المحتوى الرئيسى

محاكمة مبارك: وجهات نظر

04/18 12:28

أثارت محاكمة مبارك شجناً من تقلبات الأيام. لكن بعد الصدمة الأولى يحدث التدقيق. هل ما يحدث الآن فى صالح مصر أم لا؟ احتراماً منى لجميع وجهات النظر، فإننى اليوم وغداً أعرض رسالتين، الأولى تُحذر من التشفى والانشغال بالماضى، والثانية (سأنشرها غداً) تؤكد عدالة المحاكمة. نبدأ برسالة من صديق يقول فيها: «مقدمة لابد منها: أنت تعرف أننى لم أكن يوماً من الحزب الوطنى، ولا كنت من الإخوان المسلمين، بل أنا من الأغلبية الصامتة التى اكتوت بنار مظالم مبارك، وأصابنى ما أصاب الكثيرين من إقصاء الكفاءات وتجريف أصول الوطن وتدنى الأجور. وقد رقص قلبى فرحاً بانفجار الثورة يوم 25 يناير وشاركت فى مظاهراتها، وأسعدنى تنحى الرئيس وسقوط النظام. ولكن مضت الثورة إلى ما لا أحب وأرضى. لقد تمكنت منا روح الانتقام ونقيصة التشفى، وأصبحت دموع النساء وصرخات الموقوفين وهتافات الشامتين هى لحن كل يوم، أبيت وأصحو عليه. لقد تذكرت مدام «ديفارج»، الشخصية السيكوباتية الشهيرة فى رواية «قصة مدينتين» لتشارلز ديكنز، التى كانت تمد محاكمات الثورة الفرنسية بأسماء ضحايا جدد حتى انتهى مصيرها هى نفسها إلى المقصلة! تذكرت أيضا مأساة لويس السادس عشر وأنا أرقب مبارك وقد أصابه سوء التقدير وأبى أن يهرب واستسلم لمصيره هو وعائلته. وعندما تقرأ كتب التاريخ، من منا لايزال يتذكر فساد لويس السادس عشر الآن، ومن منا لا يحزن على ما أصابه وأسرته من كوارث؟ لماذا لا نتعالى على أنفسنا وننبذ الانتقام؟! فالنار إذا لم تجد ما تأكله أكلت نفسها. أخشى أن تنجرف البلاد إلى الفوضى وتسود الوشاية وينفرط عقد المجتمع بعد استعادته الروح بعد الثورة. لماذا لا نتأسى برسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، عند فتح مكة (القرية الظالم أهلها) لأنه «أخ كريم وابن أخ كريم»؟ لماذا لا ننفى الرجل وأسرته لخارج البلاد، ونحرم بطانته من الحياة السياسية، ونقيل رؤساء المؤسسات الكبرى، مع إنشاء هيئة قضائية مهمتها استرجاع ثروات البلاد المنهوبة، ونلتفت إلى المستقبل لنكتب دستوراً جديداً ونكوّن أحزابا وليدة ونؤسس دولة القانون؟! هذه ليست أبداً دعوة للعفو، فالله وحده هو القادر على أن يعفو أو أن يعذب مبارك على ما اقترفه فى حق ثلاثة أجيال كاملة، ولكنها نداء أن نيمّم وجوهنا صوب المستقبل المشرق بإذن الله، ونعطى ظهورنا للماضى فلا نصير أسراه. فمع الماضى كان كلٌ منا مشروع «مبارك» صغير فى وظيفته، أما مع المستقبل فسيولد لنا ألف «بطل»، إن شاء الله. وهكذا كُتب علينا أن نختار مكاننا فى التاريخ، هل نحب أن تُذكر ثورتنا مع الانتقام والدموع، أم تُذكر مع الأخ الكريم (صلى الله عليه وسلم)؟. وأخيرا سؤال عابر، أرجو أن تفكر جيدا: هل كانت ثورة 23 يوليو أكرم من ثورة 25 يناير؟». غداً مع وجهة النظر الأخرى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل