطأ” . لكن كان هناك من هو أكثر صراحة في تفسير الرفض أو التردد الأمريكي لتسليح الثوار حيث جرى تحديد العديد من الأسباب أبرزها أنه “ليس للعمليات العسكرية التي تجرى في ليبيا علاقة بالمصالح الحيوية الأمريكية، وأن مساعدة معارضة “مجهولة” قد تسفر عن بروز ما هو أسوأ من معمر القذافي، وإن الانتشار العسكري الأمريكي قد تخطى قدرة الميزانية الأمريكية” والنتيجة هي، التراجع عن اعتماد الحل العسكري للأزمة من دون أية إمكانات لفرض الحل السياسي لتبقى دعوة رحيل القذافي مجرد شعار سياسي، يخفي وراءه صراعات في المصالح والأهداف . نقلا عن (الخليج) الإماراتية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل