المحتوى الرئيسى

د . أحمد خلفة يكتب : الثورة و مرتضى شهبور

04/17 20:40

ألا تبا لك أيتها الثورة اللعينة و تبا لكم يا من تدعون أنكم ثوار ...فوضى في الشوارع و تعطيل للمرور وانعدام للأمن و توقف في المصالح الحكومية و تعطل العمال و قطع أرزاقهم التي يتحصلون عليها يوما بيوم .. ماذا كان علينا بكل هذا .. ما كنا عايشين كويس وفي أمان و في استقرار  ... كنا نأكل من ري المجاري- المجاري التي تعف الحيوانات عن أكلها - ما المشكلة في ذلك ؟!! عملية ريسيكلنج " إعادة تدوير " كنا قد  تعودنا الامتهان .. في كل بقاع الأرض أصبحنا الأدنى .. ينادينا العرب في بلادهم ساخرين ( يا مصري ).. و كأنها أصبحت سبة.. يسألوننا وهم يضحكون ( ما هي آخر مرة أكلت فيها لحم يا مصري ؟!) ما المشكلة في ذلك ؟ فلنترفع عن تلك الصغائر المهم انه كان فيه استقرار .. تزور إرادتنا وتغتصب أصواتنا في الانتخابات ونسكت كالشياطين الخرس.. ما المشكلة في ذلك ؟! .. هم بالتأكيد يعرفون مصلحتنا أكثر منا ... فنحن مراهقين سياسيا لم ننضج بعد , لا نجيد الاختيار و الحكم على الأشياء  ..كنا على وشك أن نورث  كالنعاج ..  و ماذا يضيرنا أن نكون كالنعاج ؟!!  .. أليس طعامها و شرابها دائم لا ينقطع ؟ ... هل سمعت عن نعجة ماتت من الجوع ؟!! أبدا .. لكن هناك بشرا يموتون من الجوع .. لا نريد إن نكون مثلهم و نسلك مسلكهم عندما خرجوا من الحظيرة و ثاروا على أسوارها و فقدوا الاستقرار...كنا  نبكي و نلطم ونعول و نحثو التراب على رءوسنا كل يوم بل كل ساعة عندما نمتهن على يد جبروت الفساد و البيروقراطية القذرة و الوساطة و المحسوبية في المصالح الحكومية ؟.. وما العلة في ذلك ؟! .. كانت العشرين جنيه بتمشي الأحوال .. مجرد سلبيات بسيطة  و كان الحال ماشي مش واقف زي دلوقتي و كان فيه استقرار  ..كنا نضرب ونموت في طوابير العيش و أنابيب البوتاجاز و مياه الشرب ... بسيطة بس كان فيه استقرار.. كنا نصرخ و نردح كل يوم على ثرواتنا التي تنهب.. على مليارات  القطاع العام التي تقدم هدايا للمستثمرين .. على العمال الذين يفترشون الأرصفة يصرخون من الظلم .. على أرضنا التي تسرق.. نولول على الغاز الطبيعي الذي نقدمه مدعما لإسرائيل ..كان لدينا  تعليم قذر , أنتج طلابا وصلوا إلى  الصف الثاني و الثالث الإعدادي و ما بيفوكوش الخط .. و   كثيرون من حملة الشهادات  العليا  , أطباء و مهندسون و محامون و معلمون و محاسبون جهلة ينسون الفوط في بطون المرضى و يتهم احدهم الآخر إمام المرضى بأنه دكتور حمار و مهندس يبني عمارة تنهار بعد بضع سنوات و معلم جاهل و عنيف و جشع و محاسب لا يجيد المحاسبة  و محامي قرصه الجوع فقرص العدالة و انتهك الحقوق - و لا  ابرأ نفسي من كل ذلك -  لكن ما العيب في ذلك التعليم ... إحمد ربنا يا أخي انك أتعلمت ببلاش و باستقرار  ..كنا  نبكي من الغلاء و الاحتكار و الاحتقار لكن كنا عايشين  و فيه استقرار  .. كان  شبابنا يموتون  في رحلات الهلاك البحرية ؟!  كنا  نتسول من النظام أن نعالج علاج لا نطمح أن يكون واحد على مئة من علاج وزراءه و خدمه و حشمه المليارديرات على نفقة الشعب الفقير المطحون .. بس كنا عايشين و فيه استقرار.. تم تسليمنا تسليم أهالي إلى  فيروس سي و الفشل الكلوي و التليف الذي نهش أكبادنا  ؟!! .. ايه المشكلة ما إحنا كتير  ( 85 مليون يابا ) ..كنا نتفرج و نشاهد و نمصمص الشفاه و مياه النيل تتناقص تدريجيا حتى تختفي تماما و بعدها ينهش كل واحد مننا في جسد أخيه ليشرب قطرات من دمه تروي عطشه .. لكن الفيلم ده مش ها يحصل قبل عشرة خمستاشر سنه .. يبقى ساعتها يحلها حلال .. وأدينا كنا عايشين في استقرار ..كان  الأغنياء يزدادون غنا و منتجعات و شواطئ و ملاعب جولف و الشعب يعيش في العشوائيات و المقابر لكنه كان يعيش في استقرار   ..كنا  أضحوكة بين العالم .. ندعي أننا مسلمون ثم نغلق الزنزانة على أخينا المسلم و نتركه للوحش الصهيوني يذبحه وهو يصرخ ويصرخ ثم نبني بيننا و بينه جدار فولاذي حتى لا نسمع صوت صراخه و هو يموت ثم ندعي بعدها أننا مسلمون.... لكن كنا عايشين ...كانت الشرطة بتشتغل  خصوصي عند النظام تثبت دعائمه و تسحق معارضيه .. أما القانون و الحق و الإحكام القضائية فتروح أنت يابا الحج  تنفذها بنفسك .. أنت مش اخدت حكم نهائي من المحكمة باسترداد شقتك من اللي قاعد فيها و راكب عليها بالعافية  .. خلاص خد بلطجيه و هاته من شعر اللي خلفوه و طلع من الشقة ... لكن إحنا هنا قاعدين في القسم بس .... بنحفظ الاستقرار ... هذه  هي العيشة الحلوة و الأيام الجميلة التي تحسر عليها الأخ مرتضى شهبور في احد حلقات التوك شو منذ أيام ..  هذه الأيام التي للأسف تريد الثورة إن تنهيها و هذه هي مصر بتاعة زمان و هذا هو العصر الذي يستدر الأخ شهبور و رئيسه عطفنا لنتمنى عودته و نعض أصابعنا من الندم عليه ...لكن إذا كان رئيسه يريدنا إن نندم على أيامه الجميلة فهذا مبرر وله عذره لأنه كان و لا يزال يؤمن  أن مصر هي هبته شخصيا  و ليست هبة النيل وإنها أصبحت جزء من أعضاء جسده  .. فإذا ما  قال له  بعض الفوضوين كفى و ارحل .. فيجب ان تتداعى له مصر كلها بالسهر و الحمى ... أليست جزءا من جسده ؟!!! لكن لماذا يتشبث السيد مرتضى شهبور بهذا العصر و يتمنى إن نعود إليه  و يطعن في الثورة و يقول عنها أنها مجرد انتفاضة – و لا أعرف هل هناك انتفاضات يخرج فيها ما لا يقل عن 15 مليون إلى الشوارع ثائرين  و لأنهم أبناء شعب ذو حضارة عريقة كانوا حريصين على بناء دولتهم و أجهزتها فلم يحرقوا مبنى التليفزيون أو يحاولوا اقتحامه و لو كانوا همجا  لاستطاعوا بكثافتهم العددية الرهيبة إن يقتحموه و لن يستطع احد إن يصدهم ..لم يحرقوا وزارة أو  محافظة اللهم إلا من بعض المندسين الذين فعلوها في  بعض المدن ...  ...لماذا يطعن الأخ شهبور في بعض من كان لهم دور مشرف – و الذي يأتي في مرتبة بعد الشعب العظيم -  يطعن في  قيمة عظيمة مثل الدكتور محمد البرادعي أو الشيخ القرضاوي أو شباب حر مثل وائل غنيم و شادي حرب ؟!!!لماذا يفعل ذلك الأخ مرتضى بشكل يجعل العين تخطئ بينه و بين خالتي فرنسا التي تستدعى في الانتخابات لتردح و تشرشح المعارضين ؟ الإجابة هي انه لولا هذه الحالة المتردية التي كانت تعيشها مصر لما سمعت إنا و أنت عن هذا الشهبور ... لو لم توجد تلك البيئة العفنة  لما تكسب شهبور و أصبح مليونيرا .. لو لم يوجد رجال أعمل محتكرين و سراق  يبتزهم الأخ شهبور و يمسك عليهم ملفات و يغمز و يلمز بها في كل مكان لما اطعموه سواء من تحت الترابيزه أو من خلال  توكيله في قضاياهم ... و كذلك الحال مع المسئولين الكبار و الصغار الفاسدين و المرتشين و نهاب المال العام  اللي ركبوه  العربية الجاجوار  ...لو ما كانت البيئة جاهزة بثقافة تردت بفعل تعليم متخلف فأعطت أهمية و متابعة  لصولاته و جولاته و معاركه السفيهة على رئاسة النادي الفلاني – و كأن كرة القدم مع احترامنا الشديد لها هي التي ستنقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة -  لما كان احد يتابع الشهبور و هو يصارع بالبلطجية على رئاسة نادي ... و لا كانت تابعته و هو يشتبك مع لاعب مذيع أو مذيع لاعب.. و لا كانت تابعته و هو يدخل انتخابات مجلس شعب هو يعلم قبل غيره أنها مزورة حتما....لولا كل هذه الصولات الوهمية لما استضافته الفضائيات و لا تكلمت عنه الصحف و الإذاعات ليبرز و يلمع و يصبح نجما  وهي  التي كانت تبرز كل ما هو تافه لتصرف الأعين عن كل ما تغرق فيه مصر من مصائب ...يدين السيد مرتضى لهذا العصر بالثروة و الشهرة التي لولاها لكان مثله مثل ابن خالتي  المحامي الغلبان اللي بيدور على وصل أمانة بألف و متين جنيه يعمل بيه قضية و يطلع منه بقرشين يدفع منه إيجار الغرفة المتواضعة اللي عاملها مكتب لكن بالحلال.نعم يصاحب الثورات بعض المعاناة و الفوضى كنتاج طبيعي و ميراث حتمي لعهد غابت فيه سيادة القانون و سحقت فيه العدالة..و لكن الشعب الذي مر في تاريخه بمحن و دفع إثمانا باهظة بدون مقابل يستحق , مستعد لأن يدفع ثمنا هذه المرة ليشتري أغلى شيء ...ليشتري  دولة مصر العظمى ....

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل