المحتوى الرئيسى

اتجاهات : ذكر الله في كل حين

04/18 17:00

أثناء ذهابي صباحا للنادي وجدت ميكروباصا شبه خال من الركاب وواقف أمام بيتي وكأن لسان حاله يقول لي "تعالى أوصلك"، ففرحت جدا، لأني في أغلب الأحيان أقف كثيرا لأجد توصيلة مريحة تأخذني حيثما أريد.بمجرد أن ركبت ودفعت الأجرة للسائق الملائكي وأخذت مقعدي وبدأت اتأمل عظمة الخالق في تيسير السبل والوسائل المختلفة لكي نقضي حاجتنا ومصالحنا والتي تصب كلها في الآخر في بوتقة واحدة وهي تمجيد وتعظيم اسمه العلي حتى لفت انتباهي ملصقين على نافذة الميكروباص أخذت أتأمل فيهما منذ رأيتهما وحتى كتابتي هذه السطور.الملصق الأول ويقول: "اذكر الله" ، والآخر: "اجعل أوقات الانتظار ذكر الله واستغفار"وبالرغم من أن كلا الملصقين مألوفان لي تماما، فقد يكونا كلاهما أو حتى أحدهما موجودا في كل وسائل المواصلات ، إلا أنني واليوم فقط استشعرت مدى أهميتهما ووجوب الاستجابة لهما في حياتنا اليومية، ليس فقط في أوقات الانتظار بل في كل حين.وتستحضرني هنا مقولة شهيرة للسيد المسيح عليه السلام قد لا يفهمها الكثيرون، تقول: "صلوا كل حين ولا تملوا" ...كل حين... !!؟؟ إزاي يعني؟يقول الفليسوف كيفيلو: "هناك معضلات لا يفسرها سوى معضلات آخرى"المعضلة الأولى هي كيف نذكر الله طوال الوقت ونحن مشغولون ومهتمون بمشاكلنا وطموحاتنا وأعمالنا وأعبائنا؟والمعضلة الثانية: هل ذكر الله هو الطلب من الله كما نظن جميعا أم هو الاستجابه لله أم كلاهما؟والإجابة أنه لو كان ذكر الله هو الدعاء لله لكي يحل لنا مشاكلنا ويسهل لنا طرقنا وينجحنا في مساعينا فإننا سنكون بهذا نناقض أنفسنا... كيف؟؟ لأننا ذكر الله بهذه الطريقة هو استغلال لله لتلبية طلباتنا البشرية - وحاشا لله - أن يأمر المخلوق الخالق.أنستنكر على الله علمه بإحتياجاتنا؟أنشك في رحمة الله الواسعة؟أما الصلاة كل حين، أو ذكر الله المستمر هو ببساطة أن نأخذ الاتجاه القويم والصحيح في العبادة، ألا وهو أن يبقى الخالق خالقا والمخلوق مخلوقا. أن "نؤمن" بالله لا بالكلام بل بالاقتناع والرؤية الحقيقية أنه الخالق العالم بكل شئ وببواطن الأمور وبنوايانا واحتياجاتنا الحقيقية ورسالتنا التي خلقنا من أجلها، أن "نؤمن" بحق أنه هو الخالق الذي يحرك ويسير الكون كله بما فيه نحن البشر المخلوقين الذين استبدلنا استخدام عقولنا في تعظيم وتمجيد اسم الله القدوس بالاهتمام بأمورنا الشخصية وشهواتنا الأرضية وطموحاتنا المادية بل وتجاسرنا ووقفنا في موقف نسأل فيه نحن المخلوقين خالقنا العظيم لكي يسخر الكون لخدمة ذواتنا الفانية.ان ذكر الله الدائم والصلاة في كل حين هي أن نسلك ذلك الاتجاه وهو التسليم الكلي بإيمان وثقة في الله ونحصل على تلك الرؤية بأن إرادة الله وخطته السمائية لا تقبل التشكيك ولا التعديل لأنها كاملة لا تشوبها شائبة.ويابخت من استطاع أن يتخلى عن كبريائه البشري واستطاع بإتضاع أن يؤمن بقوة الخالق القدير ليسلم له ذاته ويتكل على غنى رحمته ومحبته غير المتناهية... هنا فقط سيعرف معنى السعادة والسلام.فلنتتوكل على الله جميعا

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل