المحتوى الرئيسى

أي مستقبل للشراكة الأميركية اليمنية؟

04/15 03:04

الرئيس اليمني مع وزيرة الخارجية الأميركية أثناء زيارة لها لصنعاء مطلع العام الحالي (ألأوروبية) تطرق الكاتب الأميركي ريتشارد فونتين، وهو عضو بارز في المركز من أجل أمن أميركي جديد، إلى العلاقات بين الولايات المتحدة والرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الفترة الأخيرة، فكتب مقالا في مجلة فورين بوليسي حلل فيه العلاقات بين البلدين الحليفين.يقول فونتين إن الرئيس اليمني كان في العقد الماضي نموذجا للحليف الرئيسي لأميركا في الشرق الأوسط، كان ديكتاتورا زئبقيا ومفيدا, يحكم عبر توليفة من القمع والدهاء الدبلوماسي المحلي, وكان شريكا في مقاومة الإرهاب بشكل متزايد، في بلد يعد في المرتبة الثانية بعد منطقة وزيرستان القبلية في باكستان من حيث حصول نشطاء تنظيم القاعدة على ملاذ آمن فيه ويعدون الخطط لمهاجمة الأميركيين.وسمحت حكومة صالح للولايات المتحدة بشن هجمات صاروخية على بلادها, وتقاسمت المعلومات معها ودربت قوات مكافحة الإرهاب اليمنية وزودتها بالمعدات, ويبدو حاليا أن أيام حكمه باتت معدودة بالأيام إن لم تكن بالساعات, فماذا بعد اليوم؟من المؤكد أن رحيل صالح سيشكل انتكاسة على المدى القصير للمساعي الأميركية في مكافحة الإرهاب, ولكن حكومة يمنية جديدة أكثر تمثيلا, ربما ستمنح واشنطن فرصة لبناء إستراتيجية أكبر من إستراتيجية تعتمد على رجل واحد.وكان الاهتمام الأميركي باليمن في السنوات الأخيرة منصبا  بشدة على مشكلة الإرهاب هناك، لسبب وجيه، هو أن القاعدة استخدمت البلاد قاعدة لشن هجمات ضد حكومات كل من اليمن والعربية السعودية والولايات المتحدة, وينسب لنشطاء القاعدة التخطيط لمحاولة تفجير يوم عيد الميلاد من العام 2009, حينما حاول الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب إشعال متفجرات على متن طائرة مدنية تجارية, كما أن المجموعة ينسب إليها محاولة تفجير طائرة شحن أميركية عن طريق وضع متفجرات داخل آلة طباعة.وكان أنور العولقي أحد نشطاء القاعدة في جزيرة العرب، وهو أميركي من أصل يمني يتحدث اللغة الإنجليزية, اتصل مرارا مع رائد في الجيش الأميركي الذي أطلق النار داخل قاعدة فورت هود في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 في ولاية تكساس، مما أدى إلى مقتل 13 شخصا وجرح نحو 30 آخرين.أما فيصل شاهزاد الذي حاول  تفجير تايم سكوير فقال إنه تلقى الإلهام من أنور العولقي الأميركي من أصل يمني الذي ينشر موجات من النشرات وأشرطة الفيديو عبر الإنترنت يحرض فيها المسلمين على مهاجمة الأميركيين, وأصبح العولقي أول مواطن أميركي يوضع اسمه على قائمة المطلوبين أمواتا أو أحياء, كما أنه احتجز أكثر من 100 يمني داخل معتقل غوانتنامو الأميركي في كوبا منذ 2002.بناء على ذلك, قال ميشيل ليتر، وهو أكبر مسؤولي مكافحة الإرهاب في الإدارة الأميركية، للكونغرس إن العولقي والقاعدة في شبه جزيرة العرب يشكلان أشد خطر على التراب الأميركي, أما جيمس كلابر مدير المخابرات القومية فأضاف قائلا إن المجموعة ربما ستتعاظم  قوتها ما لم تتخذ خطوات فعالة ومتواصلة ضدها. "بسبب الغليان والاضطرابات في اليمن, توقف التعاون, وكذلك توقفت مساعي التدريب الذي ترعاه الولايات المتحدة والتجهيز بالمعدات, وباتت معظم وحدات مكافحة الإرهاب اليمنية لا تحارب القاعدة ولكنها تتواجد في العاصمة صنعاء لحماية الرئيس الذي يواجه خصومه"المساعدة الأمنيةمع تعالي وتيرة دقات طبول الخطر في سنة ونصف مضت وكذلك الأخطار حول الشراكة الأميركية مع حكومة صالح, كانت الولايات المتحدة أعلنت في يناير/كانون الثاني 2010 أنها ستضاعف المساعدة الأمنية لليمن لتصل إلى 150 مليون دولار تقريبا يخصص معظمها لمكافحة الإرهاب، وهناك جزء أصغر خصص للمساعدة التنموية, وتتواجد القوات الأميركية الخاصة في البلاد للتدريب والعمل مع القوات اليمنية, كما أن هناك تواجدا بريطانيا وسعوديا هناك كذلك.لكن وبسبب الغليان والاضطرابات في اليمن توقف التعاون, وكذلك توقفت مساعي التدريب الذي ترعاه الولايات المتحدة والتجهيز بالمعدات, وباتت معظم وحدات مكافحة الإرهاب اليمنية لا تحارب القاعدة، ولكنها تتواجد في العاصمة صنعاء لحماية الرئيس الذي يواجه خصومه, كما أن الجيش نفسه انقسم بعد انشقاق الجنرال علي محسن الأحمر أقوى  الضباط العسكريين في البلاد وانضمامه إلى المتظاهرين, وبات العالم يركز على الاضطرابات السياسية في اليمن وليس القاعدة.وفي الوقت نفسه قام الانفصاليون الشيعة في شمال البلاد بالسيطرة على عاصمة محافظة صعدة, أما في الجنوب فتزعم القاعدة أنها أقامت إمارة إسلامية في محافظة أبين, وربما كان هذا الادعاء مثارا للسخرية, ولكنه يبين المحدودية الكبيرة لقدرة الحكومة المركزية, هذا فضلا عن الاقتصاد الذي يعاني من وضع مزر ويتفتت, في حين أن عملة البلاد تفقد قيمتها وأسعار الغذاء ترتفع.وكانت إدارة أوباما تمني النفس بأن يتوصل صالح إلى تسوية سياسية يمكنها أن تنقذ حكومته, واستنتاج أن يومه قد حان, فقد أعلن السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جيه كارني يوم 5 أبريل/نيسان أن الولايات المتحدة تدين العنف في اليمن بشدة، وذكّر صالح بمسؤوليته بتوفير السلامة لمواطنيه ودعا إلى تغيير سياسي حقيقي. وقال إن على كل الأطراف أن تفضل وحدة وتقدم اليمن على الأجندة الشخصية، وهذا ليس الخطاب الذي تستخدمه الولايات المتحدة مع شريك المستقبل.أما الدول الخليجية بزعامة العربية السعودية فقد توصلت إلى استنتاج، ودعمت خطة يمكن أن تسهل خروج صالح مقابل تشكيل حكومة انتقالية.ماذا بعد؟ لكن ماذا بعد؟ هل ستنزلق البلاد إلى الفوضى؟ بعد كل شيء, لا وجود للمجتمع المدني, بينما المتظاهرون لا يوحد بينهم أكثر من رؤية صالح يرحل, فهل ستندلع حرب أهلية؟ فقد اندلعت حرب بين الشمال والجنوب قبل ذلك, وتسببت المحافظات المتمردة أو الحرونة في الشمال والجنوب في احتمال حقيقي بقيام حكومة أضعف من حكومة صالح, وربما أن الاحتمال الأرجح هو قيام حكومة تضم عددا من المسؤولين الحاليين علاوة على بعض التمثيل من المعارضة, ولكن حتى مع ذلك, هل سيبدي النظام الجديد رغبة ليكون شريكا للولايات المتحدة مثلما فعل صالح؟ كما أن صالح واجه ضغوطا داخلية، لدرجة أنه حظر شن هجمات جوية أميركية منذ مايو/أيار الماضي حينما تسببت غارة كهذه في مقتل نائب محافظ, وربما كانت ندرة الكلام من جانب حكومة جديدة مقترنة بمحاولات القاعدة في جزيرة العرب للاستفادة من هذا الوضع, وكان العولقي قد قال إن حكومة ضعيفة ربما تمنح القاعدة مزيدا من حرية العمل.مع ذلك, هذه النتيجة القاتمة ليست قدرا محتوما، فقد أظهر سقوط  نظامي تونس ومصر والاضطرابات الحالية في ليبيا بأن نموذج الفساد والاستبداد المتجسد في صالح لا يمكنه الاستمرار إلى الأبد, وإذا ما حصل تحول إلى حكومة أكثر ديمقراطية فمن المحتمل (لكن ليس مؤكدا) أن السياسيين اليمنيين ربما يتوصلون إلى وضع أكثر استقرارا ويمكنهم عن طريق انفتاح جديد أن يقوضوا الرغبة للتطرف.فبعد كل شيء, ينادي المتظاهرون بالحريات الديمقراطية, ولم يصبوا جام غضبهم وصراخهم على الولايات المتحدة أو يكيلوا الثناء للقاعدة, فرحيل صالح ربما يخدم القيم الأميركية ويتماشى معها ويخدم المصالح الأميركية في علاقاتها مع اليمن, وبدلا من المشاركة مع ديكتاتور متقلب المزاج على أمل التخلص من مخاطر الإرهاب, يمكن لواشنطن أن تقيم علاقة أوسع يمكنها أن تصل إلى ما هو أبعد من التعاون الأمني عن طريق الدعم النشط لديمقراطية وليدة.وهذا بالطبع هو أفضل سيناريو ومن الصعب ضمانه, ناهيك عن أن حكومة جديدة ستواجه مشاكل هائلة وربما تكون أشبه بالمستعصية على الحل, فالاقتصاد اليمني يعتمد بقوة على إنتاج البترول, كما أن الغالبية العظمى لعائدات الحكومة تأتي من الضرائب على النفط, الذي سينفذ بالكامل خلال ست سنوات. فما الخطة التي أعدت لاقتصاد ما بعد النفط؟ لا توجد أي خطة, فاليمن هو الأفقر بين دول شبه الجزيرة العربية, ومن المتوقع تضاعف عدد السكان بحلول العام 2035, ونصف عدد السكان تقريبا هم دون الخامسة عشرة من العمر, وكانت البطالة قبل اندلاع الاضطرابات الحالية وصلت 35%, كما أن البلاد تواجه نضوب المياه الجوفية التي يستخدم الكثير منها في زراعة القات، وهو نبات مخدر متوسط القوة ويمضغه غالبية رجال اليمن, وهذا يشكل كارثة على ضوء أن 90% من مياه البلاد تستخدم في الزراعة.أما الاقتصاد فهو في حالة سقوط حر, بينما تنضب الموارد الرئيسية، وهناك ملجأ آمن للإرهاب، وتمرد قوي, وغليان سياسي، ونظام حكم بائس, واليمن اليوم مبتلى بهذه الأشياء وغيرها, وسيحتاج الأمر إلى دبلوماسية ماهرة وقدر كبير من الحظ لمشاهدة قيام حكومة في صنعاء لديها الرغبة في المشاركة مع الولايات المتحدة، ولها القدرة على مواجهة المشاكل العديدة, هناك أمر واحد واضح وهو، لم يسمع الأميركيون الكلمة الأخيرة من اليمن.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل