المحتوى الرئيسى

الأسرة لدى الإخوان ودورها

04/13 13:15

بقلم: علاء محمد عبد النبي من لم يرضَ أن يكون جنديًّا فلن يكون قياديًّا, فالجندية هي الركيزة الأساسية لبناء القائد القدوة على طريق الدعوة، والجندية لا تقل أهميةً عن القيادة ومكانتها، فالقيادة لا غنى لها عن الجنود الأوفياء الصادقين والعمل داخل الدعوة إنما هو لله تعالى وطلبًا للأجر والثواب والبيعة للقيادة والعمل هو في الحقيقة بيعة لله ورسوله.   والقيادة تكليف لا تشريف فللقيادة تكاليف وتبعات، ولا بد من أصحاب النفوس ذات الإرادة القوية والوفاء الثابت والإيمان الصادق والتضحية العزيزة لذلك، فإن المسئولية أضخم بكثير, وخطورة التقصير تنعكس على المجتمع كله، ولما كان الإسلام يحرص على تكوين أسر من أهله يوجههم إلى المثل العليا، ويقوي روابطهم ويرفع إخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات، فحرصت الجماعة على هذا التأصيل الشرعي وأقرَّت بأن الأسرة وحدة كاملة متضامنة في المسئولية.   ولما كانت الأسرة تتكون من خمسة أفراد عاملين يُختار أحدهم نقيبًا للأسرة يمثلها إمام رئيس مجلس إدارة الشعبة، وإذا كان الهدف التربوي للأسرة هو إقامة جو صالح يساعد الأفراد على الرقي عقليًّا وأخلاقيًّا وجسميًّا دون أن يطرأ عائق يحول دون ذلك، فكان لا بد من إعداد القائم بالتوجيه فيها إعداد علميًّا وخلقيًّا لأنه القائد التربوي، والكادر الحركي هو الذي يقوم بالتربية والتوجيه.   رائد الأسرة نقيب الأسرة هو رئيسها والمسئول عنها أمام رئيس الشعبة، وهو عامل من أهم عوامل نجاح الأسرة, وكان لا بد من إعداده جيدًا عن طريق الآتي:-   1- دراسة الأصول الإسلامية بهدف تكوين عقلية إسلامية في فهمها للحياة والمشاكل وتنمية القدرة على التفكير الإسلامي.   2- تكييف حياة النقيب على العيش بالإسلام.   3- تهيئة النقيب لخدمة الجماعة في فرع من فروع نشاطها على أساس من صلاحية القيام على التربية.   والمسئولية للقيادة والنقيب خاصة إنما تكون على قدر الصلاحية، فلقد حدد رسول الله المسئولية للنقباء الاثني عشر من الأوس والخزرج بعد البيعة له، واعتبرهم القادة المسئولين وواجبهم أن يكونوا كفلاء على قومهم من المسلمين الذين بايعوا في العقبة وهم مسئولون عن تصرفاتهم، وانضباطهم وطاعتهم والتزامهم بأوامر هذا الدين، وهم محاسبون أمام الله ورسوله.   كما أن أخطاء القاعدة تحاسب عليها القيادة طالما أن صلاحيات الحكم والتوجية فيها.   فلا بد للقائد من شروط لتوليه المسئولية مثل:- 1- أن تصدر تصرفاته عن ورعٍ قائم على مراقبته لله.   2- أن يحاسب نفسه دائمًا على تصرفاته.   3- أن يفهم أن قيادته هي جزء من الدعوة ولا دعوة بغير قيادة.   "والقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القبلية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة".. هكذا علمنا الإمام البنا في رسالة التعاليم.   4- أن يكون حسن المعاملة ومعايشًا لمشكلات أفراد أسرته مع الاتصاف بالتعاطف والمشاركة الوجدانية وعدم تعنيف الفرد بكلمة والرفق به، فإن العنف لا يأتي بخير, وليكن قلبك وعاء للحب، فلا بد للنقيب أن يسأل كل فرد مسئول عنه عن أحواله ومشاكله والحرص على الإحاطة التامة بكل شيء منه، وليحمل عنه همه وعبئه "فالمرء أولى بإخوانه من نفسه"، ولا يتركه لمشاكله ويتعذر بقوله إن الدعوة بها ما يكفيها من أعباء، وليستغفر الله عن هذا التقصير وليترك المسئولية لمَن هو أقدر عليها، كذلك لا يجوز أن يستعرض مشاكل أي فردٍ في عدم وجوده ولا يطلع أحدهم على ما به من عيوب لأنه يقع في الغيبة والنميمة دون أن يدري، وكذلك لا يجوز له أن يحكم على فردٍ لم يكن موجودًا بقوله (غفر الله لنا وله).   5- ألا يكون مستبدًا بل يرجع إلى الحق؛ ذلك أن النفوس جُلبت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، ولكن بعض الإخوة يخلطون بين الصراحة في الحق والخشونة والأسلوب مع أنه لا تلازم بينهما، فكم من نقيبٍ لخشونة أسلوبه، وعدم رفقه بالمدعو أضاع على الدعوة الكثير من أصحاب الهمم العالية.   بل إن أحدهم كان يترك أسرته لأكثر من شهر تجنبًا لاصطدامه بأستاذه لقسوته في المعاملة له، والأكثر عدم إحساسه بشعوره أمام الآخرين.   6- محاورة الفرد دون التعالي عليه وتنزله منزلته وليكن شعارك (كذلك كنتم من قبل) فالله وحده أعلم بالقلوب، وليحذر الناصح أن يتغير قلبه على أخيه المنصوح بمقدار شعرة، وليحذر أن يشعره بإنقاصه أو تفضيل نفسه عليه، ولكنه يتستر عليه شهرًا كاملاً ولا يخبر بما لاحظه أحدٌ إلا رئيس الأسرة وحده إذا عجز عن الإصلاح, ثم لا يزال على حبه لأخيه وتقديره إياه ومودته له".   7- أن يسر إليه بالموعظة ولا تكاشفه بين الأفراد دون أن تستر معاصيه فإن كسب القلوب أهم من كسب المواقف، ولأن الإسرار بالنصيحة أولى من الإعلان، إذا كان هناك مفسدة، ثم بعد ذلك لينصح كل منكم أخاه متى رأى فيه عيبًا، وليقبل الأخ نصح أخيه بسرور وفرح وليشكر له ذلك.   8- أن يحرص على وقت أسرته, اللقاء المنظم، وأولى خطوات الحرص هو اللقاء المنظم المستمر كل أسبوع، فهذا اللقاء هو الذي يربط الجنود بقيادتهم، ويشحذ عزائمهم على الاستمرار في هذا الدرب، فاللقاء المباشر يحل كل المشاكل المستعصية، وهو الذي يقطع دابر الفتنة، وهو الذي يمتن الصف الداخلي ويجعل وشائجه مترابطة ملتحمة متراصة.   9- إدارة الجلسات بشكلٍ منظم ودقيق حتى ينتفع الجميع، وليكن المجلس متضمنًا الآتي: أ- وضع أهداف يراد تحقيقها من خلال المجلس.   ب- أن يكون لديه دائمًا معنى مفيد يحرص على توصيله لهم.   ج- أن يكون له القدرة على تحويل دفة الحديث إذا كثر اللغط والثرثرة فيه.   د- أن يترك لكل فرد حرية التعبير عن رأيه دون مقاطعته.   10- سلامة الصدر وعدم السماع للغيبة أو النميمة:-   من أخطر الأمور وأضرها بالعمل الجماعي أن يصغى المسئول إلى مَن يسيرون بالغيبة، أو النميمة في صف الجماعة إذ إن سماعه يعني ضمنًا إقراره لسريان هذا الداء الخطير، وهذا مدخل كبير للشيطان من شأنه أن يوقع العداوة والبغضاء بين أفراد الجماعة ثم إن المسئول، ولا شك سيتغير قلبه نحو بعض الأفراد نتيجة ما نقل عنهم وتهتز الثقة فيهم وينعكس ذلك على العمل، فالأفضل ألا يستمع المسئول إلى غيبة أو نميمة، وقد وجهنا الرسول إلى هذا المعنى الذي يقول فيه: "لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئًا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر" (رواه البخاري).   ولعل أسلوب المواجهة يعين على وقف هذا الداء وعدم تكراره أو انتشاره.   11- التهيؤ لتبادل المراكز بين القائد والجندي: أعني استعداد القائد إذا أعفي من مسئوليته، وصار جنديًّا أن يتقبل ذلك بكل رضا ورحابة صدر، وألا يضيق أو يتبرم بذلك، أو يعتزل، أو غير ذلك من التصرفات السيئة, فالعمل في الجماعة في أي موقع هو عبادة والقبول والثواب فيه بقدر إخلاص الوجهه لله وبذل الجهد وكل موقع عمل يعتبر ثغرة يلزم سدها وعليه أن يلزم نفسه بالسمع والطاعة لمن صار تحت قيادته، ولو كان أحد مرءوسيه السابقين.   وعلى القائد أن يدرب مرءوسيه على تحمل المسئولية كي يؤهلهم لها عندما يخلو مكانه بسبب أو بآخر ويشعر بالفرح والسعادة عندما يجد من بين من هو مسئول عنهم من يصلح أن يكون قائدًا  أو مسئولاً.   تلك هي الواجبات بل التكليفات التي يجب على القائد القيام بها على أكمل وجه، وإذا قصَّر يتهم نفسه بالتقصير فإن الأفراد الذين هم مسئولون منه أمانة في رقبته أمام الله أولاً, ثم المستوى الأعلى, فليحرص كل الحرص على تربية وتوجيه كل فرد وليغرس فيه كل معاني الإسلام الراقية ليصبح فردًا مسلمًا لينشئ مجتمعًا مسلمًا ودولةً مسلمة، ليصل إلى الخلافة الإسلامية بل أستاذية العالم كله.   محاذير يجب الابتعاد عنها أولاً: عدم تذكير الأفراد بتجديد النية أول الجلسات.   ثانيًا: خشونة الأسلوب وعدم الرفق بالأفراد.   ثالثًا: عدم انتظام اللقاءات الأسبوعية لانشغاله الخاص.   رابعًا: استخدام التبرير لإقناع نفسه والآخرين أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان.   خامسًا: التعامل مع البعض أو إهمال الآخرين.   سادسًا: عدم السؤال عن مشاكل الفرد كل واحد على حدة مع إعطاء الفرد الوقت المناسب لمشاكله.   سابعًا: التطلع للقيادة والثقة الزائدة بالنفس.   ثامنًا: تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة للجماعة.   تاسعًا: الاعتذار المتكرر عن عدم الحضور مع عدم وجود العذر الضروري الأهم.   عاشرًا: عدم فهم المسئول أنها تكليف وليست تشريفًا. ----------- المراجع: 1- مجموعة الرسائل: الإمام البنا. 2- القائد القدوة: مصطفى مشهور. 3- الدعوة قواعد وأصول: جمعة أمين 4-التربية السياسية عند الإخوان: عثمان عبد المعز. 5- من آداب الأسرة: عبد الله الخطيب. 6- المنهج الحركي للسيرة النبوية: منير الغضبان. 7- ماذا يعني انتمائي للدعوة: محمد عبده.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل