المحتوى الرئيسى

لماذا هذه الحملة الظالمة على شاهين؟!بقلم: جواد البشيتي

04/13 18:23

لماذا هذه الحملة الظالمة على شاهين؟! جواد البشيتي لولا قضية شاهين لكفرت.. لكفرت بـ "دولة الحقُّ في الحياة" التي أسبغ الله نعمتها علينا؛ فقبل أنْ تأتي الدولة بتلك الحسنة الكبرى، وتمحو، من ثمَّ، كثيراً من سيِّئاتها، كنتُ شاهداً على جريمة يوشِك مستشفى شبه حكومي (أي يشبه الحكومة) كبير، في عمان، أنْ يرتكبها في "حقِّ الحياة" لشاب، أعرفه جيِّداً، نُقِل إليه على جناح السرعة وهو ما بين الموت والحياة، ولا بدَّ، من ثمَّ، للمستشفى من أنْ يُتَرْجِم إيمانه بما تؤمن به الحكومة، وهو "الحقُّ في الحياة"، بالسعي، فوراً، إلى إنقاذ حياة هذا المريض؛ لكنَّ إدارة، أو "حكومة"، المستشفى رفضت وأبَت معالجته، أي إنقاذ حياته، قبل أنْ يدفع لها ذووه المبالغ المالية (الأوَّلية) التي طلبتها؛ والساعة كانت الواحدة صباحاً؛ وأهل المريض الفزِعين على حياة ابنهم (الوحيد) لم يكن معهم ما يكفي من المال. كان هذا هو "النبأ السيِّئ"، والذي كاد أنْ يدفعني إلى الكفر بـ "دولة الحق في الحياة"؛ لكن يبدو أنَّ الله قد استجاب لدعائي، فقد دعوت، في تلك الليلة، للحكومة أنْ يريها الله الحق حقَّاً ويرزقها اتِّباعه..؛ وما هي إلاَّ بضعة أيام حتى جاء "النبأ الحَسَن"، فالدولة، التي ألهمها الله تقواها، ووطَّنت النفس، هذه المرَّة، على إصلاح كل شيء في حياتنا، ومحاربة الفساد والفاسدين حتى آخر قرش من قروشنا، سارعت إلى إنقاذ حياة المواطِن خالد شاهين، مرسِلةً إيَّاه إلى خارج الوطن لتلقِّي خير علاج، غير مكترثة لقيود قانونية؛ فـ "الإصلاح" إنْ لم يبدأ بتكسير هذه القوانين فبِما عساه أنْ يبدأ؟! بعض الأقلام التي أدمن أصحابها على امتهان (أي احتقار) مهنة الصحافة، والإساءة إلى سمعة جلالة "السلطة الرابعة"، وتأليب المواطنين الصالحين على حكومتهم الإصلاحية، سارَع إلى الإتيان بمزيدٍ من الأدلة على أنَّه لن يشفى أبداً من مرض المغالاة الذي من أعراضه "جَعْل الحبَّة قُبَّة"؛ فالحكومة عندما تنتصر لحق مواطنيها في الحياة تصبح مذمومة ملعونة؛ لكن، نِعْم حكومة تَصْغُر في عينها العظائم، وبئس صحافة تَعْظُم في عينها الصغائر! هؤلاء الكتَّاب الصحافيون المدمنون على الظنِّ بالحكومة سوءاً حتى وهي تجاهد في سبيل "الإصلاح" بالغالي والنفيس من ممتلكات الشعب، وتتحدَّى كل دعاة الإصلاح في العالم أنْ يأتوا بالمعجزة التي أتت بها وهي إصلاح ما أفسده الدهر، شكَّكوا في نيَّة الحكومة، متسائلين، في لهجة إبليس، عن سبب إرسال المواطن (السجين) شاهين إلى مستشفيات في الغرب ونحن لدينا ما يعدلها كفاءة وخبرةً. كان عليهم أن يتريُّثوا، ويتعرَّفوا رأي الأطباء في الغرب، وأنْ يَكْفونا، من ثمَّ، ويَكْفوا أنفسهم، شرَّ إساءة الظن؛ ولو كان لي القرار لألزمتُ كل صحيفة أنْ تتَّخِذ من الآية "إنْ جاءكم فاسق بنبأ فتبيَّنوا" شعاراً لها. أطباء الغرب المشهود لهم بالكفاءة شخَّصوا مرض مريضنا "رَضِيَت الحكومة عنه" خير تشخيص، فأبلغوا إلى ذوي المريض، أي الحكومة، أنَّ مريضهم يعاني مرضاً عضالاً، وليس ممكناً أنْ يُعالج في الأردن؛ وهذا المرض هو "الفساد" الذي استشرى فيه واستفحل. هذا "النبأ (الطبِّي الغربي)" بعضه مُحْزِن، وبعضه سار؛ فهو أحْزَن ذوي المريض، أي الحكومة، كثيراً، فابنهم، ووليُّ نعمتهم، ميئوس من شفائه؛ لكنَّه إذا شفي، أو شفيت نفسه، من الفساد فإنَّ الدولة كلها يمكن، عندئذٍ، أنْ تشفى من الفساد، فالفساد ليس "مؤسَّسة"، أو "سلطة" تتَّحِد فيها، وبها، السلطات الثلاث المنفصلة دستورياً عن بعضها بعضاً، على ما تَزْعُم "القوى المندسة" في إعلامنا؛ وإنَّما ثمرة من ثمار النَّفس (نفس الفرد) الأمَّارة بالسوء، فإذا نحن عالجنا المصابين بمرض الفساد، مريضاً مريضاً، عالجنا الدولة كلها من الفساد الرجيم؛ فالفاسِد يُوْلَد فاسداً، أمَّا الدولة نفسها فلا تُوْلَد فاسدة، وإنَّما تصبح فاسدة على أيدي الفاسدين المُفْسِدين! لقد جاء الحق، وزهق الباطل، فالحكومة أثبتت أنَّها ليست "فاضلة" فحسب، وإنَّما "الفضيلة بعينها"، فهي أوَّلاً انتصرت لحقِّ الإنسان في الحياة؛ ثمَّ عَرَفت واكتشفت أقصر الطرق إلى معالجة الدولة (والمجتمع) من مرض الفساد، ألا وهو طريق معالجة الفاسدين، فاسداً فاسداً. نحن لسنا مصر، فالمصريون لم يكتشفوا هذه الطريق إلى الشفاء من مرض الفساد العضال واللعين، فلو اكتشفوها لسارعوا إلى إرسال المريض حسني مبارك إلى حيث يتلقى مريضنا خالد شاهين خير علاج. الشعب يرقب نتائج هذه التجربة الجديدة؛ فإذا تبيَّن له أنَّ علاج المريض شاهين لم يكن له أثر يُذْكَر في شفاء الحكومة نفسها من المرض نفسه فربَّما يُرْسلها إلى حيث أرسلت شاهين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل