المحتوى الرئيسى

شبهات حول الإخوان المسلمين

04/17 18:36

بقلم: د. محمد صبحي رضوان   أولاً: الإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى: أعلن الإخوان، باستمرار، قبولهم وترحيبهم بالاختلاف المحمود في الرأي، وأعلنوا أن الإجماع على أمر فرعي من أمور الدين مطلبٌ مستحيلٌ، ولذلك فهم يجيزون الخلاف، ويكرهون التعصُّب للرأي، ويحاولون الوصول إلى الحق، ويحملون الناس على ذلك بألطف وسائل اللين والحب.   ولذلك فهم يرحِّبون بالتعددية في الحقل الإسلامي، ويعتمدون قاعدةً للتعامل مع الفصائل الإسلامية المختلفة، وهي: "الحب والإخاء والعمل والولاء"، وأيضًا قاعدة: "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه".   ولا توجد وسيلة لقياس قوة التيارات الإسلامية الأخرى، وهي تتعرض لمد وجزر، ونحن نريد لكل التيارات الإسلامية القوة والانتشار في إطار الحب والأخوَّة والاتفاق على الأهداف والغايات العليا، فالمهم هو انتشار الفكرة الإسلامية الوسطية المعتدلة، ولذلك يعمل الإخوان جهدهم على ترشيد الصحوة الإسلامية وإقناع التيارات الإسلامية بأهمية الاعتدال والبعد عن الغلوِّ والتشدُّد ونبذ العنف والأعمال المسلحة وترك الصدام.   ثانيًا: الإخوان والشباب: يعتبر الشباب هم جسد حركة الإخوان، ويمثلون نسبةً لا بأس بها من عضويتها، وهم لا ينازعون الشيوخ؛ لأن الجميع يعتقد أن المسئولية تكليف وعبء وليست تشريفًا ووجاهةً.   ولا يوجد لدى الإخوان سنٌّ للتقاعد عن العمل والنشاط، فالسابقون المجاهدون الذين ضحَّوا بزهرة العمر من أجل نشر الدعوة ورفع لواء الإسلام وجاهدوا من أجل مصالح المستضعفين في سبيل الله، طالما كانت هناك بقية من صحة أو جهد ووقت، يستمرون في العمل والعطاء والخبرة، وكان لشباب الإخوان دور واضح ومؤثر في ثورة 25 يناير المباركة؛ فقد أوقدوا مع غيرهم من شباب مصر شرارتها الأولى، وقد أجمع المنصفون على أنه لولا وقفتهم القوية في صدِّ البلطجية في موقعة الجمل لتغيرت أمور كثيرة.   وقد وضعت جماعة الإخوان في أولوياتها في التخطيط شريحة الشباب.   ثالثًا: عدم الاهتمام بالعقيدة والتوحيد: يقول البعض إن دخول الجماهير في الإخوان يكون بدون تصحيح عقيدة، وهذا شيء عجيب!! لأن الجماهير أصلاً مسلمة، ولكن تحتاج إلى تفعيل العقيدة، وإشعال روح الإيمان في النفوس، وكان صلى الله علية وسلم يقبل من المشركين "لا إله إلا الله" حين يدخلون في الإسلام، ثم يفعلون بعد ذلك عقديًّا وإيمانيًّا، ويعلمون العقيدة الصحيحة.   عن المقداد بن الأسود أنه قال: يا رسول الله، أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فضرب إحدى يديَّ بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة وقال: أسلمت لله، أفأقتله يا رسول الله! بعد أن قالها؟ قال رسول الله: "لا تقتله" قال: فقلت: يا رسول الله، إنه قد قطع يدي، ثم قال ذلك بعد أن قطعها، أفأقتله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها"، قيل المعنى: إن لا إله إلا الله عصمت دمه، فإن قتلته فقد قتلت مؤمنًا مثلك.   وعن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلاً، فقال: لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع من نفسي من ذلك، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله: أقال "لا إله إلا الله وقتلته؟"، قال: قلت: يا رسول الله! إنما قالها خوفًا من السلاح، قال: "أفلا شققت عن قلبه حتى لتعلم هل قالها صدقًا؟!" فما زال يكررها حتى تمنَّيت أني أسلمت يومئذٍ، وفي رواية، قال (صلى الله عليه وسلم) لأسامة: "فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟" قال يا رسول الله استغفر لي، قال: "كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟" قال: فجعل لا يزيد على أن يقول: "كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟".   رابعًا: ظلم الأقباط وحرمانهم من حقوق المواطنة حال وصول الإخوان إلى السلطة: إذا نظرنا إلى تاريخ جماعة الإخوان فلن نجد أي أساس لهذه المشاعر المتوجسة والخائفة في نفوس وقلوب الأقباط، فمنذ نشأة الجماعة وحتى وقتنا هذا والإخوان والأقباط كانت الحياة تسير بينهم طبيعيةً، بل كان كثير من أعضاء اللجنة السياسية التي كوَّنها الإمام البنا من الأقباط، وليس ذلك فحسب، بل كان مندوبه في انتخابات عام 1945م في لجنة سانت كاترين هو الخواجة خريستو، أحد المسيحيين، فضلاً عن التعاون بين الإمام البنا والإخوان من جهة، والأقباط من جهة أخرى، في وأد كثير من الفتن الطائفية التي اندلعت، مثل حادث الزاوية الحمراء، والتي استطاع الأستاذ التلمساني وقت أن كان مرشدًا أن يقضيَ على هذه الفتنة وغيرها من أوجه التعاون التي يشهد عليها التاريخ بين الإخوان والأقباط.   لقد نشأت جماعة الإخوان المسلمين في وجود المحتل الأجنبي؛ الذي نشر بذور الفُرقة بين أبناء المجتمع وكل طوائفه، وكانت الجماعة تهدف إلى توحيد الجهود في وجه المحتل، وساروا على منهجٍ لا يفرّق بين طوائف الوطن الواحد في المعاملات، طالما التزم الجميع بالقيم والمبادئ والأسس العامة التي تحقق الخير العام، وهذا ما تؤكده الخبرة التاريخية؛ حيث عاش الأقباط في ظل الحضارة الإسلامية أزهى فترات تاريخهم، وكان بعض المسيحيين يدفعون اشتراكاتٍ ثابتةً لشُعب الإخوان؛ تعبيرًا عن تأييدهم لكل ما ينادون به.   لقد تعامل الإخوان مع الأقباط من منطلق عقائدي؛ فقد حثَّ الله المسلمين على حسن معاشرتهم، فقال تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82)﴾ (المائدة)، وهذا هو المفهوم العام والذي يتربَّى عليه الإخوان وهو موجودٌ في مختلف أدبياتهم.   لقد اعتبر الإخوان أن الأقباط لهم كل حقوق المواطنة؛ حيث إنهم جزءٌ من نسيج الوطن، وطبقًا للقاعدة الشرعية "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" فهم شركاء في هذا الوطن؛ ولذلك جاءت علاقة الإخوان بالأقباط عمومًا علاقةً طيبةً كبقية فئات المجتمع، ولم يعكرْها إلا تدخل بعض المغرضين الذين يكرهون الخير للبلاد، أو متعصبون ضد كل ما هو إسلامي؛ يحكمهم في ذلك الهوى والحقد الشخصي.   أكد الإخوان المسلمون في نص برنامجهم الانتخابي لمجلس الشورى 2007م أن موقفهم من الإخوة الأقباط موقف مبدئيّ ثابتٌ مفروضٌ على المسلمين بموجب إسلامهم وإيمانهم، مؤكد بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، قولية وعملية، وهذا الموقف يتلخص في النقاط التالية: 1- هم جزءٌ من نسيج المجتمعِ المصري. 2- شركاء الوطن والمصير. 3- هم متساوون مع إخوانهم المسلمين في كل الحقوق والواجبات، وفي تولي الوظائف العامة على أساس الكفاءة والتخصص. 4- حرية الاعتقاد والعبادة محترمة للجميع، والتعاون في كل ما يخدم الوطن ويحقق الخير لكل المواطنين أمرٌ لازمٌ. 5- تأكيد الوحدة الوطنية، وعدم السماح لأي نشاط يؤدي إلى إثارة مشاعر التفرقة الدينية أو التعصب الطائفي. 6- الحرص على روح الأخوَّة المصرية التي أظلت أبناء مصر على مر القرون، مسلمين وأقباطًا، وإشاعة الأصول الداعية إلى المحبة والمودة بينهم؛ لتمكين الأمة من العمل المتكامل لبناء مستقبلها وحماية لها من ويلات التعصب الطائفي المقيت، وعدم السماح لأية محاولات تؤدي إلى إثارة مشاعر التفرقة، أو التعصب الطائفي بين المصريين. 7- اعتماد الحوار الناضج والصريح منهجًا ووسيلةً للتقارب وللتواصل المستمر والدائم دعمًا بالاستقرار الاجتماعي واحتواءً لأية أزمات أو عوارض حياة. - كما أكد الإخوان المسلمون في مسودة برنامج حزبهم الآن في 2011م ما يلي:   الكنيسة المصرية ركيزة اجتماعية - تُعدُّ الكنيسة المصريَّة- بمختلف طوائفها- إحدى مكوِّنات المجتمع المصري، وقد لعبت عبر تاريخها الطَّويل دورًا مهمًّا في خدمة القضايا الوطنيَّة المصريَّة، وجاء الفتح الإسلامي فساعد الكنيسة القبطيَّة المصريَّة على القيام بدورها الرُّوحي للأقباط في مصر والشرق.   ومن هنا فإن للكنيسة المصريَّة دورًا يجب أن تتمسك به وتُمارسه بكل فاعليَّة لتكون كما كانت دائمًا عونًا لجهودِ أبناء الوطن المصري الكبير بمختلف شرائحه؛ للوصول إلى غاية الإصلاح والتَّغيير المنشودَيْن.   - إحدى خصائص الدولة عند الإخوان أنها دولة تقوم على مبدأ المواطنة.. مصر دولة لكل المواطنين الذين يتمتعون بجنسيتها وجميع المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية، يكفلها القانون وفق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص.   ويجب أن تعزز النصوص القانونية معاملة كل المواطنين على قدم المساواة دون تمييز، وعلى الدولة والمجتمع العمل على ضمان قيام الأوضاع الاجتماعية اللازمة لتحقيق ذلك، وأن يمكَّن الأفراد من المشاركة بفاعلية في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم، وخاصةً في القرارات السياسية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل