المحتوى الرئيسى

عن الدعم الأوروبي للديمقراطية المصرية!

04/16 19:23

بقلم: محمد كمال لم تلفت نظرنا الزيارات المتكررة لدول أمريكا وأوروبا لميدان التحرير، واعتبرناها "مجاملات سياسية" واجبة، وفي أفضل الأحوال فهي اعتراف بشرعية الثورة وتقدير للثوار.     كما اعتبرناه عاديًّا أن يتهافت الإعلام العالمي على قيادات ورموز وأحزاب الوطن؛ باعتبار السخونة القصوى للحدث، وباعتبار الأهمية المحورية لمصر، كنَّا مشغولين فلم نعبأ بتفاصيل الهدية الأمريكية لدعم الديمقراطية المصرية بمبلغ 140 مليون دولار!.   غير أنه لم يعد منطقيًّا- الآن- أن نغضَّ الطرف عن العمل السياسي المنهجي الذي بدأت أوروبا تمارسه على أرضنا.   فلقد نشرت (الأهرام) يوم الإثنين 11/4/2011م خبرًا يبشرنا بدعم "ألمانيا" للثورة المصرية، وذكر الخبر: "وللاحتفاظ بقنوات الحوار بين شباب الثوار لرسم مستقبل أفضل لمصر، قررت ألمانيا تكوين ملتقى بمصر! في معهد جوتة بالقاهرة، على أن تتحمل الحكومة الألمانية تكاليف تجهيز هذه القاعة!! التي يمكن لشباب الثوار اللقاء بصورة دورية؛ في محاولة لدعم التحول الديمقراطي في البلاد".   وهكذا فإن الألمان- وليس المصريون- هم الذين يكوِّنون (الملتقى الشبابي)، ويتبرعون بالإنفاق على لقاءاته، وتأكيدًا لهذا الدعم، يستكمل الخبر المدهش الفعالية الألمانية فيقول "وفي هذا الإطار افتتح راينولد فريكنجير، نائب سفير ألمانيا بالقاهرة، القاعة التي شهدت لقاء 16 من النشطاء السياسيين الذين شاركوا في ثورة 25 يناير".   إذًا بعد تجهيز المكان والإنفاق عليه يتم اختيار 16 من شباب الثورة!.   ولصرف أية شبهة قد يسوقها الحدث المثير يستكمل الخبر فيقول: "حيث أكد دعم الحكومة الألمانية الديمقراطية في مصر دون محاولة فرض أي أجندة".   وهكذا يا سادة، بينما ننشغل بأحداث ميدان التحرير, وبالهجوم الليبرالي على الإسلاميين, فإن العالم ينشغل بصياغة مستقبلنا السياسي!، ويأتي الرعاة الأمريكيون والأوروبيون ليتلقَّوا الوليد الجديد على أيديهم، وهو يولد من رحم ثورته، ليكونوا صدره الحنون!!، وليبدأ التعامل المحترف التدريجي مع الرموز الثورية النقية, وفي وقت يمتد المشروع الغربي إلى ديارنا فإن إعلامنا ورموزنا ما زالوا أسرى لأجواء استفتاء 19 مارس، حتى إن البعض ما زال يتحدث عن "مجلس رئاسي" أو يجتهد في أسبقية الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية؟! رغم حسم الاستفتاء لكل هذا, بل إن المثقفين يعيشون معارك دون كيشوتيه إذ لم يقرروا هل يتفضلون ويدمجون السلفيين والجماعات الإسلامية في المجتمع السياسي أم يحرمونهم من الكعكة التي يتصورون أنهم مالكوها؟!، وما زالت القوى السياسية وما زال الكبار لا يستطيعون نقل خبرتهم وعلمهم للشباب ويكتفون بمديحهم, وما زال الشباب يشكل قناعاته يومًا بيوم وساعة بساعة, ولا أحد يوضح أن ثمة فارقًا بين أن يقود الشباب ثورةً ناجحةً وإدارة أمة تحتاج إلى خبرات الشيوخ بنفس احتياجها لانطلاقة الشباب.   لماذا أصبح عسيرًا علينا أن نتحدث بصراحة؟! لماذا لا ننشغل بالعمل الجماعي لإنجاز رؤية الثورة (لشكل الدولة) بالتوازي مع المليونيات المكملة للثورة؟!   إن أخطر ما في خبر (الأهرام) لم أسرده بعد؛ وذلك أن الدبلوماسي الألماني ساق لنا بشراه فقال: "إن ألمانيا تدرس فتح ملتقى مماثل في المنوفية والصعيد؛ لإعطاء فرصة للشباب في منطقتي الدلتا والصعيد للتعبير عن آرائهم، والمشاركة بصورة فعلية في الحياة السياسية في مصر".   ليس المتحدث مسئولاً عن شباب مصر، ولا سياسيًّا مصريًّا من حقه أن (ينظم) و(يفتح فروعًا) لمنظمته و(ينفق) على الأنشطة السياسية، لكنَّ الألمان يعملون بأيديهم ودون وكالة لأحد، ويسرحون ويمرحون دون مراعاة لياقة وجودهم كضيوف، ولا احترام سيادتنا كوطن.   لقد بدأت أمريكا سياسة اختراق المجتمع السياسي والمدني في عهد مبارك, وبدلاً من أن تكفَّ أمريكا عن عبثها بعد الثورة, يأتي الأوروبيون لينافسوها هذا العبث المرفوض.   أتفهم ما قاله حسين عوني، سفير تركيا في القاهرة حين قال: "إنه مطلوب من أوروبا عمل الكثير من أجل مصر في صيغة مشاركة وليس مساعدة، ويجب احترام مصر التي لم تتسوَّل المساعدة ولكنها ترحب بالتضامن", كما نحترم تحية المجلس الأوروبي لشهداء الثورة بوصفهم "الذين خطوا بدمائهم مستقبل مصر المشرق"، ونثمِّن مناشدته؛ حيث "ناشد الشركاء والأصدقاء من جميع دول العالم خاصة الاتحاد الأوروبي مساندة الاقتصاد المصري في عهده الجديد، والنظر في إلغاء ديون مصر، وتقديم مساعدات عاجلة، وتشجيع الاستثمارات" (الأهرام 11/4).   هذا ما نتوقعه في التعامل بين الدول. أما استقطاب المجتمع المدني فأمر ينبغي أن يخضع للقانون المصري والرقابة السياسية، وإذا كان البلد سداحًا مداحًا أيام مبارك فليس متصورًا من مصر "الجديدة" أن تسمح بأي اختراق.   -------- * [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل