المحتوى الرئيسى

إسماعيل فاضل يغني «روائع بغدادية» في حفله الخيري في لندن

04/15 10:17

من محلة الفضل السكنية العريقة في رصافة بغداد التي يعود تاريخها إلى العصر العباسي، وحتى سيدني الأسترالية، مرورا بمدن عربية وأوروبية عديدة، انطلق صوت المطرب العراقي إسماعيل فاضل، مؤديا الأغاني البغدادية بروح عراقية عاشقة لكل ما هو تراثي أصيل، فهذا المطرب الذي أنهى دراسة النظريات الموسيقية وآلة العود في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، بدأ حياته وهو يغني. يقول: «البدايات تعود إلى مدرستي الابتدائية، كان عمري أقل من سبع سنوات عندما كان معلمنا يطلب مني كل صباح أن أغني أمام تلاميذ صفي أغنية بغدادية قبل أن يبدأ الحصة التدريسية». لكنه قبل ذلك كان قد هُيأ، ومن حيث لا يدري أن مسيرة حياته سترتبط بالغناء والموسيقى، ففي محلة الفضل حيث عشاق المقام العراقي كان إسماعيل يستمع للأغاني العراقية والمقامات «التي يعلو صوتها من جهاز الغرامافون ومن الاسطوانات السوداء في بيتنا بينما يتناقش أبي وخالي عن أصول هذا المقام أو ذاك، من هنا بدأت أتعلم المقامات العراقية وتعلمت الغناء، ففي هذه المنطقة البغدادية القديمة نشأ أبرز قراء المقام مثل عبد الجبار العباسي وعبد الجبار كوكة، كما كان يزور مقاهيها يوسف عمر ومعلمي جهاد ابن بديوي وسامي الحاج لطيف الذي فتح في شارع الكفاح مقهى القبانجي التي كنت التقي فيها قراء المقام كل يوم خميس، فأنا عايشت كل هؤلاء والتقيت بهم، بينما كان أخي يأخذني للاستماع إلى الأستاذ يوسف عمر في خان مرجان قبل أن أكون عضوا في بيت المقام العراقي وأدرس أصوله الحقيقية هناك». «الشرق الأوسط» التقت المطرب إسماعيل فاضل الذي يزور لندن لإقامة حفله الثاني فيها، وعلى قاعة بروناي التابعة لمعهد الدراسات الشرقية والأفريقية، حيث سيأخذ الحنين جمهور الحاضرين إلى أزقة بغداد القديمة وظلال شناشيلها في شارع الرشيد، بينما الصوت المدهون بالشاي المعطر بالهيل ينهمر مثل نسمات دجلة الخير، والحفل الذي سيقام بعد غد سيكون ريعه لصالح جمعية الأمل الخيرية العراقية. يقول إسماعيل: «في مدينة سيدني البعيدة جدا عن مدينتي، أردت أن أستعيد أجواء بغداد من خلال روحها النابضة وهي الموسيقى والغناء فأسست فرقة بغدادية تقدم الغناء العراقي فقط؛ فهذا تراث بلدنا والأمم تعرف فنها وإنجازاتها الحضارية، وألبست أعضاءها الزي الشعبي البغدادي، وبعد ثلاثة أشهر من وصولي إلى أستراليا، شاركنا في مهرجان موسيقي كبير (هارموني دي) في سيدني، وقد أعجب الجمهور والجهة المنظمة للمهرجان (موسيقى فيفا) وهي مؤسسة موسيقية ضخمة تنظم أربع حفلات سنويا، فوقعت عقدا معهم ونظموا لي حفلة في يونيو (حزيران) من نفس السنة، وكان قد حظرتها الجالية العراقية إضافة إلى العرب والأستراليين، وكنا ننظم حفلات في كافة أنحاء أستراليا، إضافة إلى سيدني، وبرزبن وكامبيرا وفي الغولد كوست، وغيرها من مدن أستراليا، وأقمت حفلات حول العالم، وهذه هي الحفلة الثانية لي في لندن وأتمنى أن أقيم حفلا ت في أنحاء مختلفة من العراق». إسماعيل فتش في التراث الغنائي العراقي مثل منقب حريص على اختيار النفيس منه لتقديمه بقوالب موسيقية حديثة تتناسب والجمهور الحديث. يقول: «أعدت التوزيع الموسيقي لعدد من الأغاني العراقية من دون أن أغير من اللحن الأصلي لها مثل أغنية (أسالت عنك) للمغنية مائدة نزهت حيث صورتها في الهايد بارك بلندن، وأغنية قديمة (تاذيني) وأغاني ناظم الغزالي، إذ أعدت هذه الأغاني إلى ذاكرة الجمهور الذي كان قد تناساها، وعرفت الجمهور الشاب بها الذي عرفني من خلال هذه الأغاني، وانشد إليها»؛ ذلك أن هذا المطرب المحافظ على أصول الغناء العراقي لم يؤد أغاني حديثة باستثناء تلحينه لقصيدة محمد مهدي الجواهري (يا دجلة الخير). يقول في ذلك: «أنا لم أغن أغاني حديثة ولا أستسيغ غالبيتها، ذلك أن الأغنية الحديثة غير معبرة وهي سريعة ومثل فقاعة سرعان ما تختفي، وهناك أغان عراقية اليوم خادشة للحياء ومهينة للمرأة التي غنى لها أجمل الكلمات ناظم الغزالي وتغزل بها (يا أم العيون السود)، العراقيون غنوا للحب وللورد، ففي الثلاثينات انطلقت أغنية حظيري أبو عزيز (عمي يبياع الورد)، كانت الأغنية العراقية تنطوي على سمو ورقي في الكلمات والألحان والأداء، وأنا هنا لا أتحدث عن كل الغناء العراقي الحديث فهناك من ارتقى بالأغنية العراقية أمثال كاظم الساهر وماجد المهندس ورضا العبد الله وأنور أبو دراغ، فقطار تطور ورقي الأغنية العراقية بصورة عامة توقف بعد محطة السبعينات حيث ظهر فاضل عواد وحسين نعمة ورياض أحمد وياس خضر وسعدون جابر وصلاح عبد الغفور وكاظم الساهر ومحمود أنور ورعد بركات ومهند محسن. أغنية السبعينات حملت روح التطور والحداثة وجاءت مكملة لأغاني الخمسينات ولكن بانطلاقة جديدة». ويؤشر: «إن عباس جميل كان أحد أعمدة الموسيقى العراقية إضافة إلى محمد جواد اموري وطالب القرة غولي، فالأغاني العراقية الهابطة اليوم خلقت جمهورا ذا ذوق هابط، بينما الأغاني القديمة التي تنطوي على قصائد وكلمات راقية وموسيقى متطورة وأداء متميز خلقت جمهورا راقيا في تذوقه للغناء بدليل أن الجمهور العراقي وأينما ألتقيه في حفلاتي حول العالم يطلب مني أغاني الخمسينات والستينات والسبعينات، حتى الشباب منهم يريدون سماع هذه الأغاني العراقية القديمة ويتذوقونها». ينحاز إسماعيل بقوة إلى التجديد في المقام العراقي معتبرا أن «الفنان حسين الأعظمي والفنانة فريدة وزوجها عازف الجوزة محمد كمر وأنور أبو دراغ وطه غريب أبرز من عملوا على تجديد المقامات مع الحفاظ على أصولها، لكن هناك من يقف ضد حركة التجديد ويدعو لبقاء المقام في قوالبه الأصلية وقد تعرضت للنقد من قبل بيت المقام العراقي لأنني مع التجديد وقدمت مقامات بروح متطورة، ولي هنا أن أنبه إلى الدور الكبير الذي اضطلع به يهود العراق وتحديدا الشقيقين صالح وداود الكويتي (هربا من بغداد إلى الكويت وحملا هذا اللقب) وهما مؤسسا أول تخت للعزف (الجالغي) البغدادي، وقد اهتموا بالموسيقى العراقية جدا وحتى اليوم إذ أقمت عدة حفلات لليهود العراقيين هنا في لندن وفي أماكن مختلفة من العالم، بل إن من أقام حفلتي لندن، السابقة والقادمة، هو صديقي اميل كوهين الذي ينحدر من مدينة البصرة ومن عشاق الموسيقى العراقية». منوها بأن «هناك بعض الشباب الموسيقيين الأكاديميين الذين طوروا آلات موسيقية تراثية مثلما فعل الفنان هندرين حكمت مع آلة السنطور ونورس الفريح حيث طور آلة الجوزة من شكلها البسيط المصنوع من جلد السمك ونصف ثمرة جوز الهند إلى آلة صنعها متخصص استرالي مشهور بعد أن خطط له نورس على مدى عامين، وغير في شكل وقياسات الجوزة الجديدة التي أصبحت آلة معاصرة مصنوعة من الخشب الرقيق، وكان الفنان نصير شمة قد عمل ولا يزال على تطوير آلة العود». في حفلته التي ستقام بعد غد في لندن، سيغني الفنان إسماعيل فاضل ما سماه «روائع الأغاني العراقية الأصيلة وبصحبة خيرة من العازفين العراقيين على الآلات التراثية، وعلى رأسهم الفنان عازف الكمان المتميز طاهر بركات الذي عمل على تطوير آلة الجوزة وأسلوب العزف عليها».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل