المحتوى الرئيسى

التلوث في هواء لبنان تجاوز 3 أضعاف المعدل السنوي العالمي

04/15 10:17

دقت الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية ناقوس الخطر «البيئي الصحي» في مؤتمرها الأخير الذي عقد في بيروت بإعلانها نتائج الدراسة الأخيرة المتعلقة بتلوث الهواء في لبنان، التي أظهرت أن التلوث في هذا البلد الصغير الذي يضيق بسياراته وكساراته والمقالع المنتشرة في مناطقه إضافة إلى الدخان والتبغ والمبيدات وغيرها.. قد تخطى المعدلات السنوية، مسجلا بذلك ارتفاعا ملحوظا منذ عام 2009، وقد وصلت هذا العام إلى ثلاثة أضعاف النسبة المحددة من منظمة الصحة العالمية. وفي المؤتمر الذي شارك فيه متخصصون لبنانيون وعالميون أعلنوا خلاله عن أحدث ما توصلت إليه الدراسات والأبحاث والنتائج الخاصة بعلاجات جديدة وأدوات التشخيص والتجهيزات التي تعنى بالالتهابات الصدرية ومرض الانسداد الرئوي المزمن وداء الربو وسرطان الرئة واضطرابات النوم وغيرها من المشكلات المرتبطة بالرئتين، سلط الضوء على نتائج دراسة تلوث الهواء التي أظهرت وجود نسب مرتفعة جدا من ثاني أكسيد النيتروجين والمواد الجزيئية التي تعرف بتأثيرها السلبي على الصحة وزيادة التكاليف الصحية العامة، وأظهرت هذه النتائج أن زحمة السير هي المسبب الأول لارتفاع نسبة التلوث في الهواء. وخلال مداخلتها في المؤتمر، أعلنت الدكتورة ماري لويز كونيسكي، رئيسة لجنة المؤتمر العلمية أن «الدراسات في أوروبا قد أظهرت أن السكن في المناطق القريبة من الطرقات المعرضة لزحمة سير قد يتسبب بظهور 15 في المائة من إصابات الربو لدى الأطفال وربما نسبة مشابهة أو أكثر ارتفاعا من أمراض مزمنة شائعة أخرى لدى الراشدين كداء الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة»، لافتة إلى «زيادة ملحوظة في نسبة الإصابة بالأمراض الصدرية في لبنان في السنوات الأخيرة وارتفاع نسبة الوفيات بأمراض السرطان الرئوي والربو». وأشارت الدكتورة كونيسكي إلى أنه «لتلوث الهواء وقع سلبي على الاقتصاد بشكل عام؛ إذ إنه، وبحسب دراسة أجرتها وزارة البيئة في لبنان والبنك الدولي، بلغت نسبة التكاليف العامة الناجمة عن تدهور البيئة في الاقتصاد اللبناني من 2.8 إلى 4 في المائة من إجمالي الناتج المحل، أو ما يعادل 565 مليون دولار أميركي في السنة. وفي حين لفت نقيب أطباء لبنان البروفسور شرف أبو شرف إلى أنه تتفاوت نسبة تلوث الهواء الخارجي في لبنان بين المدن الكبرى والقرى ولكنها تعتبر عالية بسبب ازدحام السير والفاعلية المنخفضة للوقود في المركبات القديمة، أشار إلى أن آخر الإحصاءات المحلية أظهرت أن 62.4 في المائة من الأسر اللبنانية تمتلك سيارة واحدة و28 في المائة من الأسر تمتلك سيارتين على الأقل، كما تلعب الورش القائمة والكسارات والمقالع ومعامل الكهرباء دورا مساعدا في زيادة تلوث الهواء، لافتا أيضا إلى أن تلوث الهواء الداخلي من الدخان والتبغ والمبيدات الحشرية وغيرها يعتبر الأكثر خطورة ويقضي على نحو مليوني شخص سنويا في العالم، بالإضافة إلى الأمراض السرطانية والتهابات الجهاز التنفسي. وبدوره، عرف الدكتور نديم كينج، رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية التلوث على اختلاف أنواعه، مؤكدا أن نوعية الهواء في بيروت باتت تثير القلق، مطالبا بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من خطورة الوضع وتجنب المضاعفات الصحية المتفاقمة وذلك عبر الحد من زحمة السير والعمل على تحسين قوانين البناء. أما الدكتور ماهر عبود، وهو ضمن فريق عمل مجموعة الباحثين البيئيين، فكشف عن نتائج مهمة لدراسة أولى من نوعها في بيروت عن تلوث الهواء تشير إلى أن «نسبة ملوثات الهواء في بيروت الإدارية التي شملتها الدراسة سجلت ارتفاعا ملحوظا منذ عام 2009. وبالتالي، فإن لبنان تخطى معدلات النسب السنوية التي تحددها منظمة الصحة العالمية، مسجلا ثلاثة أضعاف المعدلات المقبولة؛ إذ تجاوز إجمالي تركيز المعدل السنوي لثاني أكسيد النيتروجين، وتم تسجيل النسب الأدنى في فصل الصيف، في حين بلغت أعلى المستويات في فصل الخريف، كما ارتفع متوسط المعدل السنوي بنسبة 10 في المائة بين 2009 و2010». وعزا عبود ارتفاع نسب التلوث إلى «عوامل محلية رئيسية؛ أبرزها زحمة السير (70 في المائة)، والبناء العشوائي، والنزوح من القرى إلى العاصمة، والجزيئيات العالقة المتطايرة في الهواء». مع العلم، أنه وفي الإطار نفسه كانت الجامعة الأميركية في بيروت قد أطلقت مشروعا خاصا لقياس نسبة تلوث الهواء بالجزئيات التي تطلقها السيارات والتي تعتبر مصدرا رئيسيا للتلوث، بالاعتماد على سيارة خاصة «فان» من طراز «نيسان أورفان» كعربة أبحاث عبر تزويدها بجهاز قياس يرسل معلوماته إلكترونيا إلى أجهزة كومبيوتر الفريق البحثي للمشروع يوميا طوال سنة على الطرقات المزدحمة على جانبي أوتوستراد بيروت - جونيه. وكانت رئيسة الفريق الذي يعمل أيضا في الجامعة منذ عام 2001 على أبحاث حول نوعية الهواء في بيروت، الدكتورة نجاة صليبا، الأستاذة المساعدة في الكيمياء التحليلية والجوية في دائرة الكيمياء، قد أعلنت أن الباحثين اكتشفوا أن مستويات مختلفة من الجسيمات في هواء لبنان، التي تؤثر سلبا على صحة الإنسان، تتجاوز المستويات القصوى المسموح بها، وأوضحت أن الجسيمات يمكن في بعض الأحيان أن تكون مسببة للسرطان. وكشفت الدراسة أن الجسيمات «الخشنة» التي تم العثور عليها في الهواء الطلق في مناطق حارة حريك وبرج حمود وشارع الحمرا ومنطقة المنارة في بيروت، تبلغ نحو ثلاثة أضعاف المستويات المسموح بها التي حددتها منظمة الصحة العالمية، لكن الجسيمات «الناعمة» تشكل خطورة أكبر على الصحة بسبب صغر حجمها، وقد بلغ معدلها في بيروت ثلاثة أو أربعة أضعاف المعدلات المقبولة في معايير منظمة الصحة العالمية. وأوضحت الدكتورة صليبا أن الغبار الناتج عن أعمال البناء المزدهرة في بيروت قد ثبت أنه يساهم في التهاب الشعب الهوائية والحساسية والربو والتهاب الشعب الهوائية المزمن، مع آثار أكبر على الأطفال. وتأتي الخطورة الأكبر على الصحة العامة من ازدياد انبعاثات الـ«كربون» مع تنامي عدد السيارات وحركة المرور في ساعات الذروة، وهي انبعاثات ثبت أنها مسببة للسرطان، ومع ازدياد مبيعات السيارات الجديدة بمعدل ثابت يبلغ نحو 5 في المائة سنويا، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم المشكلة إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة في أسرع وقت ممكن.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل