المحتوى الرئيسى

حضرة الدكتور سلمان...نقطة نظام(2/6)بقلم:سري سمور

04/18 02:13

حضرة الدكتور سلمان...نقطة نظام(2/6) -الجزء الثاني- بقلم:سري سمور الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001م وما بعده كل العالم يحفظ هذا التاريخ،ولعله التاريخ الأكثر شهرة في عصرنا،هكذا أرادته الولايات المتحدة،وكان لها ما أرادت،وأرادت أن يكون تاريخا مفصليا في تركيب العالم بأسره،والعلاقات التي تحكم الدول بعضها ببعض،بل الأفراد ومسلكياتهم وتصرفاتهم وبنيتهم الثقافية،وأتفق مع د.سلمان بأنه حتى قوى كبرى كروسيا والصين أصابها آنذاك هلع إلى حد ما. كان الانقضاض على أفغانستان أولا،ثم العراق تاليا،وحروب إسرائيل بالوكالة في الأراضي الفلسطينية واللبنانية،أما الأنظمة العربية فأتيحت لها فرصة ذهبية استغلتها تماما فقمعت معارضيها،أو جميع من يخالفها الرأي بمنتهى الشدة والقسوة،تحت مسمى «الحرب على الإرهاب» خاصة وأن تنظيم القاعدة أصبح بفضل الدعاية الأمريكية أكبر تنظيم في العالم بأفراده وقدراته وانتشاره،فالتقط المستبد العربي الإشارة،فأصبح الجميع متهما بالانتماء إلى القاعدة أو التعاون معها حتى يثبت العكس،وزادت القبضة الأمنية الشديدة أصلا قبل هذا التاريخ،وشجعت أمريكا هذه النظم،وأمدتها بأدوات البطش والقمع، وهرولت هذه النظم إلى إسرائيل، ولم تعد تخجل من العلاقات العلنية الواضحة مع الإسرائيليين،وأصبح احتضان و تقبيل شارون أو موفاز أوسلفان شالوم أمام الكاميرات أمرا اعتياديا،ورافق ذلك تدهور كبير في الأقطار العربية،واتسعت الفجوة بين القلة الغنية وباقي الطبقات وذابت الطبقة المتوسطة في الفقيرة،وانتشر الفساد بشكل رهيب،وبكى المثقفون وصرخوا وتذمروا واشتكوا،ولكن دون جدوى وشعرت الأنظمة بنشوة كبيرة،فالآن يمكنها أن تفعل بشعوبها وبلدانها ما تشاء فالغرب بأجهزته الأمنية يقف معها،لأنها تحارب «الإرهاب» وتركع أمام إسرائيل لدرجة توقف الأنظمة عن إطلاق عبارات الشجب والاستنكار التي كنا دائما نهزأ بها،فأصبحنا نتمنى سماعها،وما حدث للرئيس عرفات والرئيس صدام لاحقا،توّج مرحلة جديدة من التعامل مع الأنظمة وحمل في طياته رسالة صريحة بأن هذا هو العصر الأمريكي،وكان كلام كونداليزا رايس واضحا وهي تتحدث عبر الإعلام للرئيس بشار الأسد:أمامك خياران لا ثالث لهما فإما أن تكون مثل صدام حسين أو مثل معمر القذافي، وكان القذافي قد تخلّى عن عنترياته المعروفة،وركع وتعرّى أمام الأمريكان(استخدم د.سلمان عبارات أكثر لطفا في وصف حاله)،ونجح الرئيس السوري ومعه سوريا بأن يكون له خيار ثالث،لكنه نجاح احتاج وما زال إلى آليات للحفاظ عليه وتعزيزه. وقد كان للمثقفين الأحرار معركتهم بعيد هذا التاريخ،ولا نلومهم إذا رأينا منهم أحيانا انفعالات عاطفية مبالغ فيها،أو انشغال ساذج بالبحث وراء الحدث ذاته؛أي من يقف وراء الهجمات على البرجين،ومحاولة الانطلاق من هذه النقطة،وهذا كان مضيعة للوقت،لأنه حتى لو كان الموساد أو جهات أمريكية وراء تنفيذ الهجمات،وهو ما تمناه الكثيرون،فإن الرأي الرسمي الأمريكي،أو التصرفات الأمريكية مبنية على اتهام جهة واحدة وأتباع دين بعينه أي الإسلام! وانشغل المثقفون بمعركة أخرى لا تقل ضراوة مع فئة صدق من سمّاها ونعتها بـ«مثقفي المارينز» الذين لم يتورعوا عن الدفاع عن احتلال العراق وقبله أفغانستان وعن جرائم شارون،بل تطاولوا على الدين نفسه،ولسان حالهم يقول بأن على العرب أن يستقبلوا المارينز بالورود ،وأن يقيموا علاقات طبيعية مع إسرائيل لأنها حضارية،وأن النص الديني يحتاج إلى مراجعة بل إلى تغيير،ومن أبرز هؤلاء كان شاكر النابلسي وعلي سالم ومجدي خليل،وفتحت لهم كل المنابر لتقيؤ هذه الأفكار،وكان من الطبيعي أن ينشغل المثقفون الوطنيون بالرد عليهم والتصدي لافتراءاتهم،لا سيما أن بعضهم مرتبط بمؤسسات أمريكية معلومة الأهداف. الملاحظ في تلك الفترة هو غياب الجمهور وعامة الشعب عن صناعة الأحداث،فقد أصبح الناس أسرى لقمع الأنظمة،التي قامت بما سمّته إصلاحات،وهي شكلية بالمطلق ولا علاقة لها ببنية النظام الرسمية،بل تركزت على ملاحقة ومراقبة من يحفظون القرآن الكريم ويرتادون المساجد،ومراقبة أو الحد من توزيع نسخ مطبوعة من المصحف الشريف،والتضييق على الأنشطة الدعوية التي كانت أصلا تحت المراقبة والاختراق،ولا ننسى المبالغ التافهة التي كان الأمريكيون يعلنون عن تخصيصها لدعم الديموقراطية،وعلى قلتها كانت تذهب إلى من لا أثر له،فما كان يهم أمريكا هو أن يستسلم العرب لإسرائيل تماما،وأن لا يناقشوا طلبات السفير الأمريكي،الذي أصبح هو الحاكم الفعلي في غير بلد عربي. حالة استلاب كاملة أصابت الفرد العربي،فهو متسمّر أمام شاشة الجزيرة يتابع كلمة لبن لادن أو الظواهري،مشجعا ومناصرا،أو شاتما ولاعنا،أو تجده منشغلا بمتابعة جدال عقيم بين كاتب متصهين وآخر عاطفي،وأصبح المشهد المحزن منقسم بين تأييد الاستبداد أو تأييد الاستعمار والاحتلال! هذه الحالة انعكست على كل المواد المكتوبة والمرئية ،وعلى التحليلات التي تابعناها عبر سنين،فهي إما مع هذا أو مع ذاك،دون أن يبرز رأي رصين آخر،وقد سبب احتلال العراق وما تلاه مشكلة جديدة في الوعي والتفكير والتحليل. عقدة العراق لازال العراق في عقولنا،وجرحه يدمي قلوبنا،ولكن المثقفين أصبح لديهم ما يشبه «العقدة» من العراق وتبعات ما جرى فيه،ولا زال رأيهم متأثرا بالعقل الباطن المسكون بهذه العقدة. كان الرأي الأكثر رصانة هو أنه رغم كون صدام حسين دكتاتورا فإنه صاحب مواقف وطنية مشهودة،ومهما يكن حاله فإن تغييره هو شأن يخص الشعب العراقي دون سواه،ولا يجوز لأمريكا أو لأي قوة خارجية أن تفرض إرادتها،وكنا وما زلنا ننتقد وإلى حد الإدانة والاتهام الصريح لمن قبلوا أن يأتوا إلى العراق من المعارضين السابقين على ظهر الدبابة الأمريكية،رغم كل ما ساقوه من أحاديث عن جرائم البعث وصدام،واعترافهم بأنهم لن يزيحوه ولو قاتلوا مئة عام،وكانت إدانتهم أبشع حين أقروا بأن الجيوش الغربية ستدخل بلدهم شاءوا أم أبوا، ولم يختاروا الموقف الشرعي الصحيح والوطني المخلص،بأن بأن يكون موقفهم هو الرفض للاحتلال جملة وتفصيلا حتى لو كانوا لا يقدرون على منعه،خاصة بأن بعضا منهم لطالما وصفوا صدام بأنه عميل للغرب وإسرائيل،وأنه صنيعة صهيونية بامتياز،ومازالوا على هذا الرأي،وكان الرد التلقائي عليهم وما زال،حسنا،هو كما ذكرتم،فماذا عنكم؟وماذا صنعتم لبلدكم؟وما تفسيركم لعلاقتكم بمن يحتل وينهب ويقسم عراقكم؟وأثار احتلال العراق وما تلاه من عودته إلى عهد ما قبل الدولة من تفتت طائفي وجغرافي غصة في قلوب كل المخلصين،وكان المثقف الوطني الملتزم بمصالح أمته هو الأكثر حزنا وغضبا،وأصيب بالعقدة العراقية التي باتت تتحكم في نظرته ورؤيته إلى ما يجري حاليا،وهذا ولو كان مبررا فإنه داء يحتاج إلى علاج سريع! فرغم ما ينشر عن علاقات أمنية بين حكام البحرين والكيان العبري،فإن الرأي السائد،هو عدم دعم ثورة البحرين،والسبب هو العقدة العراقية،وكان الرأي الأكثر اتزانا في أوساط المثقفين والباحثين من مسألة البحرين هو رأي محمد بن المختار الشنقيطي ،أما البقية فمن دافع الخوف من مصير العراق،وتوجسا من إيران فضّلوا اعتبار البحرين حالة استثنائية. وقد يكون التوجس من إيران له ما يبرره،بسبب الموقف في العراق،ولكن المثقف أو صاحب التأثير حين يسقط في الطائفية المقيتة،فلا عتب على العوام،وعلى من يتهيجون ويطلقون الأحكام السريعة والجاهزة. وليعذرني د.سلمان إذا قلت بأن بعضا من أفكاره الواردة في مقالته جاءت متأثرة بالفرز «الحداش سبتمبري» أو بالعقدة العراقية،وهذا لا يعيبه إطلاقا،لأننا جميعا تأثرنا بهذا ولو بدرجات متفاوتة،ومجرد انشغالنا بمناقشة نتائج وملابسات هذه الأحداث هو نوع من التأثر....(يتبع الجزء الثالث) ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، الأحد 14 من جمادى الأولى /1432هــ، 17/4/2011م من قلم:سري سمور(أبو نصر الدين)-جنين-فلسطين-أم الشوف-حيفا

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل