المحتوى الرئيسى

اتجاهات: قبول كل شئ

04/19 11:30

جميعنا، وإن لم نكن كلنا، نظن أن من يمارسون رياضات التأمل والتركيز كاليوجا والـ"تاي شيي" وغيرها يحتاجون دائما إلي أجواء هادئة وأماكن طبيعية ومناظر خلابة غير مشوهة، وبالطبع كنت أنا واحدا من هذا الجمع أظن نفس الظن إلي أن بدأت في ممارسة هذه الألعاب على يد أفضل مدربيها وأكثرهم خبرة.وفي يوم من الأيام منذ ما يقرب من الخمس سنوات، وأثناء جلوسنا في أحد أوضاع اليوجا الخاصة بالتركيز والتأمل، وكان الوقت ظهرا وكانت أصوت أبواق السيارات والباعة الجائلين، عالية للغاية، على غير المعتاد، لدرجة تحول دون إمكانية التركيز لدقيقة واحدة كاملة. ولمن لا يعلم فإن التركيز الحقيقي يبدأ بمحاولة إخلاء الذهن من كافة الأفكار أيا كانت ليصير كورقة بيضاء لا يؤثر فيها شئ ولا تترك عليها أي ذكرى أي علامة "TABULA RASA"المهم، لم يستطع أي منا الوصول للنرفانا المنشودة نظرا للإضرابات المحيطة، وقد لاحظ المدرب ذلك، وعلى غير المتوقع، أعجبه، وشجعه على الانتقال بنا إلي المرحلة الثانية من التركيز وهي مرحلة التركيز في القبول.لماذا "اعتدنا" - نعم اعتدنا - وبرمجنا عقولنا على الانسجام مع أصوات الموسيقى الهادئة والاسترخاء أمام المشاهد الطبيعية والأماكن الخلابة. من يمكنه أن ينكر هذا؟واعتدنا أيضا وبرمجنا عقولنا على التوتر أمام أصوات الآخرين والضوضاء والتلوث السمعي والبصري، هذا واقعبل وساتجرأ وأقول أننا "اعتدنا" أيضا و"برمجنا" عقولنا على الفرح والاستجابة الايجابية أمام المكاسب المادية والمعنوية، تماما كما اعتدنا على الحزن والاكتئاب كرد فعل طبيعي ومبرمج أمام الخسائر والفشل.لا أنكر طبعا أن الجسد يتأثر بيولوجيا كرد فعل لما يحدث للانسان ولكن التأثير الناجمع عن القناعات العقلية يفوق التأثير الجسدي بكثير وهو ما نريد أن نتحكم فيه ولا نخضعه لما اعتدنا عليه لمصلحتنا عقلا وجسدا.المهم، نعود إلي قاعة التدريب...في ظل الضوضاء والصخب والمحاولات المستمرة في التركيز في تصفية الذهن، وجدنا المدرب يخبرنا بأن نكف عن تخيل أنفسنا على شاطئ البحر أو في حديقة واسعة وأن نتقبل الواقع... ونستمتع به أيضا، ما أجمل صوت بوق السيارة، وما أعذب صوت بائع الخبز، ويالعظمة الخالق في تجانس صوت الحمار مع صوت المطربة الشابة الذي يشغل في أحد الأكشاك المجاورة. لماذا تختلف هذه الأصوات عن صوت آلاف العصافير فوق الاشجار الذي يتداخل مع صوت جيتارا؟ أنه ليس الصوت بل قبولنا له. ثم تركنا لنتأمل ما قاله.في البداية بدا كلامه غريبا إلا أنني وكثيرون منا بمجرد أن أغمضنا أعيننا وبدأنا نتأمل تلك الأصوات وجدنا شيئا من التجانس الطبيعي غير المشوه كما كنا نظن، ووجدنا أمفسما نستمتع بهذه الأصوات بصورة لم نتوقعها، بل ولمسنا فيها ما لم ندركه في البحر والسحاب... لمسنا الحياة... وبقي أن نقدرها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل