المحتوى الرئيسى

د. هشام عبد الصبور شاهين يكتب: تحيا زوجة الرجل المهم

04/19 16:29

في عام ١٩٨٧ قدم المخرج محمد خان فيلم (زوجة رجل مهم) الذي كتب قصته رؤوف توفيق، ويحكي قصة زواج ضابط المباحث هشام بالفتاة منى المفرطة في الرومنسية وحب صوت عبد الحليم حافظ، وعاشا تحت سقف بيت واحدتجمعهما الزوجية مع تنافر طباعهما، فهشام ضابط أمن دولة متسلط ويعشق السلطة، ويحصل من ورائها على كل ما يستطيع وما يريد، والويل كل الويل لمن يقع تحت يديه في تحقيق فيناله من التعذيب وتلفيق القضايا ما يناله، ومنى استسلمت لواقعها المرير، واعتبرت أنه نصيبها الذي يجب أن تقبل به، زوجها يمارس سلطاته المطلقة على كل مجريات ومقدرات حياتها، فهو الذي يختار نوع الطعام الذي تأكله والحذاء الذي تلبسه والمكان الذي يذهبان إليه والناس الذين يلتقيان معهم ويخرجان معهم.المهم .. سارت الحياة بينهما مملة كئيبة لها، مترعة بالعمل والسلطة له، وحملت منه مرة وحيدة وأجهضت، ما تسبب في اتساع الفجوة والجفاء بينهما، حتى هبت على مصر رياح الأحداث الجسام في يناير ١٩٧٧ حين انتفض الشعب وثار بعد القرارات الاقتصادية التي أدت إلى الغلاء الذي لم يتحمله الناس، وتولت قوات أمن الدولة التعامل مع المنتفضين، بينما تولى الجيش تأمين البلاد في فترة حظر التجول.. وثبت بعد انتهاء الأحداث بالتحقيقات في النيابة أن الضابط هشام وقادته هم المخطئون في حق الشعب فأحيلوا إلى التقاعد، إذ ثبت لدى المحكمة أنهم لفقوا القضايا للمواطنين المقبوض عليهم، وأنهم استعملوا العنف والإهانة والتعذيب للححصول على اعترافاتهم.. وقررت الحكومة – كما زعم هؤلاء الضباط – التضحية بهم ككبش فداء مع أنهم هم الذين حموا البلاد ونظام الحكم...في هذا العرض الموجز للفيلم نستطيع أن نبدل الأسماء لنحصل على زوجة رجل مهم ٢٠١١، فهشام أبو الوفا هو حسني مبارك، ومنى الرومنسية هي مصر، وزواجهما تم فى أكتوبر ١٩٨١، عاشا سويا بضع سنوات اكتشفت بعدها أنه خدعها بمظهره ووعوده التي لم ينفذ أيا منها، وعبر ثلاثين عاما من العِشرة أدركت كما أراد لها أن مصيرهما واحد، إذ إنه سلبها إرادتها وقدرتها على اتخاذ أي قرار، وحافظ فيها على نسبة الأمية عالية مما سهل عليه قياد الشعب المغلوب على أمره، وحرص على نشر الجهل وأفقر الشعب وسحق الطبقة الوسطى، وبينما شغلوا الناس بالفن الهابط وكرة القدم وأكل العيش الحاف؛نهب وأتباعه ولحاسو أحذيته ذهب مصر وأرصدتها وملياراتها، وعمروا بها خزائنهم في سويسرا وأمريكا وأوروبا، وباع أرضها ومصانعها ومؤسساتها بأبخس الأسعار للمستثمرين والمغامرين من أصدقائه والأجانب، فتدنت مكانتها بين أقرانها حتى أصبحت بلا أثر أو تأثير في مجريات الحياة فيها أو حولها، وانسحبت مصر من أداء دورها العربي والإقليمي والأفريقي والدولي، وبعد أن كانت ملء السمع والبصر أصبحت بلا ذكر وبلا دور وبلا مستقبل.ثم هبت عليها رياح التغيير  في يناير٢٠١١ ، فكان الفرق جليا بين مصر ومنى برغم تعرضهما لنفس الضغوط التي أدت إلى السلبية والخضوع الكامل لشذوذ وجنون الحاكم المسيطر.في فيلم محمد خان ١٩٨٧حلت عقدة الفيلم بانتحار هشام أبو الوفا.. فهل تكون نفس النهاية في ٢٠١١ ؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل