المحتوى الرئيسى

دسترة الأمازيغية وتعدد الهوية المغربية

04/17 14:49

عبدالله عباسي مرة أخرى، يؤكد الملك محمد السادس مدى قدرته على التقاط الإشارات وسماع كل الأصوات المجتمعية المغربية، حيث أكد من خلال الخطاب التاريخي الذي أعلن فيه عن عزمه مراجعة الدستور والشروع في العمل بدستور مملكة محمد السادس بعد 12 عاماً من العمل في ظل عهده بدستور عام 1996، على أن الأمازيغية ستكون رافداً أساسياً من روافد الهوية المغربية التي تتسم بطابع التعدد الذي يمنحنا مجتمعاً غنياً ومتنوعاً. ويأتي الاهتمام بهذه المسألة التي كانت أحد أهم مطالب الحركة الديمقراطية الأمازيغية من خلال حرص العاهل المغربي على أن تكون في مقدمة الأولويات التي تم الإعلان عنها في الخطاب، حيث احتلت المسألة الأمازيغية مقدمة النقط التي تم طرحها وذلك عندما ورد بالحرف، في أولى النقاط السبع التي ستشكل مرتكزاً أساسياً لعمل اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور ما يلي: "تكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة". والأكيد أن الطابع التعددي، وإن كان يخصّ بالذكر المكون الأمازيغي لم يغفل أيضاً وجود المكون اليهودي الذي يتمتع بكل حقوق المواطنة المغربية في ظل النظام الملكي الذي يحرص على أن يتمتع هؤلاء بكل حقوقهم، وهو ما يبدو من خلال حرص الملك محمد السادس على أن يكون من بين أعضاء اللجنة مواطن مغربي يهودي في شخص ألبير ساسون، العميد السابق لكلية العلوم في الرباط، وعضو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سابقاً، ونائب رئيس لجنة الطائفة اليهودية بالرباط سابقا، ما سيمكن من تنوع مكونات اللجنة التي تضم أيضاً عدداً من الأعضاء الذين يمثلون كل مكونات الهوية المغربية بحكم أن عدداً منهم أيضاً من أصول أمازيغية دون إغفال المكونات الأخرى. والأكيد أن التنصيص على دسترة الأمازيغية من خلال خطاب 09-03-2011، واعتبارها رصيداً لكل المغاربة، موقف يأتي متساوقاً ومكملا لخطاب أجدير ليوم 17 أكتوبر 2001، الذي أعلن من خلاله العاهل المغربي عن تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. كما أن القرار يصبّ في صلب أحد أهم مطالب الحركة الأمازيغية، التي كانت دائماً تطالب بجعل الأمازيغية أحد أهم مكونات الهوية المغربية، والتنصيص على ذلك دستورياً، حيث قامت حروب ومعارك بين أنصار هذا الطرح والفئة التي تتبنى الطابع العروبي، وتحاول نزع الهوية الأمازيغية عن المغرب، بل وكثيراً ما كان يعتبر هذا المطلب من طرف البعض بمثابة الخيال، والمحال الذي لا يمكن تحقيقه في يوم من الأيام وذلك في محاولة لنزع الطابع المتعدد عن بلدنا الذي يسع الجميع، حيث عمل الملك دائماً على الاهتمام بهذا الموضوع في انتظار اللحظة المناسبة لطرحه، وهو ما تأتي من خلال خطاب 9 مارس 2011، ليتم وضع حد لكل التكهنات والخلافات التي كانت متأججة حول هذا الموضوع. فالملك عندما يقول إن الطابع التعددي للمغرب غني بتنوع روافده، ويدخل في صلب ذلك الأمازيغية، يوجه رسائل لكل من لايزال لديه ذرة شك في هذا الأمر، خاصة أن المأمول هو أن يفتح هذا التنصيص الدستوري للأمازيغية الباب من أجل التعاطي معها بكل جدية من طرف بعض الجهات التي لازالت تتعامل مع هذه المسألة بطريقة كاريكاتيرية، حيث لا تحظى بالمكانة اللائقة بها سواء داخل المدارس التي تم تخصيص حصص لتدريس اللغة الأمازيغية بها، حيث يتم التعامل مع هذه اللغة كحصص اختيارية أو فائضة عن الحاجة وفي بعض الأحيان يتم اتخاذها كحصص من أجل ممارسة التهريج أو الاستراحة من عناء تدريس المواد الأخرى، وبالتالي فعندما سيتم إعادة الاعتبار لهذه اللغة عن طريق الدستور سيكون هناك نوع من التعاطي الجدي معها، كما أنها سيتم منحها حقها اللازم في الإعلام بما يضمن تطوير الإذاعات الأمازيغية وعدم اقتصارها على بث الأغاني شأنها في ذلك شأن القناة التلفزيونية الأمازيغية التي لازالت في طور البحث عن الذات. أخيراً، أعتقد أن التنصيص على دسترة الأمازيغية سيغلق أفواه الكثير من الذين يحبون الصيد في المياه العكرة والإساءة إلى المغرب عن طريق هذا الملف، حيث يحاول بعض الناشطين المتطرفين داخل الحركة الأمازيغية استغلال هذا الموضوع للنيل من المغرب ومن تعدده الثقافي واللغوي بل وفي بعض الأحيان إظهار جزء من المغاربة كدخلاء عن هذا الجزء من العالم رغم أن المغرب يسعنا جميعاً، وبالتالي فإن الدسترة هي بمثابة ضربة معلم تحقق جملة من الأهداف وفي نفس الوقت.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل