المحتوى الرئيسى

بن علي و مبارك بين العطف و العصف بقلم:عبد الرزاق قيراط

04/14 23:45

كلّ الذين تحدّثوا عن الرئيس المصري المخلوع منذ اندلاع الثورة المصريّة وضعوه في مرتبة المعطوف لغويّا فقط فاسمه غالبا ما يُعطف على زين العابدين بن علي الذي سبقه في السقوط . كان بن علي هو المعطوف عليه حقا لأنّه خرج من تونس يسهولة فلم يُـقبض عليه ليحاكم و وجد من يستقبله و يعطف على أسرته لكي لا تغادر حياة القصور و الخدم إلى ظلام السجون و العدم. ولكن لمبارك علاقة طريفة بالعواطف الجيّاشة قبل السقوط و بعده. فكلّ خطاباته التي أذيعت خلال أيّام الغضب المصريّة لم تخل من الاستجداء و الاستعطاف و هو يذكّر شعبه بما زعمه من تضحيات على مدى عشرات السنين فقدّم نفسه في صورة البطل الأسطوريّ بنضالاته العسكريّة و السياسيّة. غير أن بطولته لم تكن إلا بتفـنّنه في احتكار السلطة على مدى عقود. و مع ذلك لم يخطر ببال مبارك أنّه يزيّف الحقائق فواصل على نفس الوتيرة يراوح بين الاستعطاف و الاستجداء و العتاب. في خطابه الأخير قبل السقوط عاتب شعبه على نكرانه للجميل و تمسّك بالبقاء و لو إلى حين حتّى يكون تسليمه لعرش مصر بشكل مشرّف يليق بماضيه البطوليّ العظيم. و لكنّ العاصفة كانت أقوى من العاطفة فغرقت سفينة البطل الوهمي و كاد فرعون يغرق و لكنّه نجا و نقل إلى شرم الشيخ ليقضي بقيّة حياته في وضع مشرّف أو هكذا اعتقدنا. فلم تمرّ أسابيع حتّى هبّت العاصفة من جديد و كأنّها تريد أن تأتي بما لا تشتهيه السفن. اشتهى مبارك البقاء فلم يبق و اشتهى الخروج المشرّف فلم يحصل عليه و اشتهى السلامة له و لأسرته بعد سقوطه فلم يهنأ بها و حين شعر بالخطر خرج على شعبه بكلمة أذيعت منذ أيام و كان كالعادة مستعطفا معاتبا نافيا بكل ما أوتي من قوّة الكذب أن تكون له ثروة نهبها أيام حكمه. و لكن هيهات يا مبارك ، لم تعطف على شعبك فلم يعطف عليك. قهرته فقهرك و سجنته فسجنك. تلك هي قصّة مبارك مع العطف كما كتبها المصريّون، أما التونسيون فيرون أن بين مبارك المعطوف و بن علي المعطوف عليه حرف عطف صغير هو الواو. و لأنّ حكاية بن علي " فيها واو" مازال الشعب التونسيّ يأمل أن تتحوّل نعمة العطف التي شملته إلى تقمة و عصف. و الفرق بين العطف و العصف قد لا يظهر للقارئ المتسرّع و لكنّ الكتابة هي المسئولة عن ذلك وعليه ينتظر التونسيّون أن يُكتب مصير بن علي بشكل آخر قد تمليه السلطات التونسيّة على أمراء السعوديّة. فهل يتحقّق هذا الأمل ؟و هل نضمن وصول الرسالة سليمة من كلّ الأخطاء الإملائيّة. عبد الرزاق قيراط – تونس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل