المحتوى الرئيسى

الأمين العام للجامعة العربية.. مصر أم قطر؟!

04/14 21:05

  - د. عبد المجيد: المهم اختيار مَن ينهض بدور الجامعة - د. المشاط: هناك توافق على مصرية المنصب حتى الآن - شكري: الوضع العربي اختلف ويجب أن تواكب الجامعة هذا التغير   تحقيق: مي جابر أعلنت وزارة الخارجية المصرية ترشيح الدكتور مصطفى الفقي، خلفًا لعمرو موسى الأمين العام الذي تنتهي ولايته في 15 مايو المقبل، ويأتي هذا في الوقت الذي يدور جدل في الأوساط الدبلوماسية العربية حول تدويل منصب الأمين العام للجامعة وعدم قصره على مصر، بالإضافة إلى ترشيح قطر لعبد الرحمن العطية، الأمين العام السابق لمجلس التعاون لدول الخليج، لتولي منصب الأمين العام.   والدكتور مصطفى الفقي شغل عدة مناصب دبلوماسية منها: نائب رئيس البرلمان العربي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري ورئيس لجنة الشئون الخارجية والعربية والدفاع والأمن القومي في مجلس الشورى، كما أنه عمل مساعدًا أول لوزير الخارجية للشئون العربية ومندوبًا دائمًا لمصر لدى الجامعة العربية، كما كان عميدًا للدبلوماسيين العرب في فيينا عندما كان سفيرًا لمصر بالنمسا، وقد عمل أيضًا مديرًا لمكتب المعلومات في رئاسة الجمهورية.   بينما شغل منافسه عبد الرحمن العطية المرشح القطري عدة مناصب منها: الأمين العام السابق لدول مجلس التعاون الخليجي، وكان عضوًا في وفد بلاده المشارك في اجتماعات الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الفاو ومنظمة اليونسكو، بالإضافة إلى تعيينه محافظ قطر في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وكذلك وكيلاً لوزارة الخارجية القطرية.   يُذكَر أن تاريخ جامعة الدول العربية مدون به أسماء ستة أمناء، منهم خمسة مصريين وواحد تونسي فقط، تولى المنصب في أعقاب انتقال مقر الجامعة لتونس، بعد إعلان الدول العربية مقاطعتها لمصر في عام ١٩٧٩م، بعد توقيعها اتفاقية كامب ديفيد، ثم عاد المقر إلى مصر عام 1990م.   والأمين العام الجديد سوف يستقبله وضع مختلف عما كانت عليه الجامعة طوال السنوات الماضية؛ نظرًا لتغير المناخ في كثيرٍ من الدول التي تشهد ثورات مستمرةً؛ للتخلص من الأنظمة البائدة التي ضيعت الحقوق العربية على كلِّ الأصعدة، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات عن هذا المنصب، وهل هو من حق مصر؟، وهل يستحق صراعًا عربيًّا؟، وهل يمكن أن تواجه الجامعة أيًّا كان أمينها العام التحديات التي يعيشها العالم العربي الآن؟، هذا ما طرحناه في هذا التحقيق:     د. وحيد عبد المجيد  في البداية يرى د. وحيد عبد المجيد نائب رئيس مركز (الأهرام) للدراسات السياسية والإستراتيجية، أنه لا يوجد ما ينص على أحقية مصر بالاستئثار وحدها بمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، ولكنه عُرْفٌ جرى منذ إنشاء الجامعة بأن يكون الأمين من دول المقر، مؤكدًا أن البحث عن الشخص المناسب لأداء هذا الدور يجب أن يأخذ الأولوية، وليس الجدل الدائر حول جنسيته.   ويفند الادعاء بأن دور مصر في قضايا المنطقة العربية سيتأثر سلبًا بحصول دولة أخرى على هذا المنصب قائلاً:" لا أرى أن هناك علاقةً بين دور مصر الإقليمي وبين جنسية الأمين العام، والدليل على ذلك أن الدور المصري كان سيئًا خلال السنوات الماضية بالرغم من أن الأمين العام كان مصريًّا، وهذا يرجع إلى الإرادة السياسية بالأساس".   ويؤكد أنه يجب اختيار مَن يستطيع النهوض بدور الجامعة العربية، وخاصةً أن الوضع العربي في مأزق، لما تعانيه الدول العربية من أزمات متلاحقة، سواء من أنظمة مستبدة وثورات مطالبة بالتغيير أو أطماع أوروبية وأمريكية، تسعى للسيطرة على خيرات هذه البلاد، مضيفًا أننا بحاجةٍ إلى شخصٍ لديه المؤهلات والقدرات التي تساعده في التعامل مع هذه الأزمات الجسمية.   رمز بلا قيمة   د. رفعت سيد أحمد من ناحيةٍ أخرى يرى الدكتور رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات، أن هذا المنصب فقد قيمته السياسية والوطنية سواء جاء فيه مصري أو غيره؛ حيث تحول المنصب إلى رمز، لا يترتب عليه أهمية قانونية أو سياسية مؤثرة في حياة الشعوب العربية.   ويرجع د. رفعت ذلك لما فعله الأمين الحالي الذي يتحدث كثيرًا دون أن يفعل شيئًا، ففي عهده احتلت أمريكا العراق، وشنَّ الكيان الصهيوني عدوانه على جنوب لبنان وغزة، بينما لم يجرؤ على الذهاب إلى غزة؛ لتفقد الأوضاع هناك إلا بعد أن وضعه أسطول الحرية التركي في حرج كبير.   ويضيف أن عمرو موسى يساعد الآن في احتلال ليبيا بدعوة حماية الثوار الليبيين، بالإضافة إلى تحوُّله إلى لعبة في يد النظم العربية المستبدة والتابعة لأمريكا تحركه كيفما تشاء، مؤكدًا أن هذا الأمر حول منصب الأمين العام للجامعة إلى سكرتير جلسات يسجلها فقط دون التدخل في القرارات أو حتى التأثير عليها.   ويشدد د. رفعت على ضرورة إعادة القيمة للجامعة؛ من خلال إعادة الاعتبار للدول العربية، وأن يكون ممثلو هذه الدول من ممثلي أبناء الثورات الشعبية وليسوا ممثلي الأنظمة المستبدة، مضيفًا أنه يجب وضع معايير لاختيار الأمين العام تليق بالثورات العربية العظيمة مثل أن يكون صاحب رسالة ومفكرًا ومناضلاً سياسيًّا، وألا يتحول إلى موظف كذاب.   ويتابع:" كل الأسماء التي طرحتها مصر سواء قبل الثورة أو بعدها هي أسماء عاشت وتربت في حضن مبارك ونظامه المخلوع؛ ولذلك لن يحصلوا على التوافق العربي المطلوب لتأييدهم، كما أرى أن مرشح قطر إذا تولى المنصب سنجد الكيان الصهيوني عضوًا بالجامعة أو مراقبًا عليها!".   ويطالب بإعادة النظر في ميثاق الجامعة لتحديد مهام الأمين العام وتوسيع نطاق اختصاصاته وسلطاته، موضحًا أن الجدل الثائر حول تدوير المنصب على الدول العربية هو جدل شكلي لا يؤثر على دور الجامعة في معالجة قضايا الأمة العربية.   مكانة مصر   د. عماد جاد ويشير الدكتور عماد جاد الخبير بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والإستراتيجية إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الدول العربية التي طالبت بتدويل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية قبل الثورة، وكانت من بينها الجزائر التي اقترحت الأمر بعد مباراة مصر والجزائر بـ(أم درمان)، ما أثار جدلاً كبيرًا بين معظم الدول العربية.   ويرجع إلى أن ما شجَّع بعض الدول على التفكير في ترشيح ممثل عنها لهذا المنصب، أن مصر لم تقدم مرشحًا قويًّا غير متورط بعلاقته مع النظام السابق، مشددًا على ضرورة التنسيق بين جميع الدول لاختيار الشخص المناسب مع الأخذ في الاعتبار العمل على مساندة مصر، خاصةً بعد نجاح ثورة الشباب.   ويضيف أننا نحتاج في هذه الفترة إلى دعم ومساندة جميع الدول العربية؛ لإعادة الدور المصري بالمنطقة العربية وعدم انحسارها في مشاكلها الداخلية، موضحًا أنه ليس من الحكمة سحب المنصب من مصر هذه المرة، خاصةً مع تعالي الأصوات المنادية بالانكفاء على الذات والابتعاد عن الهوية العربية.   ويرى أنه لا مانع من تدوير المنصب بين الدول العربية؛ لأنه من حق الجميع ترشيح مَن يريدونهم، ولكن على الدول العربية أن تعمل على أن يكون هذا التدوير من المرة القادمة لتشجيع مصر وإعادتها لمكانتها الطبيعية.   شخصية مقبولة   د. عبد المنعم مشاط ويشير الدكتور عبد المنعم مشاط أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة، إلى أنه طبقًا لمفاوضات إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945م، تم الاتفاق على أن يكون الأمين العام للجامعة من دولة المقر أي من مصر، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق لم يتم تغييره إلا بعد اتفاقية كامب ديفيد، عندما نُقِل مقر الجامعة إلى تونس وتم اختيار الشاذلي القليبي التونسي الجنسية، وعندما عاد مقر الجامعة للقاهرة عاد معها المنصب لمصر.   ويضيف أن هناك توافقًا عربيًّا على استمرار هذا المبدأ باستثناء دولتي الجزائر وقطر، التي قدمت مرشحًا لهذا المنصب مؤخرًا، مرجعًا سبب ذلك إلى تباطؤ مصر في تقديم مرشحها.   تطلعات الشعوب   السفير محمود شكري من جانبه يوضح السفير محمود شكري سفير مصر السابق بجامعة الدول العربية أن هناك العديدَ من الأصوات المطالبة بتدويل المنصب بين الدول العربية، والتي ارتفعت عندما قدَّم النظام السابق مفيد شهاب الذي لم يكن يتمتع بتوافقٍ عربي؛ نظرًا للظروف السياسية السابقة، إلا أن الوضع بعد الثورة اختلف قليلاً.   ويضيف أنه لو كانت مصر قدمت مصطفى قبل ترشيح قطر للعطية لكانت فرص فوز الفقي شبه مؤكدة؛ نظرًا لأنه وجه مألوف لدى معظم الدول العربية، فضلاً عن أنه معروف بعروبته ولديه دراية بالقضايا العربية وهو مفكر سياسي وله تاريخ دبلوماسي كبير، مضيفًا أننا يجب أن نعمل على دعم المرشح المصري الذي رشَّحه النظام الجديد.   ويضيف أن الأمين العام الجديد سوف يواجه العديد من التحديات؛ حيث يستقبل العالم العربي الآن مناخًا جديدًا يتسم بالديمقراطية والانفتاح على الدولة المدنية وارتفاع صوت الشعوب، بالإضافة إلى تطلعات الدول العربية إلى أن يكون لها وزنها بالعالم، داعيًا إلى أن تتحول الجامعة لمصلحة الشعوب العربية وليس لصالح الأنظمة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل