المحتوى الرئيسى

إذا أراد النظام إسقاط الشعب

04/13 10:20

بقلم: بسمة قضماني 13 ابريل 2011 10:07:13 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; إذا أراد النظام إسقاط الشعب تنتشر الانتفاضة الشعبية فى أقاليم سوريا وتتجذّر، وكل ملامحها تشير إلى دخول البلاد فى مرحلة ثورية. فمن درعا إلى اللاذقية ثم إلى دوما وحرستا وحمص وبانياس خرج شباب المدن والقرى السورية ليحتلوا الميادين والشوارع ويواجهوا الآلة القمعية لنظام لم يختبر عبر العقود الأربعة الماضية أى نوع من العلاقة مع الشعب سوى علاقة الرقابة والقمع وكبت أنفاس المجتمع بأكمله. هؤلاء الشباب أصبحوا واعين تماما بأن الطريق إلى الحرية طويل وشاق وأن ثمن انتفاضتهم سوف يكون باهظا جدا. فمنذ أول حراكهم تعمّدت السلطات بأن تردّ بالعنف معتقدة أنها تلقّن درسا لمن يجرؤ التمرّد، وتُرهب باقى الشعب فيسكت ويعود إلى بيت الطاعة. لقد اختبر ثوار تونس ثم مصر آلية زعزعة النظام الأمنى وأخذت عدة شعوب عربية أخرى تحاول تطبيق نفس الاستراتيجية لعلها تؤدى إلى التغيير فى بلدهم فهل ينجح الشعب السورى فى التحرر من الظلم والذل؟ ما اكتشفته الشعوب العربية من خلال ثوراتها هو أنه حينما ينزل الشعب إلى الشارع بشكل سلمى يضع النظام السياسى والأمنى أمام معضلة محيّرة لا مفرّ من حسمها وهى الرد بإطلاق النار على المدنيين أم لا. عندها نرى أن دخول هذا اللاعب الجديد الذى لم يكن فى حساب أحد أى، الشعب، فى المعادلة يسخّن الأجواء فى أوساط السلطة فيخلق توترات ويكسر التوازنات القائمة داخل النظام. يفجّر الخلافات المسكوت عنها ويُحدث شروخات بين فئات مختلفة من السلطة السياسية وبين مختلف الأجهزة الأمنية وبين الجيش والأمن والجيش والحكام وتتزعزع أجهزة الدولة بأكملها. لقد دخل النظام فى حالة الارتباك هذه ثم التخبط، تارة يخيف الناس من بعضهم البعض ملوّحا بخطر انقسامات داخلية قد تؤدى إلى حروب بين السنة والمسيحيين والأكراد والدروز والعلويين، وتارة يتهم الأعداء الخارجين بالتآمر وبدس عناصر مخرّبة تعمل لصالح اسرائيل أو أمريكا أو قوى 14 آذار أو فصائل فلسطينية أو أعضاء من تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى أو كل هؤلاء فى آن واحد. فما أصعب مهمة النظام والأمن والجيش فى التصدى لكل هؤلاء وكم صمت الشعب ضرورى لكى ينجح هؤلاء فى مهمتهم. إذا أراد أى مواطن سورى أن يصدق هذه التهم فإنه قد يصل إلى قناعة بأن نصف الشعب عميل وأن العالم بأجمعه يتمنّى الشرّ لسوريا.حتى الآن أغلبية التظاهرات لا تدعو إلى إسقاط النظام وإنما تطالب بتنفيذ الإصلاحات الأساسية مثل رفع حالة الطوارئ وإطلاق الحريات ومكافحة الفساد ونبذ الطائفية. فيأتى الرد بإجراءات لاعلاقة لها بالمطالب هذه مثل إعادة الجنسية للأكراد وإلغاء حظر ارتداء النقاب للمعلّمات فى المدارس. فيجيب الأكراد المحرومون من الجنسية منذ خمسة عقود بأنهم لم يطالبوا بالجنسية بل طالبوا بالحرية. جميع المتظاهرين يرددون شعارات الوحدة الوطنية والمسيحيون ينزلون إلى المساجد ليعتصموا فيها مع السنة احتجاجا على تصرّفات قوى الأمن. لا شك أنه عندما تصل الأمور إلى هذه المرحلة لا يعود هناك إلا خيارات صعبة أمام النظام. فإما أن يشرع فى تغييرات جذرية تقوده إلى تفكيك منظومته الأمنية وإعادة بناء علاقته بالشعب على أسس جديدة أو أن يواجه تعميم المطلب الآخر أى مطلب إسقاط النظام.كل المؤشرات حتى الآن تدل على أن النظام اختار الحل الأمنى الصرف فقد أطلق قواه الأمنية وكل من يستطبع أن يحشده من بلطجيته المعروفين بالشبّيحة فى سوريا، وقطّاعى طرق وقناصين ليواجهوا الشعب بالرصاص الحى والغازات المسيلة للدموع من نوع خاص يقال إنها سامّة ويُسقطون ما لا يقل عن 200 قتيل منذ أن بدأت الانتفاضة فى 19 آذار/ مارس.فعندما يقرر النظام إسقاط الشعب ماذا يتبقى للشعب أن يفعله؟ كثيرون يسألون اليوم هل يستطيع الرئيس السورى أن يختار الحل السياسى من خلال إصلاحات فى العمق؟ الجواب الأوجه هو أن نعكس السؤال ونقول هل يستطيع الرئيس السورى أن يستمر فى الحل الأمنى كما يفعل الآن؟ هل يستطيع أن يضمن ضبط الأجهزة الأمنية المشكّلة من خمس أجهزة مختلفة يعمل كل جهاز وحده دون تنسيق بينها إضافة إلى الشبيحة وغيرهم من العناصر المجهولة الهوية؟ قيل مثلا أن أهل درعا شاهدوا فى الميدان الرئيسى فى المدينة عناصر من عدة أجهزة تمركزت كل منها فى نقطة مختلفة من الميدان وأخذت تطلق النار على بعضها البعض. هل يستطيع النظام أن يعتمد على الجيش ويأمره بأن يقوم باستخدام أسلحته الثقيلة ضد المدنيين دون أن يسبب ذلك شرخا فى صفوف القوات العسكرية؟ وهل من اتفاق بين جميع أطراف النظام السياسية والأمنية والعسكرية على قتل الشعب إذا احتاج الأمر لكى تحافظ فئة معينة على السلطة؟ هل تسكت الطوائف المختلفة والمدللة منها من قبل النظام على تصرّف هذه الفئة إذا رأت أن ذلك قد يهدد الكيان الاجتماعى ويعرضها هى إلى خطر حقيقى فى المستقبل؟ هل تساءل المسئولون السياسيون عن كل الاحتمالات قبل أن يأخذوا القرار بالرد الأمنى على تظاهرات سلمية؟ وإلى أى حد يستطيع النظام أن يورّط كل هذه الأطراف فى استراتيجية تقود إلى القطيعة الكاملة مع مجتمع يصرخ كل يوم بأن وقفته سلمية وأن جميع أطيافه هم أبناء الوطن الواحد؟لقد اقترب موعد الشعب السورى مع تاريخه وحان الوقت لكى يتساءل كل مواطن لديه مصلحة ما مع النظام أين يرى مستقبله لأن كل من يسكت اليوم من فئات وشخصيات عما يجرى يصبح شريكا فى تحمّل المسئولية.العالم يتفرج باهتمام بالغ لما يحدث فى سوريا رغم كل المحاولات للتعتيم على الاخبار. لا صديقَ خارجيا ولا جارَ قريبا أو بعيدا يستطيع إنقاذ نظام سياسى فشل فى التعامل مع المجتمع حتى وصل به الأمر أن وجد نفسه وجها لوجه مع شعبه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل