المحتوى الرئيسى

التعامل الإعلامى مع الثورة السورية.. انتهازية ومصالح

04/16 08:16

عندما قامت ثورة «25 يناير» فى مصر، هللت إيران واستبشرت خيراً بتغيير النظام، واعتبرت هذا الحدث تاريخياً فى حياة الشعب المصرى، غير أن هذا الموقف الذى يستشعر منه الفرد أنه مؤازرة وتأييد من دولة حديثة جاءت بثورة، إلى دولة ستبدأ عهداً جديداً أيضاً بفضل الثورة، لتخرج من ظلمة حكم مستبد استمر لسنوات، سرعان ما تغيرت ملامحه فى التعامل مع الثورة فى سوريا على الرغم من تشابه الأسباب والأهداف، حينما اعتبرت إيران أن ما يحدث فى سوريا شىء شرير ومن عمل الأمريكيين والصهاينة، وأنه يأتى فى إطار مؤامرة غربية لزعزعة حكومة تؤيد المقاومة، وهو ما يناقض موقفها من الثورات التى حدثت فى مناطق أخرى من العالم العربى التى أشادت بها إيران باعتبارها صحوة إسلامية للشعوب ضد طغاة يدعمهم الغرب. ومن يعرف طبيعة العلاقة السورية - الإيرانية تذهب عنه الدهشة، فسوريا هى أقرب حليف عربى لإيران، ولهما مصالح مشتركة تتحكم بالعلاقة مهما انحرف مسارها فى مرحلة من المراحل الاستراتيجية، وهو الأمر نفسه الذى ينطبق على طبيعة العلاقة المعقدة بين سوريا ولبنان، خاصة بعد التوترات التى أعقبت حادث اغتيال رفيق الحريرى، رئيس الوزراء اللبنانى، فانقسم الوطن إلى شقين المؤيد للنظام السورى والمناهض له، وكان من الطبيعى أن يتناول الإعلام المؤيد لسوريا فى لبنان مثل تليفزيونات «الجديد والمنار» التابعتين لحزب الله، والـ«إن.بى.إن» التابعة لحركة «أمل» مناقب النظام السورى وأن تكون بوقا للإعلام الرسمى السورى، وتعتمد الأخبار التى خرجت بها وكالة ناسا السورية، مبررة ذلك بأن تغطية الأحداث ومجريات الأمور فى سوريا لا ترقى لثورة شعبية مماثلة لما حصل فى باقى الدول العربية، بل هى محاولات تستهدف النظام،  وإذا كان الأمر كذلك فلماذا كانت التغطية رائدة فى متابعة الثورة الليبية وكانت قد اعتمدت بثاً مباشراً وفتحت هواءها للجماهير والثوار فيما أغلقت كل النوافذ التى تطل على الثوار فى دمشق؟! والأمر الأكثر استغرابا كان فى حالة الرضوخ الواضحة لوسائل إعلام الأكثرية الجديدة للضغوطات السورية التى مورست عليها، وهناك من فسر هذا الرضوخ بسبب العلاقة الوثيقة للقائمين على هذا الإعلام بالنظام السورى أو حلفاء هذا النظام فى لبنان، وأرجعوا عدم استثمار وسائل إعلام قوى «14 آذار» والمحسوبين على تيار المستقبل وبعض القوى المعارضة للوجود السورى فى لبنان لما يجرى من أحداث فيها بأن وسائل الإعلام هذه تريد حفظ خط العودة، خاصة وأن لا توجد مؤشرات توحى بسقوط النظام فى سوريا، ولأن السياسة اللبنانية أبعد ما تكون عن مسلمات لا رجوع عنها، فلماذا إذن يسلمون أنفسهم ككبش فداء فيما يمكنهم مزاولة المهنة بحيادية وحرفية عالية؟ لقد ارتكز النظام السورى فى مبرراته لما يحدث بعبث الأيادى الخارجية فى مقدرات الشعب، تماما كما فعلت معظم الأنظمة العربية التى ثارت عليها شعوبها، وتناسوا أن سبب هذه الثورات جاء من رحم القمع والفساد والديكتاتورية التى حكموا بها شعوبهم طوال هذه السنوات، فما حدث فى سوريا هو ثورة حقيقية لشعب جائع للديمقراطية والحرية، شعب يعيش فى مرحلة تاريخية تعدتها كل شعوب العالم من عشرات السنين، وقد أكدت هذا المعنى المتحدثة الرسمية لمنظمة «سواسية» لحقوق الإنسان السيدة، منتهى الأطرش، حينما أكدت أنه لا وجود لمؤامرة تحاك ضد الشعب السورى، وأن النظام يستخدم نظرية فرق تسد، وأن أربعين عاماً من القهر والبطش والخوف ونزيف الوطن وقمع الحريات كانت كفيلة بأن تجعل الشعب ينفجر، تماماً كما حدث فى تونس ومصر وعموم الوطن العربى الذى يجمعه ثقافة واحدة، وهم واحد عنوانه الرئيسى البحث عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، خاصة أن النظام السورى من ملفات النظام السوفيتى الذى عفا عليه الزمن، لأنه عصر الفرد الواحد، والحزب الواحد الذى أصبح جزءاً من التاريخ الآن.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل