المحتوى الرئيسى

فخ أنتى بيوتك أم الفلول

04/12 13:17

زمان .. عندما كنت لا أزال مغفلاً صغيرا وغضاً غريرا .. أصبت بنزلة برد قاسيه وجدت نفسى على إثرها طريح السريرا .. و بينما أنا همدان و تعبان و زهقان و جسمى كله واجعنى .. أخذت أتقلب فى السرير بحثاً عن الوضعيه الأكثر راحه و التى يمكننى من خلالها أن أنام لأتناسى ذلك التعب الرخم ولو لفتره مؤقته .. و فجأه رأيتها .. كانت العلبه هناك على الكومودينو تفغر فاهها فى وجهى .. بينما شريط الحبوب البارز منها أشبه بلسان يغيظنى .. و يعايرنى بأنه يمتلك الحل الناجع والسر الباتع  لنزلة البرد التى أعانى منها .. كانت علبة الأنتى بيوتك التى تركها الدكتور بجانبى على الكومودينو تحدق فى وجهى الشاحب و جسدى الهزيل .. بينما يحتوى دستور التعامل معها على ماده وحيده كتبها الدكتور على جانب العلبه تنص على أنه .. "حبايه كل 6 ساعات" .. أخبرنى الدكتور وقتها أنه لكى يؤتى الأنتى بيوتك ثماره ينبغى أن يتم الإلتزام بذلك التتابع الزمنى الذى هو كل 6 ساعات .. و لكن عقلى الطفولى المراهق الأرعن عديم الخبره و التجربه أخبرنى بأشياء أخرى خالص غير تلك التى أخبرنى بها الدكتور .. أخبرنى بأنه إذا كانت حبايه كل 6 ساعات كفيله بإبعاد ميكروب البرد اللعين فى أسبوع .. إذن .. لماذا لا أتناول حبايه كل ساعه و على الصبح بكتيره أكون خفيت .. بل لماذا أصلاً لا أتناول 6 حبوب مره واحده و أجيب من الآخر و أخف بعد ربع ساعه .. مش بعد أسبوع ؟! و هكذا حزمت أمرى .. و إتخذت قرارى .. و استمعت إلى ما أخبرنى به عقلى الأرعن .. و رميت وراء ظهرى ما أخبرنى به الدكتور !فى الصباح كان الوضع كالتالى .. كنت أمسك بطنى و أنا أتلوى من الألم بينما أخى يمسك بى و يحاول جعلى أشرب من شفشق كبير يحتوى على ميه بملح فى محاوله سريعه منه لإنقاذى من حالة التسمم التى نتجت عن قرارى المسائى النزق و الأرعن و الذى ضربت على إثره جرعة أنتى بيوتك أكثر بكثير من الجرعه التى كان ينبغى على أن أضربها إعتقاداً منى فى أننى كده .. حاخف أسرع .. و منذ ذلك الحين و أنا أعلم تلك القاعده الدوائيه الهامه التى تنص على أنه كما أن الراجل مش بس بكلمته .. الراجل برعايته لبيته و أسرته .. فإنه أيضاً الأنتى بيوتك مش بكترته .. الأنتى بيوتك بالمواظبه على مواعيده و جرعته !لهذا .. و بينما مصر الجميله التى لم تتعافى بعد من الميكروب الذى ألم بها لمدة 59 سنه كامله من الفساد و التخلف و الجهل لا تزال تتناول جرعتها العلاجيه من الأنتى بيوتك كل يوم جمعه على هيئة حبايه مليونيه شعبيه مدنيه من التجمهر المتحضر بميدان التحرير للتأكيد على مطالب الثوره و على عدم السماح بالإلتفاف عليها .. تفتق ذهن البعض عن نفس السؤال الذى سألته لنفسى زمان .. إذا كانت حباية التواجد المليونى بميدان التحرير كل جمعه كفيله بالقضاء على ميكروب فلول النظام السابق اللعين و اللعينه فى سنه .. فلماذا لا نتناول تلك الحبايه الميدان تحريريه كل يوم و نخف فى شهرين فقط بدلاً من سنه بحالها ؟!و فى هذا الصدد إسمحوا لى حبيباتى القارئات أعزائى القراء أن أرتدى البالطو الأبيض والسماعه الطبيه و أعملكوا فيها دكتور و أجيب على السؤال ..مبدئياً .. ما الذى تفعله حباية الأنتى بيوتك فى جسد المريض ؟ تحتوى حباية الأنتى بيوتك على قوه دفاعيه من شأنها صد و رد هجمات قوات كتائب الميكروب و تحديد إنتشارها فى الجسد .. و فى حالة زيادة تلك الجرعه الدفاعيه عن حدها سوف تتحول من قوة ردع عاقله إلى قوة قتل غشيمه .. لتجد نفسك بدلاً من الشفاء من ميكروب فلول النظام السابق مطالباً بعمل غسيل معده عاجل للشفاء من تسمم زيادة جرعة العلاج عن حدها المطلوب !طيب .. هل ما حدث على مدار التمنتاشر يوم قبل التنحى يعد جرعه علاجيه زائده .. و إذا كان يعد كذلك فلماذا أسفر عن التنحى و ليس عن التسمم ؟! ما حدث على مدار التمنتاشر يوم قبل التنحى هو ما نستطيع أن نطلق عليه فى عالم الطب .. جرعة التحميل .. و هى الجرعه الزائده بشكل إستثنائى و التى ينبغى أن يأخذها المريض فى بداية العلاج لوقف إنتشار الميكروب قبل أن يتابع علاجه بعد ذلك وفقاً لجرعه محدده من الأنتى بيوتك .. إذا قلت عن حدها تصبح مالهاش لازمه .. و إذا زادت عن حدها تصبح قاتله !لهذا .. لا تحولوا الدواء إلى داء .. و اعلموا جيداً أن هدفنا الرئيسى الآن هو أن تعود مصر إلى و ضعها كأم شرعيه و تاريخيه للدنيا بعد أن تحولت على أيدى هؤلاء الهمج الذين حكموها لمدة سنين و سنين من "أم الدنيا" إلى "أم الفلول" .. و اعلموا أن سبيلنا الوحيد للقضاء على تلك الفلول هو إستخدام العقول .. و الحفاظ على ذلك الفارق الطفيف و تلك الشعره التى لا تكاد ترى و التى تفصل بين "إنتقاد الجيش" و "الإصطدام بالجيش" .. و اعلموا أن ذلك الحديث الصوتى الذى طرشه فى آذاننا الرئيس المخلوع مبارك ما هو إلا فاصل من فواصل لعبة الحرب النفسيه التى لا يملك النظام السابق و فلوله و أتباعه و ألاضيشه و دلالديله و بلطجيته سواها الآن .. هذا و إلا سوف تواصل الأموميه المصريه تحولاتها و انحدارها .. و بعد أن تحولت من "أم الدنيا" إلى "أم الفلول" .. سوف تتحول من "أم الفلول" إلى "أم الخلول" .. و سوف يصبح هذا التحول أوضح إذا ما لاحظنا تلك اللعبه اللغويه و العلامه السماويه المتمثله فى أن الفارق بين الكلمتين يكمن فى حرفين فقط .. "الفاء" و "الخاء" .. و أن هذين الحرفين يكونان كلمة "فخ" .. فخ ينبغى أن نحرص جميعاً على ألا تقع مصرنا الجميله فيه  !   

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل