المحتوى الرئيسى

لماذا يضع فنانونا أنفسهم فوق النقد؟!

04/14 22:34

في أي مكان راقٍ في العالم، يفرح الفنانون والأدباء وأصحاب المشاريع الفكرية بالنقد وإبداء الملاحظات على أعمالهم، لأن ذلك دليل الاهتمام بهم، ولأنه يساعدهم كذلك على أن يكونوا أفضل، ويقتربوا أكثر من تطلعات وطموحات جمهورهم، الذين هم كنزهم الحقيقي!وهو للأسف عكس ما يحدث في مصر على طول الخط!!!فإذا ما تطاول أحد من الجمهور -أو حتى النقاد المتخصصين!!- وأبدى ملاحظة ما على أداء أي فنان أو مطرب، فإنه يكون قد ارتكب جريمة كبرى، تستدعي أن يُسخّر هذا الفنان أنصاره وأعوانه و"ألاضيشه"، ويدفع من حر ماله/مالنا، لاستئجار من يكتب في الجرائد والمجلات والمواقع الإليكترونية، لا ليفنّد أقوال المُنتقد ويناقشه فيها، ولكن ليُظهره حاقدا مندسا ومختلا عقليا، على أمل أن يجعل ذلك نقده بلا قيمة!!ويا ليت هذه المؤامرة حتى تتم بنجاح، ولكن الفنان الفاشل في تلقي النقد، فاشل أكثر في إظهار عجز الآخرين، وفي الغالب ما تنقلب هذه الحملات المسعورة على رؤوس مُحرّكيها، ليخسر أكثر مما خسر، لمجرد أن أحدا كان صادقا معه، ولم يرد أن يُطبل ويزمر ويسير مع القطيع!والأطرف من ذلك هو اتفاق هؤلاء الفنانين المطلق على أن هذا النقد لابد أن يكون وراءه دائما الفنان الفلاني، والفنانة الفلانية، وربما المنظمة الفلانية، الذين لا يريدون للنجم الكبير أن يرى أي نجاح في حياته، ولذا فليس وراءهم من عمل في الدنيا إلا القعود له بكل طريق، وترصّد نجاحاته المبهرة التي تعمي عين الشمس، لكي يُقللوا منها، ويصرفوا الناس عن عظمته البادية للأعمى والبصير!!!!لقد أدمن فنانونا أن يكونوا ضحايا دائما، وأن يكونوا فوق النقد، وألا يعترفوا بأخطائهم، وتعالَوا على جمهورهم، وجرّدوهم من حقهم الطبيعي في إبداء آرائهم، إلا إذا كانت لا تخرج عن "الله.. الله يا ست"!ومع أن الأمثلة أكثر من أن تحصى، فقد كان آخرها ذلك المطرب الشاب، الذي نعترف بأنه محبوب ومجتهد، ولكنه مع ذلك ليس فوق النقد، والذي غنى إبان الثورة كلمات ركيكة وسخيفة، أملا في اللحاق بمولد "سيدي التحرير"، دون أن يدع لنفسه الفرصة الكافية ليكون عمله في نفس مستوى الثورة الكبيرة، التي أحدثت زلزلا في الحياة المصرية بل والعربية أيضا!وعندما تكلم مُحبوه، بخفة الدم المصرية المحبوبة، وانتقدوا كلامه الساذج، لم يظهر ويعترف بأنه أخطأ فعلا، وأنه تسرّع أملا في مشاركة الشباب فرحتهم، وهو ما كان سيرفع من أسهمه في عنان السماء!!!ولكنه صمت دهرا، ثم سرّب شائعة تقول إنه تم اختياره مطربا للثورة!!!!!!بأمارة إيه؟! وإلى من تتحدث أيها النجم الكبير..وقد تم تغيير اسم بلدنا من شونبونجو إلى جمهورية مصر العربية؟!!بل إنه لم يكتف بذلك، وإنما -في أحاديث صحفية أخرى- بدأ يدافع عن كلمات أغنيته السخيفة، ويدعي أنها عبقرية وفذة، وأن التكرار كان بغرض التأكيد على المعنى، بل ويذكر أمثلة لمغنين آخرين كرروا كلمات أغنياتهم، على سبيل تدعيم موقفه، حتى لم يكن ينقص درس اللغة العربية الذي أتحفنا به، إلا أن يقول إن مختار الصحاح -العالم اللغوي- قد ذكر كلمات أغنيته بالنَص في معجمه الشهير!!!إنها مرة أخرى ثقافة التكبر على الجمهور، ومعاملته على أنه قاصر لا يفهم، ويمكن الضحك عليه بأي كلام فارغ والسلام!لكن الدرس الذي يجب أن يستوعبه أمثال هؤلاء، أن تأثير ثورة 25 يناير لم يكن في مجال السياسة فحسب، وإنما في كل شيء على أرض مصر، بما فيها الإنسان المصري نفسه، الذي تغيّرت احتياجاته بعد الثورة، وتغيّرت وجهات نظره في كثير من المُسلّمَات، ولن يرضى بعد اليوم بالضحك عليه واستغفاله!فيا كل فنان يريد أن يظل موجودا على الساحة الفنية، يا كل فنان يريد أن يذكره الناس ويسارعون لالتقاط الصور بجواره في الحفلات: كن مسئولا، وذكيا، وحساسا، واحترمنا، ولا تعاملنا على أننا "فرز تاني" أو "كمالة عدد" أو "مجرد وسيلة لأكل العيش والاسترزاق"، ولكن على أننا السبب الوحيد لاستمرارك فيما تفعل.وتذكر أن الذي أغرق فرعون وجنوه في يمِّ التحرير، قادر على أن يُسقط أي نصاب آخر، أو راقص على دماء الشهداء، أو مُدّع، بمجرد أن.. يريد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل