المحتوى الرئيسى

آخر الأخبار:استئناف دوري كرة القدم المصري بين المخاوف الأمنية والأمل في استعادة الثقة

04/13 15:28

أحداث الشغب في مباراة الزمالك والأفريقي التونسي اليوم .. تعود الحياة من جديد إلى رياضة كرة القدم المصرية مع استئناف الدوري العام للمرة الأولى بحضور الجماهير منذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير الماضي. كان النشاط الكروي ، وغيره من الأنشطة الرياضية قد توقف مع أحداث الثورة وما واكبها من غياب أمني ، وانشغال الشعب بأمور رأي الجميع أنها أكثر أهمية من الرياضة. ولكن نظرا لأن كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى والأكثر جماهيرية في مصر فإن غيابها عن الساحة في تلك الآونة كان ضرورة أمنية بالمقام الأول. ولم يجادل أحد في أن تجمع الآلاف من المشجعين في مدرجات الملاعب المصرية وسط أجواء مشحونة بمختلف المشاعر المناهضة لنظام الحكم السابق في مصر والمؤيدة له ، ومشاعر الرغبة في دعم الثورة أو ضربها فيما اصطلح على تسميته بالثورة المضادة هو مغامرة ليست مأمونة العواقف. ولم يسمع الشعب المصري عن كرة القدم في بلاده سوى في مباراتين كانتا بمثابة النكبات الكفيلة بجعل المصريين ينفرون من كرة القدم أكثر مما ينجذبون إليها باعتباره وسيلة لتنفيس بعض ما يقاسونه من مصاعب . انكسارات كروية النكبة الأولى مباراة منتخبي مصر وجنوب أفريقيا في السادس والعشرين من مارس الماضي ضمن التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الأفريقية في غينيا الاستوائية والجابون في العام القادم 2012 . وكانت المباراة تمثل القشة الأخيرة التي يمكن أن يتعلق بها المنتخب المصري حامل اللقب كي تكون له أي فرصة حقيقية للمشاركة في تلك البطولة التي يحمل لقبها في النسخ الثلاث السابقة .فقد لعب المنتخب المصري مباراتين قبل تلك المباراة خسر واحدة وتعادل في واحدة وأصبحت له نقطة واحدة من ست نقاط . ولم يعد أمامه سوى الفوز على جنوب أفريقيا كي ينعش آماله في المنافسة من جديد. ولكن المصريين خسروا المباراة خارج أرضهم بهدف في اللحظة الأخيرة ، وكان ذلك بمثابة الصدمة للمصريين الذين ربما راودهم الأمل في أن يكون الفوز ببطولة الأمم الأفريقية الرابعة بمثابة الجائرة التي يقدمها المنتخب المصري لجماهير ثورة الخامس والعشرين من يناير ، وأن يضيف فرحة جديدة إلى أفراح الثورة ، وزاد من محنتهم تصريحات أطلقها مدرب المنتخب المصري هاجم فيها الثورة وأعلن تأييده للرئيس السابق حسني مبارك ، وهو ما اعتبرته جموع المصريين موقفا مناهضا لثورتهم من حسن شحاته ، وقد تداعت إلى ذاكرتهم علاقة الود القوية التي كانت تربط حسن شحاته مع الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال .وكان من جراء تلك الهزيمة تعالي الأصوات المطالبة بحل اتحاد الكرة وتسريح المنتخب وإقالة جهازه الفني والبدء من جديد في إعادة بناء هيكل كرة القدم المصرية . وجاءت النكبة الثانية، والتي كانت الأقسى والأكثر إيلاما ، في مباراة فريقي الزمالك المصري مع الأفريقي التونسي في إطار دوري أبطال أفريقيا، وهي المباراة التي أقيمت على استاد القاهرة في الثاني من أبريل الجاري . الزمالك كان قد منى بخسارة ثقيلة في مباراة الذهاب في تونس بأربعة أهداف مقابل هدفين ، وبات عليه أن يفوز بهدفين نظيفين في القاهرة حتى يتجاوز دور الاثنين والثلاثين . وقبل نهاية المباراة بدقيقة وعندما كان الزمالك متقدما بهدفين مقابل هدف ، أحزر مهاجمه أحمد جعفر هدفا ألغاه الحكم بداعي التسلل، وكان الهدف في حالة احتسابه كفيلا بصعود الزمالك وخروج الأفريقي التونسي من البطولة . وفي مشهد لم تعرف له ملاعب كرة القدم المصرية مثيلا من قبل ، اندفع مئات المشجعين ، ثم الآلاف ، وهم مسلحون بالعصى والأسلحة البيضاء ، إلى أرض الملعب محطمين كل شئ في طريقهم ، واعتدوا على لاعبي الفريقين والحكم ثم تحولوا إلى منشآت الملعب فعاثوا فيها تكسيرا وتدميرا وسط غياب كامل من أجهزة الأمن التي بدا وكأنها قررت الابتعاد عن ذلك المشهد إيثارا للسلامة . وبعد ما يقرب من ساعة من الفوضى الشاملة تم إخلاء الملعب وبدأ المصريون يعيدون النظر في جدوى كرة القدم في تلك المرحلة من ثورتهم. اتهامات متبادلة وفي زحام التحقيقات التي أعقبت الحادث ، ترددت أقاويل بأن الهجوم على الملعب كان مدبرا من قبل بفعل قوى تستهدف ضرب الثورة المصرية وإفشال كل محاولة لتحسين صورة الاستقرار في مصر ، وأن أبواب الاستاد الداخلية تركت مفتوحة عن عمد لتمكين أعداء الثورة من النزول إلى الملعب . وجهة النظر هذه تبنتها وزارة الداخلية التي قالت إن الهجوم على استاد القاهرة كان من أعمال الثورة المضادة وإن إمكانات الوزارة في تلك المرحلة لم تكن تسمح بتأمين أكبر مما كان موجودا بالفعل ، وهو قليل. وعلى الجانب الآخر اتهم البعض مدرب الزمالك حسام حسن وشقيقه التوأم ابراهيم بإثارة الجماهير لإفساد المباراة بعد أن ايقن أن وقت المباراة اوشك على النهاية دون أمل في إحراز هدف السبق على الأفريقي التونسي ، وقد سبق للتوأم المصري أن هددا بذلك ردا على نزول مشجع تونسي واحد ارض ملعب رادس في مباراة الذهاب في حادث لم يؤثر بحال من الأحوال في مسيرة المباراة أو نتيجتها . وكان أول قرار لرئيس الوزراء المصري هو الاعتذار لتونس حكومة وشعبا عما حدث ، وتلاه قرار بوقف نشاط كرة القدم في مصر لحين إشعار آخر . ومع التوقف ثار من جديد الحديث عن مستقبل الاتحاد المصري لكرة القدم وعلى رأسه سمير زاهر ، وهو اتحاد لولا بطولات أفريقيا الثلاث التي أحرزها المنتخب المصري في عهده لكان قد سقط بفعل الأزمات والإخفاقات الكثيرة التي واكبت عهده وكان أبرزها وأكثرها قسوة فشل مصر في استضافة كأس العالم لكرة القدم في نسختها الأخيرة التي أقيمت في جنوب أفريقيا ، ولم تحصل مصر في التصويت على تلك البطولة سوى على صفر من الأصوات فيما بات يعرف على سبيل التندر "صفر المونديال". وفجأة قررت الحكومة المصرية ، وبالتشاور مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر استئناف بطولة الدوري العام المصري بكل درجاته اعتبارا من الخميس 14 أبريل مع تعهدات صريحة وقوية من الشرطة بتأمين كافة المبارايات . والواقع أن قطاعات عريضة في مصر تحتاج كرة القدم ..فهي مصدر الدخل الأساسي للأندية وخاصة الصغيرة منها والتي تنتظر مباراياتها مع الفرق الكبيرة لاجتذاب جمهور يسهم بما يدفعه في التذاكر في استمرار وجود تلك الأندية ، أما الأندية الكبيرة فهي بدورها تسعى لاستعادة ما كانت تحصل عليه من عوائد بث مباراياته على شاشة التفلزيون المصري . وهي أيضا مصدر الرزق للاعبين الذين وإن كانت دخولهم مرتفعة من عقودهم مع أنديتهم إلا أنهم ينتظرون بصبر نافد مكافآت الفوز وأحيانا التعادل .. ويرون أن توقف الكرة يخفض لياقتهم ويهدد بإبعاد عيون سماسرة الإحتراف عن الملاعب المصرية . واتحاد الكرة بدوره يشعر أن توقف كرة القدم على مستوى الأندية يجعل الاتحاد فاقدا لمعنى وجوده ، كما أن إخفاقات المنتخب تعزز هذا الشعور وهو ما يؤيد الأصوات المطالبة بحل الاتحاد والكشف عما يقال إنه يخفيه من فساد كان يتستر وراء البطولات الأفريقية الثلاث . ولكن قضية استئناف النشاط الكروي المصري كان لها أيضا بعدها الأمني والسياسي . فبعد الاتهامات والاتهامات المتبادلة لوزارة الداخلية بالفشل في مباراة الأفريقي التونسي ، كانت وزارة الداخلية المصرية حريصة على استعادة الهيبة الضائعة من خلال التعهد بالتأمين الكامل لمباريات الدوري. واعتبرت الوزارة أن ظهورها القوي في تلك المبارايات سيكون مناسبة مهمة لتأكيد عودة الشرطة للقيام بدورها بعد الغياب المريب لذلك الدور ، واستمرار ابتعاد رجال الشرطة عن جمهور المصريين بصورة كبيرة حتى اليوم . وعلى الصعيد السياسي يبدو أن الحكومة المصرية أدركت أن واحدا من أهم دلائل عودة الحياة إلى طبيعتها في مصر هو عودة كرة القدم التي هي جزء من حياة الشعب المصري. وقرر عصام شرف خوض تلك المغامرة علها تنجح في أن تعيد للمصريين شعورا بالأمن في دولتهم بعد الهزة العنيفة في ذلك الشعور مع أحداث الثورة. ولكن قرار استئناف الدورية لم يعدم معارضة قوية من بعض الخبراء . وقد أجمع هؤلاء على أن مصر مازالت غير مؤهلة من الناحية الأمنية لمثل ذلك النشاط الذي يجمع عشرات الآلاف من المشجعين في مكان واحد، مما يعني تسهيل فرصة الاندساس وسطهم للقيام بعمليات تخريبة تخدم أهداف الثورة المضادة . كما يرى بعض الناشطون أن الشعور الوطني الجارف الآن في مصري لا ينبغى تشتيته بدعوة الجماهير للذهاب إلى الملاعب في كل يوم جمعة بدلا من الذهاب إلى ميدان التحرير . و

Comments

عاجل