المحتوى الرئيسى

دولة القانون ودولة الظلم

04/17 08:02

الخروج من دولة «الظلمات» ينبغى ألا يقودنا إلى دولة «اللا قانون»، فالدولتان تضيع فيهما الحقوق، وإذا كانت الأهواء والأطماع والتحايل هى أدوات النظام السابق، فهدمها ليس «انتقاما من الظالمين»، وإنما لإقامة «العدل» حتى لا يظلم أحد بمن فى ذلك مَن ظلموا وبطشوا وتجبروا. فإن سألتنى عن القابعين فى سجن مزرعة طرة، سأقول لك إن بعضهم تجبَّر وطغى، وبعضهم سرق ونهب، لكن هذا رأى شخصى يساوى «صفر» فى ساحة المحكمة، بل سأذهب أبعد من ذلك حين أخبرك بأننى لا أرتاح للطريقة التى يُحاسب بها هؤلاء الناس لأنها طريقة «معدة» وليست إلا «رد فعل» لـ«لافتات التحرير» وأقرب ما تكون لقرارات حكومة الدكتور عصام شرف التى كلما رأت «لافتة» أو شعاراً جرت خلفه حتى باتت حكومة القرارات الخاطئة لأنها «مطاردة» بشبح المظاهرات. شخصيا، لا أرى فى جهاز «الكسب غير المشروع» سوى أنه جهاز تابع لوزير العدل، ومحققه «تندبهم» الوزارة، ويقدم لهم «ذهب المعز وسيفه»، أى أنه جهاز تابع للسلطة التنفيذية، فضلا عن أنه ليس هيئة قضائية مشهوداً لها بالحياد والنزاهة، كما أنه جهاز لم يكن له دور يُذكر فى السابق كالجهاز المركزى للمحاسبات أو هيئة الرقابة الإدارية.. والجهازان يتبعان الحكومة أيضا. لا أريد أن يمتلئ السجن برموز وأزلام وأذيال النظام السابق لا لشىء إلا ليفرغ ميدان التحرير، لا أريد أن أقرأ يوميات جمال وعلاء مبارك وزكريا عزمى وفتحى سرور وصفوت الشريف ومن معهم فى سجن «المزرعة» كى «أشفى غليلى» وأُعلى من روح الثأر بين الناس، لا أحب أن يتحول الأمر إلى «تشفٍ» فى مريض كـ«حسنى مبارك»، أو أن تهدأ أو تشتعل جذوة «الانتقام «التى تغلغلت فى الصدور حين نقرأ عن دموع (سوزان مبارك) أو أنها لم تغير ملابسها لثلاثة أيام». ولكى أقول ماذا أريد سأجيب عن سؤال طرحه الفقيه القانونى الدكتور على الغتيت، على عدد متباين من الحاضرين لجلسة «دردشة»، وعلى قدر بساطة السؤال وسهولته كانت أهميته، لكن الإجابات تباينت بشكل يدل على حالة الارتباك التى يمر بها الجميع، و«شخصنة» كل شىء.. فمن له مشكلة خاصة مع رئيسه ولم تحل يرى الثورة فاشلة، ومن شاهد متسلقا يقفز نحو منصة عالية، يرَ الثورة مشوشة، ومن انقطع عمله لعن الثورة، ومن مات قريبه فى مستشفى حكومى رأى الظلم فى النظام السابق. كان سؤال د. الغتيت كرصاصة سريعة شقت جدار الصمت، وأصابت قلب «الثرثرة فى الماضى»: «ماذا تريد من المستقبل؟».. قيل كلام كثير من قبيل إقصاء جميع من عملوا فى «العهد البائد»، خصوصا من عملوا فى مواقع قيادية، وتطهير البلاد من الفساد، لكن أستاذ العلوم السياسية والمحلل الرصين الدكتور مأمون فندى قال إنه يريد بناء نظام ديمقراطى يبدأ من أسفل إلى أعلى. شخصياً، أريد تغيير السياسات قبل الأشخاص.. أريد سياسة جديدة لاختيار المحافظين وعمداء الكليات، وأسلوباً شفافاً ومعلناً عند شغل الوظائف المهمة من النيابة العامة ومجلس الدولة إلى السلك الدبلوماسى، ومع تغيير السياسات يتغير الأشخاص.. أريد دولة «القانون» التى يتساوى فيها الجميع دون استثناء لأحد.. ولهذا لا يليق بدولة تؤسس مستقبلها أن تبدأ بانتهاك القانون، وأن يُكب الناس على وجوههم فى السجون لمجرد أن تخبو ألسنة اللهب فى «التحرير»، فالنيران تشتعل كلما ألقيتَ إليها بالحطب. ووحدها «المحاكمات القضائية» هى التى تضمن تحقيق العدل، والفصل القاطع بين القضاء والسلطتين التنفيذية والتشريعية هو شرط «الحرية» - كما قال مونتسكيو.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل