المحتوى الرئيسى

الانتفاع.. بترويج الزهد

04/16 10:15

بقلم: كمال رمزي 16 ابريل 2011 10:01:56 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; الانتفاع.. بترويج الزهد أحيانًا، ينتاب المرء خاطر مراوغ، ملتبس، يحس به ولا يدركه تماما، قد يتعلق بموقف أو حكاية أو شخص أو مقولة. وغالبا، فى لحظة تنوير، ينكشف الجزء الخفى من المسألة، ينحل اللغز ويضاء العقل بمعرفة ما كان غامضا.. إزالة تلك المنطقة الغامضة ربما تأتى بالتفكير والتأمل، أو بفضل آخر أعمق تجربة وأوسع حكمة. وحدث هذا معى:لسنوات طويلة، يزعجنى من يقول، بيقين بائس «ما الذى يريده الإنسان. إنه فى النهاية لا يحتاج إلا لحفرة، متر فى متر».. أو «الكفن ليس له جيوب». الكلام يبدو منطقيا، خاصة حين يأتى مغلفا بالزهد وفضيلة الترفع والاستغناء والقبول بأقل القليل، لكن أحس بشىء ما خطأ فى تلك المقولات. ثمة جزء خفى لا أراه، الأمر الذى يترك فى نفسى شيئا شبيها بالصداع أو ارتفاع درجة الحرارة، حالة لا تطرح المرء على الفراش ولكن لا تجعله سليما تماما، إنه بين بين، أو عليل نفسيا على الأقل.. والحمد لله، جاءنى الشفاء، عن طريق كاتبين من الثقافة، حفرا اسميهما بحروف من نور، فى عالم الأدب والثقافة، هما مكسيم جوركى، وأستاذه، بل أستاذ الأجيال المتوالية، من كتاب القصة القصيرة، أنطون تشيكوف.جوركى «1868 ــ 1936»، القادم من قاع روسيا والمعبر عن أشواق شعبها، قبل وبعد ثورتها الكبرى، كتب الرواية والمسرحية والشعر، فضلا عن مقالات رفيعة المستوى، ومنها تلك التى يلتمس فيها جوانب من الشخصيات التى تعلّم على يديها، واتسعت آفاق رؤيته بأفكارها، وفى مقدمتهم تشيكوف «1860 ــ 1904»، معلمه الأثير، وصديقه الوفى. وإذا كانت مقالات جوركى عن تشيكوف تعد من النماذج المتميزة فى الفهم والتحليل، فإن مقاله عن ذكرياته الأخيرة مع أستاذه وصديقه، تكسب قيمة خاصة، عند الآخرين، وأنا منهم، لأنها كانت سببا فى شفائى من إعياء الحيرة، تجاه ما يقال عن عدم احتياج الإنسان إلا لمدفن «متر فى متر».على فراش المرض، تمدد تشيكوف، وحوله عدد من الزوار، من بينهم اقطاعى لا يكاد يتوقف عن الكلام.. بدا الاقطاعى ورعا مخلصا للقيصر والكنيسة، يتحدث بطلاء من الحكمة، كما لو أنه يحتكر الحقيقة، وأخذ يتحدث عما يحتاجه الإنسان، وقال فيما قاله، عبارات من نوع «الكفن ليس له جيوب»، وحينها، تململ تشيكوف، فرفعوا رأسه وكتفيه كى يسند ظهره إلى وسادة السرير، وبصوته الخفيض، المتقطع بفعل الوهن، قال: لا.. لا.. إنك لا تتحدث عن الإنسان، ولكن تتكلم عن «الجثة»، فالجثة فقط هى التى لا تحتاج إلا لمدفن صغير، ولا تحتاج إلا لكفن بلا جيوب.. أما الإنسان الحى، فإذا كان فقيرا من حقه أن يغدو ميسورا، وإذا كان مريضا فمن حقه أن يحلم بالشفاء، وإذا كان سجينا فمن حقه أن يتمنى الحرية.. علينا ألا نغلق أبواب الأمل بمثل تلك الترهات.. وطبعا، أدرك جوركى أن الإقطاعى من مصلحته ترويج تلك الأفكار البائسة، كى يعيش البشر، كما لو أنهم.. موتى. 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل